يحكي الدكتور مظفر قاسم ويقول دخلنا إلى أحد المطاعم العربية في لندن قبيل الغرب لتناول العشاء وبعدما جاء النادل لأخذ الطلبات استأذنت من الضيوف لدقائق ثم عدت فسألني أحدهم أين كنت فقلت له كنت أصلي فابتسم وقال لي هل مازالت تصلي ؟ ثم سألني منذ متي وأنت تصلي فقلت تعلمتها في السابعة من عمري وأتقنتها وأنا في التاسعة ولم أفارقها قط ولن أفارقها إن شاء الله تعالى .فقال لي وماذا لو أنك اكتشفت بعد الوفاة أنه لا يوجد جنة ولا نار ولا عقاب ولا ثواب فماذا ستفعل في صلاتك وصيامك وحاجك فقلت له لن أفعل أي شيء لأنني عبدت الله لأنه أهل للعبادة ولكن هذا الكون العظيم بجماله وإبداعه وعظمته مستحيل أن يكون بدون صانع مبدع عظيم وهذا يمنعني أن أكون ملحدًا .شكرني الضيف بأنني تحملته برحابة صدر ثم سألته ماذا لو عكسنا فرضيتك وأنك بعد الوفاة اكتشفت بإذن الله موجود وأن جميع المشاهد التي وصفها الله تعالى في القرآن الكريم موجودة حقًا ، ماذا أنت فاعل حينها ؟ فظل ينظر إلى عيني صامتًا ثم حرك شفتيه وقال لو صدق توقعك بقيام الساعة والجنة والنار دخلت أنا النار ودخلت أنت الجنة ثم بعد الطعام افترقنا ووجدته بعد شهر يتصل بي طالبًا مني اللقاء في نفس المطعم .فالتقينا وتصافحنا فإذا به واضع رأسه على كتفي وهو يبكي فقلت له ماذا بك جئت لأشكرك ودعوتك إلى هنا لأقول لك جوابي لقد رجعت إلى الصلاة بعدما قطعتها لأكثر من عشرين عامًا كانت أجراس كلماتك ترن في ذهني ولم تتوقف ولم أذق طعم النوم فقد أثرت بركانًا في روحي وفي جسدي وصدقني شعرت بأنني إنسان أخر وأن روحًا جديدة بدأت تسير في هذا الجسد مع سكون وأمان وراحة ضمير لا مثيل لها كنت محرومًا من كل ذلك وقت إلحادي .وهذا الشعور يؤكد على حقيقة وجود الله تعالى فهذا كان دليل أقوى من كلامك فقلت له ربما تلك الأجراس أيقظت بصيرتك بعدما خذلك بصرك فقال هو ذاك تمامًا بالفعل أيقظت بصيرتي بعدما خذلني بصري شكرًا لك من القلب ..