طارت العصفورة إلى جرن القمح الواسع ، وراحت تلتقط الحب وهي فرحانة راضية ، ورأت على البعد فأرًا ، فطارت إليه ، وقالت له : هل تلعب معي يا صديقي الفأر ؟ فابتعد الفأر بوجهه عنها وهو حزين ، لكن العصفورة اقتربت منه وقالت : ماذا بك يا صديقي الفأر ؟ أراك حزينًا ، فقال الفأر : اتركيني وحدي لحالي ، لكن العصفورة لم تتركه وظلت تسأله عن سبب حزنه ؛ حتى أخبرها عن السبب .لقد كان الفأر يريد أن يأكل من ثمار شجرة قريبة ، ولكنها عالية الأغصان ، كما أن ساقها أملس ناعم ، وهو لا يستطيع أن يصل إلى ثمارها اللذيذة ، فقالت له العصفورة : لا تحزن ، سأساعدك وأطير إلى أعلى الشجرة وأسقط لك من الثمار ما تشاء .أكل الفأر حتى شبع ثم نادى على صديقته العصفورة ، فنزلت إليه فشكرها وسألها كيف يرد لها الجميل ، فقالت له : يكفي أننا أصبحنا أصدقاء ، ومن يفعل الخير لا ينتظر الجزاء ، ومرت الأيام وفي يوم من الأيام ، عادت العصفورة إلى عشها كالعادة ، فشاهدت ثعبانًا يقترب من العش ، فخافت العصفورة على عشها وعلى بيضها وصرخت في جزع : ابتعد أيها الثعبان ؛ حراٌم عليك !لم يهتم الثعبان بكلام العصفورة وهدم العش وأكل البيض الذي فيه ، وحزنت العصفورة وبكت ، أما الثعبان فقد التف حول أحد الفروع ونام بعد أن أكل وشبع وترك العصفورة تبكي وتفكر ماذا تفعل ؟ نظرت العصفورة إلى الأرض ، فشاهدت على البعد نمرًا كبيرا يقترب من الشجرة .لقد كان النمر متعبًا ؛ لذلك تمدد تحت الشجرة ونام ، نظرت العصفورة إلى الفرع الذي ينام عليه الثعبان ، ونظرت أيضا للنمر الذي ينام على الأرض فلاحظت أن الفرع الذي ينام عليه الثعبان فوق النمر مباشرة ، فلو تمكنت من قطع الفرع ؛ فإن الثعبان سيسقط على النمر ، تذكرت العصفورة صديقها الفأر فطارت بسرعة إلى جرن القمح الواسع ، وبحثت الفأر حتى وجدته ، وحكت له كل ما حدث ، وعرضت عليه أيضًا فكرتها التي يمكن أن تقضي بها على الثعبان.وطلبت العصفورة من الفأر أن يأتي معها ليقرض الفرع الذي ينام عليه الثعبان ، فوافق الفأر وسار معها ، ولما وصلًا تقدم الفأر نحو الشجرة فوجدها شجرة غليظة وخشنة فتسلقها بسهولة ، وعند وصول الفأر إلى الفرع الذي ينام عليه الثعبان ، بدأ يقرض الفرع بنشاط وقوة ، ولكن بهدوء وحذر .وفجأة سقط الفرع وسقط معه الثعبان على النمر النائم فاستيقظ النمر مفزوعًا ، ووجد الثعبان أمامه فقتله في الحال ، لقى الثعبان الظالم جزاءه وشكرت العصفورة صديقها الفأر ، وبدأت تجمع القش من جديد لتصنع عشًا جديدًا وتستمر الحياة.