تحدثنا كثيرًا عن قيمة التعاون ، وأنها الأساس الذي يمكن لأي أفراد أن يرتقوا ويدافعوا عن بعضهم البعض ، ويساعدوا أنفسهم أيضًا إذا ما استخدموها بالكيفية الصحيحة ، وأبسط قواعد التعاون الصحيح هو العدالة ، سواء في كيفية المساعدة أثناء توزيع المهام ، أو العدالة في توزيع المكسب إذا ما أثمر التعاون عن مكاسب ملموسة ، وهذا هو أساس قصتنا .في الغابة الجميلة ذات الأشجار العالية ، وقف الثعلب الماكر بطبعه ، برفقة النملة الصغيرة السوداء ، وقال لها أن الأرض المجاورة لهما فاغرة ، ومن يستطيع أن يزرعها ويحصد ثمارها ، فهو بالتأكيد من فاز بالثمار الطيبة ، فمن جد وجد ومن زرع حصد .فكرت النملة قليلاً وقالت للثعلب ، أن كلامه صحيح تمامًا وأن الله يرزق العبد المجتهد ، فلكل مجتهد نصيب ، وأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً ، لذلك عليهما أن يعملا بجد وتعب ، فعلى قدر العمل سوف يرزقهم الله .هنا تحمس الثعلب وقد اعتقد أنه الأذكى ، وقال للنملة الصغيرة أنتى الآن يا نملولة ، اقتنعتي بأننا يجب علينا زراعة تلك البقعة من الأرض الخصبة ، فما رأيك بالتعاون معي في زراعتها ، ثم نقتسم المحصول سويًا ، فوافقت النملة نملولة بعد أن فكرت قليلاً ، وقالت له هيا بنا نعمل سويًا ونجني ثمار عملنا ، فابتسم الثعلب الماكر بلؤم شديد ، وقال لها أنه موافق .مرت الأيام والنملة نملولة تعمل بجد ، وتعب حيث قامت بوضع البذور في الأرض الخصبة الطيبة ، وظلت تعتني بها كل يوم وترويها من آن لآخر ، وتحذر الحشرات من الاقتراب من بذور القمح التي زرعتها ، في حين ظل الثعلب الماكر يتمارض فتارة يقل أن ساقه تؤلمه ، وتارة أخرى يتحجج بأن معدته تؤلمه ، حيث تناول وجبة فاسدة بالأمس ، وظل الثعلب الماكر على حاله حتى بدأ يلاحظ بأن ثمار القمح ، قد بدأت في الخروج إلى النور ، وأن مجهود النملة نملولة قد أتى ثماره بالفعل ، فقال لنفسه كم هي مجتهدة تلك النملولة ، وظن أنه بذكائه ومكره يستطيع أن يستولي على شقائها بسهولة .أتى الثعلب بعد أن صار محصول القمح ناضجًا ، وكادت النملة نملولة أن تجمعه حقًا ، فأخبرها الثعلب أن محصول كهذا تمت العناية به جيدًا يجب أن يحصل عليه فرد واحد ، واقترح عليها أن يركضا نحو الحقل ، بعد أن يقفا على خط بداية واحد ، ومن يصل أولاً يحصل هو على المحصول كاملاً ، ففكرت النملة نملولة قليلاً ثم ابتسمت وأخبرته بموافقتها .وقف الثعلب ونملولة على خط البداية ، ثم أطلق الثعلب صافرة الانطلاق وانطلق يركض بأقصى سرعته ، وهو يظن أن نملولة لن تلحق به قط ، فجلس قرب خط النهاية يرتاح قليلاً فنملولة بطبيعى سرعتها البطيئة للغاية ، لن تستطيع الركض بنفس سرعته ، ولكنه عندما أتى إلى خط النهاية وجد نملولة تلقي عليه التحية ، وتبتسم بشدة وتسأله أين ذهب فهي تنتظره منذ وقت طويل .اندهش الثعلب وسألها كيف سبقته إلى الحقل ، فأجابته نملولة ضاحكة أنها قد تعلقت بذيله ، وعندما جلس يستريح ، قفزت هي من فوق لتصل بالكاد إلى خط النهاية ، وعندما أطال الجلوس كانت هي قد وصلت بالفعل .