خرجت الحروف الهجائية في مظاهرة ضد حرف الألف تهتف بإبعاده ، فوقف حرف الألف حزينًا مما سمع ، فذهب إلى أشقاءه الحروف ليستفسر وقال لهم لماذا يا أخواتي تقفون مني هذا الموقف ، هل أذيتكم هل أزعجتكم فقال الجيم نحن لا نحبك وقال حرف الواو لا نريدك فتسأل الألف لماذا ، فقال أحدهم لأنك تختلف عنا فأنت مرفوع الرأس مستقيم الظهر فنحن يا حسرتنا أنظر إلى أشكالنا .ثم جلست الحروف تفكر في ما تستطيع أن تفعله إلى أن توصلت إلى حل مناسب جعلها ترقص فرحًا ، فقد اتفقت فيما بينها أن تذهب لحداد مسعود لكي يقومها ويسويها ، ويصلح الحال المطرقة والسمداد فتصبح مستقيمة كحرف الألف تمامًا ثم قالوا أنها فكرة جيدة ، ووافق الحداد على اقتراح الحروف ، وسُر لأنه سوف يجني من وراء عمله هذا مبلغًا لا بأس به من المال ، وقال لهم أنتم سبعة وعشرون حرفًا عدلًا قسموا أنفسكم لستة مجموعات في صباح كل يوم تأتي مجموعة منكم .وبدأ العمل يوم السبت ذهبت إليه الباء والتاء والثاء والحاء والخاء والجيم ، ويوم الأحد ذهبت إليه الدال والذال والراء والزاي ، أما يوم الاثنين فكان من نصيب الشين والسين والصاد والضاد ، والطاء والظاء والعين والغين بقوا إلى يوم الثلاثاء ، وتم تخصيص يوم الاربعاء للفاء والقاف والكاف واللام ، أما الخميس وهو نهاية الأسبوع كان لبقية الحروف الميم والنون والياء ، تغيرت أشكال الحروف كشكل الألف الذي حزن لحاله وتغير للتغير الجذري التى آلات إليه الأمور ، ثم سأل الألف الأحرف التي صارت تشبه ، كيف ستميزون بعضكم ، وما هي أسمائكم الجديدة وحين ذهبت الأطفال المدارس يردون تحضير الدروس ، ولم يستطيعوا أن يقرأوا أو يكتبوا شيئًا .فلم يكن أمامهم أي حروف إلا حرف واحد ولا يستطيعون أن يصيغون بواسطة كلمة واحدة ، وقف المعلمين والمعلمات مكتفين الأيدي عاجزين عن إعطاء المعلومات للطلاب ، وكذلك الأدباء والكتاب كان حالهم كحال الذي مُنع عنه الطعام ، وبعد حين من الزمن ملت الحروف وضعها فقد فقدت أسمائها وأشكالها ولم يعد الحرف يعرف أخاه أو يميزه ، وعندما يتصادم بيه أثناء سيره يقول له من أنت ، وما أسمك فلا يعرف ذاك الأخر بما يجيب ، وتأذى الحداد مسعود من الوضع مثلما تأذى جميع الناس .فقد نسي أبنه القراءة والكتابة بعدما أغلقت مدرسته باباها ، كباقي المدارس ، وقال لو كنت أعرف نتيجة صناعتي ما قمت به ولو قدموا لي كنوز الدنيا كلها ، وظل الحداد ليلًا يفكر فقال له أبنه ما رأيك يا ولدي أن تقترح على الحروف أن تعيد لها شكلها ، فقال له وهل تقبل يا ولدي فقال جرب ولنرى ، فاتجه مسعود إلى الحروف فرأها تتخبط بعها ببعض ، ووحده حرف الألف الحقيقي كان يقف على بعد وينظر إلى الأحوال التي توصل لها أخوته بسبب جهلهم وعدم إدراكهم .وقال له أيها الألف العاقل تعالي معي نحاول إقناع أخوتك بالرجوع إلى أشكالهم الأولى ، وأنا على استعداد أن أقوم بهذا العمل دون أجر أو تعويض ، فرح الألف بمبادرة الحداد وراح للحروف ، وعادت الأمور إلى مجراها الطبيعي .