خرج أحمد من منزله متجهًا صوب منزل رفيقه عماد والذي اعتاد على الذهاب إليه من حين لآخر ، وفي منزل عماد شاهد أحمد الكثير من الطوابع التي أعجبته بشدة ، فهو واحد من هواة جمع الطوابع البريدية ، ولديه ألبومًا كاملاً يحوي الكثير منها من كافة أنحاء العالم وليس هنا فقط ، وقد أعد عماد غرفة خاصة له ، يضع بها كل ما يخصه من هذه الأشياء ، وقد صنعها على هيئة كوخ صغير ، بمساعدة والده في حديقة المنزل .وكان أحمد قد ذهب إلى عماد ، حيث بدأت الإجازة الصيفية ، فجلسا يتحدثان سويًا ويستفيدا من خبرات ، بعضهما البعض في جمع الطوابع ، وتعزيز هوايتهما المشتركة ، وكانت المكتبة التي أسسها عماد تحوي الكثير من الألبومات الخاصة بالطوابع ، إلى جانب ألبومات تروي قصص اختراع الطوابع البريدية ، وقصة البريد وعالم الطوابع ككل ، وبعض الطوابع الملونة ، التي وضعت بطريقة غاية في الجاذبية ، وتحت كل منها تاريخ الطابع ، واسم الدولة التي يتبعها .كان أحمد منبهر بشدة مما يراه ، وسأل عماد صديقه عن المصدر ، الذي جمع من خلاله هذه الطوابع ، فأخبره أن له أصدقاء مراسلات ، يتبعون المجلات والكتب التي يقرأها ، فهو يستفيد من المعلومات المنشورة بها .وأيضًا يراسل أصدقاء المجلة ويكون صداقات ممن يحملون نفس هوايته فانبهر به أحمد بشدة وأخذ يقلب في صفحات ، إحدى المجلات التي وضعت أمامه ، ولفت نظره بعض المعلومات القيمة ، التي تردد كثيرًا في سؤال عماد بشأنها ، ولكنه صديقه ولن يبخل عليه بالمعلومة ، خاصة أنهما يتمتعان بنفس الهوايات المشتركة .هنا جلس أحمد أمام رفيقه الوفي ، وسأله دون تردد أرغب في معرفة معنى كلمة بريد ، فأجابه عماد مبتسمًا حسنًا يا صديقي ، سأخبرك بما أعرفه من معلومات ، واستكمل حديثه أنه كلمة بريد جاءت من الفعل برد ويعني أرسل ، وفي الزمخشري تعني هذه الكلمة أي بريد أنه الإرسال المتعجل ، أما في معجم المحيط فكلمة بريد تعني رسول وجمعها برده .وللبريد قصة طويلة ، سأذكر منها ما أعرفه الآن ، حيث كانت المراسلات منتشرة منذ فجر التاريخ ، وكان القدماء يستخدمون فيها ، كافة ما أتيح لهم من وسائل ، مثل قوالب الطوب أو سعف النخيل مرورًا بألواح الخشب و أوراق البردي ، وغيرها من الوسائل التي كانت تتطور وتتماشى وفقًا لمنتجات وثقافات العصور المختلفة ، حتى أنهم قد استخدموا الحيوانات مثل الحمير والحمام الزاجل ، من أجل توصيل رسائلهم العاجلة .وبعد التقدم والتطور الحضاري الهائل والدائم ، الذي شهدته البشرية خلال القرون الطويلة ، ظهر لورق وبدأ استخدامه في كتابة الرسائل عليه ، ثم اقترح البعض وجود الطوابع البريدية على الرسائل ، حتى يعلم المرسل إليه ممن أتاه البريد ، ثم تطورت طرق البريد نفسها ، واستبدلت الحيوانات بالمركبات مثل السيارات والقطارات والطائرات إلى أن ظهرت الشبكة العنكبوتية وصار الإنترنت أسرع الوسائل لنقل الرسائل .سعد أحمد كثيرًا بما سمعه من معلومات ، قدمها إليه صديقه عماد بنفس طيبة وروح ، لا هدف لها سوى مساعدة صديق وفي ، ثم انصرف أحمد بعد أن منحه عماد ، بضعة طوابع نادرة من بعض الدول ، على وعد بلقاء جديد ، ومعلومات أخرى .