حثنا ديننا الحنيف ، على إتقان العمل والاهتمام بتأديته على أكمل وجه ، حتى يستحق ما سوف يتم دفعه للعامل من أجر ، وقد قال رسولنا الكريم ، صلّ الله عليه وسلم ، أن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ، وهذا يعني أن إتقان العمل ، جزء من وسائل الكسب الحلال ، وهو عبادة خالصة تدع المسلم ، للعمل الجيد وتحكيم الضمير ، في كل ما يفعله مما يعود بالخير عليه وعلى غيره .الحكاية :
أحمد ومنه شقيقان صغيران ، يعيشان برفقة والديهما ، وقد أتت الإجازة الصيفية أخيرًا ، والتي كانت منتظرة من أجل اللهو والسفر وغيرها ، من الأنشطة الصيفية الجميلة والمحببة إلى نفسيهما.استيقظ الصغيران مبكرًا ، وذهبا إلى أمهما عقب أن أديا فرضة الصلاة ، فأعدت لهما والدتهما الفطور ، فبدآ الصغيران ينظرا لبعضهما البعض ، فابتسمت الأم في حنان وطلبت منهما أن يتحدثا إليها ، فاستأذنها أحمد ، وأخبرها أنهما يرغبان في الذهاب إلى النادي ، من أجل لقاء أصدقائهما واللعب معهم ، فقد أتت الإجازة وفصل الصيف ، وطلبا من أمهما اصطحابهما للنادي .ابتسمت الأم وقالت لهما ، حسنًا أريد منكما مساعدتي في إنهاء أمر ما ، حتى أستطيع أن اصطحبكما إلى النادي ، فنظر لها الطفلان بلهفة واضحة ، وسألتها منة ماذا تريدين يا أمي ، فأجابتها أمها أود أن تساعداني في تنظيف غرفتيكما ، حتى أتمكن من الانتهاء من أعمال المنزل ، ثم أصطحبكما إلى النادي ، فرح الطفلان وأخبرا أمهما ، أنهما سوف يقومان بتنظيف غرفتيهما .انطلق الصغيران وبدأ كل منهما في تنظيف غرفته ، وسرعان ما شعر أحمد بالإنهاك ، فذهب إلى منة وطلب منها مساعدته ، ولكنهما بدآ يشعران بثقل المهمة ، فاقترح أحمد شيئًا ، بأن يقوما بتنظيف الغرفة ظاهريًا ، وأن يخفيا كل القاذورات والأوساخ ، أسفل السجاد أو داخل الخزانة ، ولكن منة اعترضت وأخبرته أن أمهما سوف تلاحظ الأمر ، وقد تغضب منهما ، فأخبرها أنهما سوف يفعلا ذلك ، حتى يذهبا للنادي ، وعقب عودتهما يستكملان ما بدآه ، ففكرت منة قليلاً ، ثم وافقته على مقترحه ، وبدآ بالتنفيذ .مضت ساعة فقط ، ثم ذهب الطفلان إلى أمهما ليخبراها أنهما قد انتهيا من الغرفتين ، فنظرت لهما أمهما بدهشة ولكن قبل أن تتحدث معهما ، دق جرس الباب ، وإذا بسيدة شابة تأتيها مع مصور ، وتخبرها أنها مندوبة من أحد البرامج التليفزيونية ، في مسابقة للبحث عن أكثر المنازل نظافة في الحي ، والبيت الفائز سوف يربح رحلة إلى الملاهي .فرح الصغيران بشدة ، واستضافتها الأم وهي تخبرها بثقة ، أن منزلها نظيف دائمًا ، ودعتها للدخول لتفحص المكان ، دخلت المندوبة إلى المنزل ، وأبدت إعجابها بمظهره النظيف ، ثم طلبت أن تشاهد الغرف ، فاصطحبتها الأم وهي واثقة بأن الطفلين قد نظفا غرفتيهما ، ولكن ما أن دخلتا إلى غرفة أحمد ، التي بدت نظيفة .فجأة انفتح باب الخزانة ، لتتساقط الملابس أرضًا ، فاندهشت المندوبة وأطرق أحمد برأسه خجلاً ، فقررت المندوبة أن تذهب إلى غرفة منة ، لتتعثر في السجاد وتنظر أسفلها ، لتجد أكوام من الأتربة والغبار والقاذورات ، تم إخفائها أسفلها ، فانصرفت المندوبة وهي تخبرهم أن منزلهم ليس نظيفًا .عقب انصراف المندوبة ، تأسف الصغيران لأمهما ، فنظرت لهما ثم أخبرتهما ، أن الجائزة ليست مهمة ، بل الأهم أن يتقنا ما يقوما به من عمل ، حتى ينالا رضا الله عز وجل ، فخجل الطفلان ، وأخبرها أحمد أنهما لن يخرجا في هذا اليوم ، حتى ينتهيا من تنظيف الغرفتين ، بدقة وإتقان شديد ، فالله يراهما ومطلع على كل ما يفعلاه ، وهما يرغبان في إرضائه .