قديمًا في إحدى القرى الفقيرة ، كان هناك رجلٌ عجوزٌ فقير يعيش بتلك القرية ، ورغم فقره هذا كان الملك يغار منه ، لأنه يمتلك حصانًا أبيض جميل لا مثيل له ، وقد حاول الملك شرائه مرارًا وتكرارًا لكن دون جدوى .فرغم ما عرضه الملك عليه من سعر رائع ، إلا أنه رفض قائلًا : إنه ليس مجرد حصان عادي بالنسبة لي ، إنه صديقي فكيف يمكن أن أبيع صديقي ، اعذرني يا مولاي فهذا أمر مستحيل .وفي صباح أحد الأيام عندما ذهب العجوز إلى مكان الحصان لم يجده ! فانتشرت الأخبار في القرية كلها وتجمع أهلها حول منزله ، وأخذوا يقولون له يا لك من رجل عجوز غريب ، الكل كان يطمع في حصانك الجميل ، وكان من الطبيعي أن يسرق في يوم مًا .لماذا لم تبعه بالسعر المغري الذي عرض عليك ؟ ها هو الآن قد ضاع وضاعت معه الثروة الكبيرة ، فقال لهم الرجل العجوز بصبر وإيمان كبير : كيف لكم أن تعرفوا إن كان في رحيل الحصان سوء حظ أو خير لي ؟ فتعجب الناس من رده وقالوا له : لا تخدعنا وتخدع نفسك لقد خسرت كنزك ، وهذا بالتأكيد سوء حظ .فقال الرجل بنفس الثبات : كل ما أعلمه الآن أن الحصان لم يعد موجود ببيتي ، وغير ذلك لا أعلم فمن يدري ماذا تحمل الأيام المقبلة ، سخر الناس من حديثه وضحكوا عليه ثم انصرفوا ، وتركهم يتعجبون من جنونه ، كيف يرفض بيع الحصان الذي كان سيجعله رجلٌ ثري ، يحيا حياة أفضل من تلك التي يعيشها .وبعد أيام قليلة عاد الحصان من البرية ومعه الكثير من الأحصنة من نفس السلالة ، فتجمع أهل القرية عند بيت العجوز مرة أخرى ، وأخذوا يقولون له : لقد كنت علي حق ونحن كنا المخطئون ، إننا نأسف كثيرًا على حكمنا عليك ، فرحيل الحصان لم يكن سوء حظ .فبفضله لديك الآن خيولٌ كثيرةٌ أكثر جمالًا وقوة ، ويمكنك الاستفادة منهم من خلال تدريبهم وكسب المزيد من الأموال ، فأجاب الرجل العجوز عليهم مرة أخرى بنفس الرد : من يدري إن كان كثرة الخيل نعمة أم لا ، فأنا لا أعلم .تعجب أهل القرية للمرة الثانية من ردة فعل العجوز ، فرغم امتلاكه كل تلك الخيول لا يبدو سعيدًا ، وبعد عدة أيام بدأ ابن الرجل العجوز في تدريب تلك الخيول ، ولكن أثناء قيامه بذلك سقط من على أحد هذه الخيول البرية ، وكسرت ساقية فلما سمع الناس هذا الخبر ، قالوا له : لقد كنت على حق ونحن المخطئون .فكثرة الخيول لم تكن نعمة لأن بسببها أصيب ابنك الوحيد الذي كان يعينك في كل الأمور ، وأخذ يواسونه على سوء حظه فقال لهم بنفس الإيمان الراسخ : إن ابني فقط رجليه مكسورتان ، من يدري ما إذا كان هذا سوء حظ أو نعمة ؟كالعادة غادر أهل القرية وهم متعجبين من ردة فعله الصابرة علي البلاء والراضية بكل قضاء ، حتى مر شهر اندلعت بعده الحرب ، فاضطر كل شباب القرية للانضمام إلي الجيش ، وكان الجميع يبكون على رحيل أبنائهم .وذهبوا إلى الرجل العجوز قائلين له : لقد ذهب أبنائنا إلي الأبد أما أنت فابنك سيعيش معك علي قيد الحياة بسبب إصابته تلك ، وكعادة الرجل العجوز الصابر قال لهم : لا أحد يعرف إن كان ما انا فيه نعمة أو سوء حظ فالله سبحانه وتعالى وحده يعلم الخير متى وأين سيحدث لنا .فهكذا هي حياتنا عندما يريد بنا الله الخير سيحدث وعندما يريد الشر سيحدث ، لذا لا ينبغي لنا ان نحكم على الأشياء حسبما نراها ، فنحن لا نعلم ماذا سيأتي بعد ذلك ، ولكن الله سبحانه وتعالى وحده من يعلم الغيب ويسير الأمور.القصة مأخوذة The Old Man Replied