لا يجب أن نخش شيئًا لا نراه ، فإذا كنا نثق بأنفسنا وفي قدراتنا دائمًا ، فيجب علينا أن نمشي بخطوات ثابتة لا نخش فيها شيئًا ، لأن ما يكتبه الله لنا هو الخير ، فلا نتأفف من حدوث أمر معنا ، لا نرغب به ، أن نظل طيلة الوقت نتوقع الأسوأ ، دون أن نراه بأعيننا ، فلا نركض هاربين من مجهول ، لم نره ولا نعرف ما هو ونعيش في قلق ، بلا أسباب . وهذا هو ما فعله بعض أصدقائنا بالغابة .الحكاية :
أتى فصل الشتاء الجميل ، بأمطاره وسحبه وثلوجه ناصعة البياض ، والتي هطلت بغزارة لتغطي كل شيء داخل الغابة ، فاكتست السهول والوديان والأشجار وكل شيء ، بهذا اللون الأبيض الجذاب ، فيما راحت الحيوانات الصغيرة تركض هنا وهناك ، اختباء من هذا الطقس ، وبحثًا عن بعض الدفء ، إلا أن الثعلب شاهد أمرًا مريبًا وسط تلك اللوحة الفنية .فجأة وأثناء جلوس الثعلب ، فوق تلة قريبة بعض الشيء من الأرض ، وجد أرنبًا يركض مذعورًا ، ولا ينظر خلفه بتاتًا ، فانزعج الثعلب وشعر بخوف ما ، ثم هب واقفًا يسأل الأرنب عما دعاه لهذا الركض ، فنظر له الأرنب الصغير برعب واضح ، ثم أخبره أنه لو كان في إمكانه أن يطير ، لكان قد طار من مكانه ثم استكمل ركضه .شعر الثعلب بقلق كبير جدًا ، بعد أن انصرف الأرنب وهو يستكمل ركضه ، فحدث الثعلب نفسه قائلاً ؛ ما كان الأرنب ليركض خائفًا ، إلا إذا كان هناك خطر ما ، فانطلق يركض هو الآخر للنجاة بحياته !في طريقه وهو يركض ، قابل الثعلب ذئبًا ، واندهش عندما رأى الأرنب يركض أولاً ، ثم رأى الثعلب يركض هو الآخر ، فسأل الثعلب لم يركض كل منهما ؟ فأجابه الثعلب لاهثًا ، أنه لا وقت لديه لتبادل أطراف الحديث ، ويجب عليه الخروج فورًا من الغابة .فكر الذئب قليلاً ، وقال لنفسه ما كان الثعلب ليركض هكذا ، لولا وجود خطر كامن ومحدق قريبًا ، ولأمر خطير جدًا .بدأ الذئب يركض لاهثًا ، فلمحه الدب وهو يركض بهذا الشكل المريب ، فاستوقفه ليفهم ما الذي دفعه للهروب بهذا الشكل ، ولكن الذئب كان يلهث بشدة ، ولم يستطع أن يفهم منه الدب شيئًا ، سوى كلمات قليلة للغاية ، غابة .. اركض .. خطر ، فلم يفهم منه الدب شيئًا ، ولكنه شعر بأن هناك أمر جلل ، فاتخذ قراره ولحق به .عقب عدة أمتار كان الدب قد تعب من الركض ، فتوقف قليلاً ليجد الذئب وقد جلس أرضًا يلهث من شدة الركض ، فسأله مرة أخرى ، ما الذي دفعه للركض ، فأجابه الذئب أنه رأى الثعلب يركض ، فشعر أن هناك خطر ما ، فليتقدم قليلاً ويسأله .ذهب الدب إلى الثعلب ، حيث وجده يجلس أرضًا ، وهو يلهث بشدة فسأله ما الذي دفعه للركض هكذا ، فأجابه الثعلب أنه رأى الأرنب يهرب خائفًا من شيء ما ، فلم يجد بدًا من الفرار قبل أن يلحق به أذى ما .وطلب منه أن يسأل الأرنب ، فذهب الدب إلى الأرنب وسأله لم كان يركض هكذا ، فأجابه الأرنب أنه أثناء جلوسه يأكل طعامه ، إذا بقطعة ثلجية كبيرة ، تنهار إلى جوار رأسه ، ففزع منها بشدة ، وقرر أن يهرب خشية أن يكون هناك انهيارًا جليديًا ، ولكنه لم يجد شيئًا وارتعب قليلاً فقط ، ثم تركهم جميعًا وعاد مسرعًا ، ليستكمل طعامه .ضحك كلاً من الذئب والثعلب والدب ، على ما فعلوه جميعًا ونظروا لأنفسهم أنهم قد انطلقوا راكضين ، دون أن يفتشوا عن السبب الحقيقي ، وقال لهم الدب أنهم جبناء ، فعلى الأقل كان الأرنب يعرف لم ركض منذ البداية ، وهم على قوتهم خشوا على أنفسهم فانطلقوا فارين من لا شيء ، يركضون عدوًا لمجرد رؤيتهم لأرنب يركض دون معرفة السبب ، ثم انفجروا ضاحكين .