يُروى أن أحد الأغنياء أعطى ابنه في يوم عيد فأسًا صغيرة ، فأخذها ودخل إلى حديقة القصر من غير أن يراه أحد ، وجعل يقطع كل ما يقدر على قطعة من الأشجار ، وهو بذلك فرح مسرور ، وكان من الأشجار ، التي قطعت شجرة عزيزة جدًا عند أبيه .تهديد الأب الغني لقاطع الشجرة العزيزة :
وفي اليوم الثاني أخذ الرجل ابنه وتجول به في الحديقة ، ولما وصل إلى الشجرة المقطوع ورأى الشجرة العزيزة قد قطعت غضب غضبًا شديدًا ، وقال بصوت عالي : لو عرفت قاطع هذه الشجرة لعاقبته عقابًا أليمًا .صدق المرء أفضل من كل شيء :
لما سمع الولد ذلك ، بكى بكاءًا شديدًا حينئذ ، لأنه لم ير الغضب من أبيه قبل ذلك ، وقال لأبيه : يا أبت أنا الذي قطعت هذه الشجرة ، عندما سمع أبيه ذلك ، ذهب غضبه على الفور ، وبشّ في وجه ابنه ، وقبّله من بين عينيه ، وقال له : يا بني ، إن صدقك أفضل عندي من كل شيء سواه ، ولإنى أحب أن تتمسك به ما دمت حيًا ، وكافأه مكافأة حسنة .الصدق طريق مستقيم :
ويروى أيضًا ، أنه في يوم من ذات الأيام زارت سيدة مدرسة للصم والبكم ، ولعجزها عن التفاهم بالإشارة مع الأطفال ، كتبت على السبورة ، بماذا يشبه الصدق ؟… فرفعت بنت صغيرة يدها ، فدعتها السيدة تكتب ما خطر ببالها ، فتناولت البنت قطعة الطباشير ، ورسمت خطًا مستقيمًا من نقطة إلى أخرى ، فسّرت السيدة كثيرًا ، وكتبت أيضًا : بماذا يشبه الكذب ؟ فمحت البنت الصغير ما رسمته أولاً ، ورسمت خطًا معوجًا جدًا !.فاستنتجت السيدة أن البنت أجابت بأن الصدق طريق مستقيم من يسلكه سلم ، وأن الكذب طريق معوج كثيرًا العثرات ، لا يؤمن من سلكه الوقوع في الزلات .جزاء الصدق :
وعن جزاء الصدق يروى أنه ذهب فلاح إلى جار له غني مولع بالصيد ، وشكا إليه ما أصاب القمح في حقله من التلف بسبب كثرة دخول كلابه فيه !. فقال الجار : حقًا يا صاحبي كثيرًا ما نزلت كلابي في حقلك ، وربما سببت شيئًا من التلف ، وأنا مستعد لتعويض خسارتك .فقال الفلاح : لما رأيت ما حل بأرضي من التلف دعوت صديقًا لي لتقدير الخسارة ، فقرر أنها تبلغ خمسمائة جنيه ، فقدم إليه الثري ما طلب من التعويض ، ولما جاء وقت الحصاد ، وجد الفلاح أن الجزء الذي ظنه تالفًا أتى بأحسن حاصل ، فذهب الثري وأعلمه بحقيقة الحال ، وقال : أنه قد أتى لرد المبلغ ، لأنه لا يرى لنفسه حقًا فيه .فقال الثري : هذا ما ينبغي بين الرجل والرجل ، ثم ذهب إلى حجرة أخرى ، فعاد ومعه خمسة أمثال المبلغ وقدمه إلى الفلاح قائلاً: ادخر هذا المبلغ حتى يصير عمر ابنك إحدى وعشرين سنة ، وإذ ذاك سلّمه إليه وقصّ عليه قصته .لذلك نتعلم سويًا ، من كل هذه الروايات السابق ذكرها ، أن صدق المرء أفضل من كل شيء، فالصدق منجاة ، والله يحب الصادق الأمين .