الأمانة صفة جميلة وحسنة ، يجب على كل منا أن يتمتع بها قدر الإمكان ، وهي تعني أن يحفظ الإنسان الشيء ، وألا يفرط فيه أو يضيّعه ، أو حتى يخونه ، وكلها جوانب يجب أن يحرص عليها الإنسان ، عندما يمنحه آخر شيئًا ، ويطلب منه أن يظل لديه باعتباره أمانة .وقد جاء وصف الشخص الأمين ، في كتاب الله الكريم ، كأحد صفات المؤمنين من عباد الله ، فقال الله تعالى في سورة المؤمنون ، (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) ، أي أن الأمانة صفة اختص بها المولى عز وجل ، عباده المؤمنين ووضعها فيهم ، فصارت خُلُق طيب يحبه الله ، ويثيب عباده عليه .ويشمل مفهوم الأمانة في ديننا ، حفظ اللسان والمال والدين والعِرض ، فكل ذلك يجب حفظه وعدم خيانته ، أو الذم والتفريط فيه .الحكاية :
كان هناك تاجرًا أمينًا ، يمضي وقته في السفر والترحال من بلد لآخر ، حتى يبيع بضاعته ويتاجر فيها ، بالكيفية التي أمر بها الله ورسوله ، ولكن مع مرور الوقت ، شعر الرجل أنه قد تقدم بالعمر ، وآن الأوان أن يستقر في بلده ، ويرتاح فيها بدلاً من الشقاء والتجوال ، خاصة وأنه كان جمع ثروة ، لا بأس بها يمكنها أن تدعه وأسرته يعيشون في أمان وسلام .أثناء بحث التاجر الأمين ، عن مكان مناسب له ولأسرته ، وجد رجلاً يبيع منزله ، وشعر بأن ثمنه مناسبًا ، وعندما دخل إلى المنزل أعجبه بشدة ، فقرر أن يشتريه ، وقام صاحب المنزل ببيعه له ، بصدر رحب وتمنى له دوام الصحة .كان حجم المنزل ومساحته ، جميلاً للغاية فأخذ الرجل كل يوم ، يدور فيه وهو مسرور بما حققه ، ولكنه في أحد الأيام ، راوده خاطر ما ، ففكر في هدم أحد جدران المنزل ، معتقدًا أنه بهذا ، سوف يوفر لنفسه مساحة أكبر ، ويصير المنزل أوسع وأكثر جمالاً .بدأ الرجل بالحفر فعلاً ، وقد اتخذ قراره بهدم الحائط ، إلا أنه أثناء قيامه بهذا العمل ، فوجئ بوجود جرة من الذهب الخالص ، أسفل الحائط ، فأخذها وجلس ينظر إليها ، ويقول هي بالتأكيد ملك لصاحب المنزل الذي باعني إياه ، وليست ملك لي ويجب علي أن أعيدها إليه .ظل التاجر الأمين يبحث عن صاحب المنزل ، وهو يقول لن آخذ هذا الذهب فإن أخذته فهو حرام ، وسوف أنفق على أهلي من مال حرام ، وما نبت من حرام فالنار أولى به ، ولن ينفعني شيئًا عندما ألاقي الله .استمر التاجر الأمين في البحث عن صاحب المنزل ، حتى وجده وأعطاه جرة الذهب ، فنظر له صاحب المنزل بامتنان ، وأخبره أنه قد باعه المنزل بما فيه ، وهكذا صار الذهب ملكًا له ، فرفض التاجر أن يأخذ الذهب وتجادلا ، حتى قررا في النهاية ، أن يذهبا إلى القاضي ليحكم بينهما .في البداية اندهش القاضي من أمانتهما ، وأبدى إعجابًا بتلك الصفة الحسنة في كل منهما ، وبعد ثنائه عليهما سأل كلاهما ، إن كان لديه أبناء ، فأجابه التاجر الأمين ، أن لديه ابنة شابة ، وأخبره صاحب المنزل أن لديه ولدًا شابًا ، فطلب منهما القاضي أن يتزوج ابن صاحب المنزل ، بابنة التاجر الأمين ، ويمنحا الذهب لكليهما فهما أولى به ، هنا استحسن الرجلان الفكرة ، وانطلقا سويًا بعد أن وافقا على هذا المقترح ، وعاش كلاهما مسروران .