قصة رواية الزوج

منذ #قصص عالمية

تدور أحداث الرواية عن الزوجان آنا بافلوفنا و الزوج كيرول بيتروفيش شاليكوف حيث ذهابهما الى حفل راقص أثار بداخل كل منهما ذكريات ومشاعر وأحلام تحطمت مع تقدم العمر ، وأثارت تلك الحفل أيضا انفعالات ومشاعر سعادة وغضب وعناد بداخل كل منهما ، فكيف ستمضى تلك الحفل على كلا الزوجين .المؤلف :
الكاتب الروسي أنطون بافلوفيتش تشيخوف  ، ولد أنطون تشيخوف في  تاغانروغ – ميناء على بحر أزوف بجنوب روسيا (29 يناير 1860م

15 يوليو 1904م

، إمتهن الطب ، وعمل ككاتب مسرحي ، ومؤلف قصصي .يعد من أعظم كتاب القصص القصيرة على مدار التاريخ ، بدأ مجال الكتابه أثناء دراسته فى كلية الطب جامعة موسكو ، ولم يترك الكتابه حتى أصبح من كبار الأدباء الروس بجانب استمراره فى بمهنة الطب .وقد كانت بدايات كتابات أنطون تشيخوف بغرض تحقيق مكسب مادى فقط ولكن سرعان ما قام بتطوير أسلوبه فى الكتابه ، وابتكر أسلوب خاص بدوره تسبب فى تطوير القصه الحديثه .قصة الرواية :
توقف أحد أفواج الخيالة أثناء المناورات للمبيت فى مدينة كاف الريفيه الصغيره ، وحدث مثل مبيت السادة الضباط ، يثير دائمًا مشاعر السكان المحليين ، إلى أقصي درجات الانفعال والحماس ، فأصحاب الدكاكين الذين يحلمون بتصريف المورتاديلا الكاسدة الصدئه ، وأفضل أنواع السردين المرصوص على الأرفف منذ عشر سنوات .وأصحاب الحانات وغيرهم من رجال الأعمال ، لا يغلقون أبواب متاجرهم طوال الليل ، ويرتدي الحاكم العسكرى وسكرتيره وجنود الحامية المحلية أفضل حللهم ويهرول رجال الشرطة كالمجانين ، أما النساء فالشيطان وحده يعلم ماذا يحدث لهن .وعندما سمعت سيدات كاف باقتراب الفوج ، تركن جانبًا قدور المربي الساخنه ، وهرعن إلى الخارج ، لم يعبأن لثيابهن المنزليه ، وهيئاتهن المشعثه ، وانطلقن لاهثات مبهورات لملاقاة الفوج ، وهن يصغين بنغم الى أنغام المارش .ولو نظرت الى وجوههن الشاحبة المتحمسة لخيل إليك أن هذه الأنغام لم تكن تتردد من أبواق الجنود ، بل من السماء ، وتصايحن بسرور ، الفوج ، الفوج قادم ، فما الذى كان يبغينه من هذا الفوج الغريب ، الذي عرج على المدينة صدفة وسيرحل غدًا فى الفجر ، وفيما بعد حينما وقف السادة الضباط وسط الميدان ، عاقدين أذرعهم خلف ظهورهم ، وهم يبحثون مسألة الايواء .كانت السيدات مجتمعات فى شقة زوجة المحقق ، ويتسابقن فى انتقاد الفوج ، ولا يعلم إلا الله من أين عرفن أن قائد الفوج متزوج ، لكنه لا يعاشر زوجته ، وأن كبير الضباط يولد له كل عام أطفال ميتون ، وأن الياور غارق فى حب كونتيسا ما بلا أمل بل حاول الانتحار مرة ، كن يعرفن كل شئ .وعندما مر من أمام النوافذ جندي مجدور الوجه ، في قميص أحمر كن يعلمن تمام العلم أنه جندي مراسلة الملازم ريمزوف ، وأنه يهرول فى المدينة بحثًا لسيده عن فودكا انجليزية ، مع تأجيل الدفع ، ولم يكن رأين الضباط إلا لمحا ومن ظهورهم ، إلا أنهن قد قررن أنه لا يوجد من بينهم ضابط واحد جميل أو جذاب .وبعد أن شبعن من الكلام ، طلبن أن يأتي إليهن الحاكم العسكري ورئاسة النادي وأمرنهم بإقامة حفل راقص مهما كان الأمر ، ونفذت رغبتهن ، وفى التاسعة مساءًا دوت أمام النادي أنغام أوركسترا عسكريه ، وفى داخل النادى نفسه كان السادة الضباط يرقصون مع سيدات مدينة كاف ، وأحست السيدات أنهن يحلقن بأجنحة ، فملن من الرقص والموسيقي وصليل المهاميز، فاستسلمن بكل قلوبهن للتعارف العابر ونسين تمامًا رجالهن المدنين .وتجمع آباؤهن وأزواجهن الذين تراجعوا إلى أقصي خلفية الصوره حول البوفيه الهزيل في المدخل ، كان كل هؤلاء الصيارفة والسكرتيرين والمفتشين ذوى الوجوه السقيمة ، والملابس المهلهله ، يدركون ضآلتهم تمام الإدراك ، فلم يدخلوا الصالة بل آخذو يتطلعون من بعيد إلى زوجاتهم وبناتهم وهم يراقصن الضباط المهرة ذوى الأجسام الرشيقة .وكان من بين الأزواج مأمور ضرائب رسوم الإنتاج ، كيرول بيتروفيش شاليكوف وهو مخلوق ثمل ضيق ، وخبيث ذو رأس كبير حليق وشفتين سمينتين متدليتين ، وكان فى وقت ما طالبا فى الجامعه ، يقرأ بيساريف ودوبرولوبوف ويغني الأغانى .أما الآن فيقول عن نفسه أنه مساعد اعتباري ولا شيء أكثر ، وقف مرتكزًا على قائم الباب دون أن يحول نظره عن زوجته ، وكانت زوجته آنا بافلوفنا وهي سيدة صغيره سوداء الشعر طويلة الأنف ، فى حوالي الثلاثين حادة الذقن مزينة بالمساحيق ، ومشدودة بالكورسيه ، ترقص بلا توقف إلى درجة الإعياء ، وقد أرهقها الرقص ولكن التعب كان تعبًا جسديًا لا روحيًا ، كانت هيئتها كلها تطفح بالإعجاب والاستمتاع ، وكان صدرها يختلج ولمحت على خديها بقع حمراء وكانت كل حركاتها فاترة ناعمة .وبدى واضحًا أنها كانت وهي ترقص تتذكر الماضي ذلك الماضي البعيد ، عندما كانت ترقص وهي طالبة فى المعهد ، وتحلم بحياة مترفة مرحه ، وعندما كانت واثقة من أنها ستتزوج حتما من بارون أو أمير ، وأخذ مأمور الضرائب يتطلع إليها مقطب الوجه من الغيظ .لم يكن يشعر بالغيرة إلا أنه كان متضايقًا من أنه ، أولًا بسبب الرقص لم يكن مكان للعب الورق ، وثانيًا لأنه كان لا يطيق الموسيقي ، وثالثًا لأن السادة الضباط كما بدا له كانوا يعاملون المدنين بإهمال وتعال بالغين ، ورابعًا وهو الأهم فقد أثار سخطه وأجج غضبه تعبير الغبطة على وجه زوجته ، ودمدم قائلًا منظر غريب عما قريب ستبلغ الأربعين لا مال ولا جمال ، ومع ذلك تزينت وتصففت ولبست الكورسيه ، وتتدلل وتتقصع وتظن أن ذلك يبدو جميلًا ما أروعك يا سيدتي .استسلمت آنا بافلوفنا للرقص تمامًا ، حتى أنها لن تنظر إلى زوجها نظرة واحده ، وقال المأمور بكراهيه طبعًا وماذا نكون نحن الفلاحين ؟ نحن الآن خارج الهيئة ، نحن أفيال بحر ، دببة ريفيون ، أما هى فأميرة الحفل ، مازالت تحتفظ بشبابها إلى درجة أنها تثير اهتمام الضباط .بل وربما وقع أحدهم فى غرامها ، وأثناء رقصة المازوركا تقلص وجه المأمور تمامًا من شدة الغيظ ، كان هناك ضابط أسود الشعر جاحظ العينين ، ذو وجنتين تتريتين بارزتين يراقص آنا بافلوفنا ، وكان يعمل بساقيه فى جدية ، وقد اكتسي وجهه بتعبير صارم وأخذ يلوى ركبتيه بشدة ، حتى أنه كان مثل الدمية الخشبيه ، التى يشدونها بالخيوط فتتحرك .أما آنا بافلوفنا فكانت شاحبة مرتجفة ، وقد ثنت قوامها بفتور وقلبت عينيها محاولة أن تبدو وكأنها لا تكاد تلمس الأرض ، والظاهر أنه خيل إليها أنها ليست على الأرض فى نادي ريفي ، بل في مكان بعيد فوق السحاب ، لم يكن وجهها وحده الذى يعبر عن الغبطة بل جسدها كله .ولم يعد فى وسع مأمور الضرائب أن يحتمل ، أحس برغبة فى السخرية من هذه الغبطه وأشعار آنا بافلوفنا بأنها غابت عن وعيها ، وأن الحياة ليست أبدًا بهذه الروعة التى تبدو لها الآن وهي سكرى بالنشوه ، ودمدم قائلًا مهلًا سوف أريك كيف تبتسمين بغبطه ، لست طالبة أو بنتا صغيرة ، الشمطاء يجب أن تعرف أنها شمطاء .تحركت فى صدره كما تتحرك الفئران أحاسيس خسيسة بالغيرة والحنق ، والكبرياء المهان والكراهية الريفية المحدوده ، تلك الكراهية التى تعشش فى نفوس الموظفين الصغار بسبب الفودكا وحياة الجلوس الى المكاتب ، وانتظر حتى انتهت المازوكا ، ثم دخل الصالة واتجه نحو زوجته .كانت آنا بافلوفنا ذلك الوقت جالسة مع مراقصها ، وهي تخفق بالمروحه وتزر عينيها بدلال ، وتروي كيف رقصت فى وقت ما فى بطرسبرغ ، كانت تزم شفتيها على شكل قلب وهي تلفظ حروف كلمة بطرسبرغ .وقال المأمور بصوت متحشرج آنيوتا هيا إلى البيت ، وعندما رأت آنا بافلوفنا زوجها أمامها انتفضت فى البداية ، وكأنما تذكرت أن لديها زوجا ، ثم تدرجت خجلًا ، شعرت بالخجل من أن لها زوجًا سقيمًا عبوثًا عاديًا كهذا ، وكرر المأمور هيا إلى البيت ، فردت لماذا ؟ الوقت مبكر .فرد المأمور متباطئًا وبوجه شرير ، هيا إلى البيت أرجوك ، سألت آنا بافلوفنا بقلق ماذا ؟ هل حدث شيء ، قال لن يحدث شيء ولكني أريد أن تعودي إلى البيت حالًا ، أريد وكفي ، وأرجوك لا داعي للكلام ، لم تكن آنا بافلوفنا تخاف زوجها ، ولكنها شعرت بالخجل أمام مراقصها ، الذى كان ينظر الى المأمور بدهشة وسخريه .فنهضت وانتحت بزوجها جانبا قالت له ماذا دهاك ؟ لماذا أعود الى البيت الساعة لم تبلغ حتى الحادية عشرة بعد ؟ قال أنا أريد وانتهينا .تفضلي عودي وكفي ، فردت دعك من هذه الحماقات اذهب أنت اذا أردت . فرد عليها حسنا سأثير فضيحة ، رأى المأمور كيف تتلاشي تعبير الغبطة شيئا فشيئا من وجه زوجته ، وكيف كانت تشعر بالخجل وتعاني ، فأحس بشيء من الراحة ، وسألته زوجته ما حاجتك الى الآن ؟ . فقال لست بحاجة اليك ولكنى أريد أن تبقي فى البيت ، أريد وكفي .لم ترغب آنا بافلوفنا حتى فى السماع ، ولكنها أخذت بعد ذلك تتوسل إلى زوجها أن يسمح لها بالبقاء ولو نصف ساعة ، ثم أخذت تعتذر وتقسم وهي لا تدري لماذا تفعل ذلك ، كانت تتحدث فى همس وتبتسم .حتى لا يظن الحاضرون أن هناك خلاف بينها وبين زوجها ، ومضت تؤكد له أنها لن تبقي طويلًا ، فقط عشر دقائق ، فقط خمس دقائق ، بيد أن المأمور أصر على موقفه بعناد ، وقال كما تشائين ابقي ولكني سأثير فضيحة ، وبينما كانت آنا بافلوفنا تتحدث مع زوجها ، ضمرت وهزلت وشاخت .ومضت إلى المدخل شاحبة وهي تعض شفتيها ، وتكاد تبكي ، وبدأت ترتدي معطفها ، وأبدت سيدات كاف دهشتهن ، فسألن إلى أين آنا بافلوفنا إلى أين يا عزيزتي ؟ فرد المأمور نيابة عنها عندها صداع ، وعندما خرجا الزوجين من النادي سارا فى صمت حتى بلغا البيت .كان المأمور يسير خلف زوجته ، وبينما كان ينظر إلى قامتها المحنيه الذليلة التي هدها الحزن ، تذكر غبطتها التى أثارت حنقه فى النادى ، فامتلأ قلبه بإحساس الفوز عندما أدرك أن هذه الغبطه قد تلاشت ، كان سعيدًا وراضيًا وفى الوقت نفسه ، أحس بأن شيء ما ينقصه .وراودته رغبة فى أن يعود إلى النادي ليصنع شيء يجعل الجميع يشعرون بالملل والمرارة ، وضآلة هذه الحياة وسطحيتها ، عندما تسير هكذا فى ظلام الشارع وتسمع بقبقة الوحل تحت قدميك ، وعندما تعرف أنك ستستيقظ غدًا فى الصباح فلا تجد أمامك سوي الفودكا وأوراق اللعب ، ما أفظع ذلك .أما آنا بافلوفنا فكانت تخطو بالكاد ، كانت لا تزال تحت تأثير الرقص والموسيقي والأحاديث والبريق والصخب ، وسارت وهي تسأل نفسها ، ما الذي جنته ليعاقبها الله هذا العقاب ، كانت تشعر بالمرارة والمهانة وكانت تختنق من الحقد الذى اعتمل فى صدرها ، وهي تسمع خطوات زوجها الثقيله .ولزمت الصمت وهي تحاول أن تعثر على أكثر الكلمات إهانة ، لتزهي بها زوجها ، وفى الوقت نفسه كانت تدرك أن مأمورها لا تؤثر فيه أى كلمات فماذا تعني الكلمات بالنسبة له ، ولم يكن فى وسع أعدى الأعداء أن يضعها فى حالة أشد عجز من هذه الحاله ، بينما كانت الموسيقي تدوي والظلمة مشبعة بأكثر الأنغام رقصا وإثارة

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك