الكاتب جابرييل جارسيا ماركيز هو ناشط سياسي ، وصحفي ، وروائي ؛ وُلد في كولومبيا عام 1929م ؛ عاش معظم حياته في المكسيك ؛ وحصل على جائزة نوبل في الآداب عام 1985م ؛ توفي عام 2017م ؛ من بين القصص القصيرة التي كتبها قصة يوم من تلك الأيام .القصة :
ظهر القمر في سماء باهتة ولكن بلا أي أمطار ، ثم انتهت الليلة وبزغ الصباح ، تواجد دون أوريليو اسكوبار طبيب الأسنان الذي يستيقظ مبكرًا ؛ حيث يفتح غرفته الخاصة في تمام السادسة صباحًا كل يوم ، ويقوم بإخراج الأسنان الصناعية المُركبة الموجودة بقالب من الجبس .وكان يوجد على مكتبه الخاص مقبض به مجموعة من الأدوات التي تم ترتيبها على حسب حجمها من الأصغر إلى الأكبر ؛ كما لو كانوا بمعرض للمنتجات ؛ وكان الطبيب يرتدي قميصًا مقلمًا دون ربطة عنق ؛ وكان مُغلقًا إلى نهايته بزرار ذهبي في الجزء العلوي ؛ وسراويله كانت مُثبته مع الأحذية المرنة ؛ وكان لديه نظرة حادة وغريبة كما لو كان شخصًا أصم .حينما وجد الأشياء موضوعة في مكانها على المكتب الخاص به ؛ دحرج واحدة من ثمرة الفراولة تجاه الكرسي الخاص به ؛ ثم قام بتلميع الأسنان الصناعية ، فيما يبدو أنه لم يكن يفكر فيما يفعل ؛ وكان فقط يقوم بعمله بشكل عنيد ومتصلب ضاغطًا على الفراولة حتى في الوقت الذي لم يكن يحتاج إليها .توقف عن العمل بعد الساعة الثامنة ليلقي بعض النظرات من نافذة الغرفة على السماء ؛ فبدت الشمس غائمة على المنزل المجاور ؛ عاد لمتابعة العمل ليُنهيه قبل أن تمطر السماء كما كان يعتقد ؛ ولكن جاء صوت ابنه ذات الأحد عشر عامًا فقطع عليه ما كان يفكر به ؛ حيث قال : بابا ؛ فأجابه : ماذا ؟ ؛ حيث لم يكن لديه أسلوب آخر للرد ، فقال الابن : إذا لم تُخرج الضرس فستُجبر على رميه بلا فائدة .قام الطبيب بحركة بطيئة وهادئة ودون تسرع بترك الفراولة التي كان يضغط عليها ؛ ثم تراجع بالكرسي فاتحًا الصندوق من أسفل المائدة ؛ وهناك كان يوجد المسدس ؛ ثم قال : حسنًا .تحرك بالكرسي حتى أصبح أمام الباب ساندًا يده على الحافة ؛ ثم فتح الباب وظهر أمامه رئيس البلدية الذي حلق الجانب الأيسر من وجهه فقط ؛ بينما ظهرت الجهة اليمنى متورمة وفيما تبدو أنها كانت مؤلمة للغاية ؛ حيث لم يستطيع أن يحلق لحيته كاملة والتي استمرت لخمس أيام ؛ قام الطبيب بإغلاق الدرج الذي أمامه بأصابعه ، ثم قال في هدوء : تفضل بالجلوس .قال رئيس البلدية : صباح الخير يا دكتور ؛ فأجاب في فتور : أهلًا ؛ بينما كان يتم تعقيم الأدوات الطبية ؛ استقر رئيس البلدية على الكرسي مائلًا برأسه إلى الوراء ؛ وشعر ببعض التحسن أثناء تنفسه هواء جليدي .بدا مجلس الوزراء فقير ؛ حيث كان به كرسي قديم من الخشب ، ونافذة زجاجية ذات مقابض فخارية ؛ كان رئيس البلدية منخرط في التفكير في أمور مجلس الوزراء ؛ وحينما أتى الطبيب اعتدل أمام الإضاءة وفتح فمه ؛ فقال الطبيب : حسنًا ؛ سأقوم ببعض التعديلات في الفك فقط ولكن دون تخدير ؛ فقال رئيس البلدية بانزعاج : لماذا ؟ ؛ فأجابه : لأنك تعاني من وجود خُرّاج .حاول رئيس البلدية أن يتصنع الابتسامة قائلًا : لا بأس ؛ قام الطبيب بالتقاط الأدوات الطبية من غلاية التعقيم ؛ ووضعهم في طبق على المائدة ؛ ثم ذهب لغسل يديه من الحوض المجاور ؛ كان يفعل كل شيء دون أن ينظر لرئيس البلدية الذي لم يغفل عن حركات الطبيب .ارتفع رئيس البلدية على الكرسي ؛ وشعر أن المكان فارغًا من الهواء تمامًا ؛ وبدأ بحركة سريعة بقدميه ليبدو عليه الاضطراب ؛ بينما حرّك الطبيب معصمه قائلًا : هنا يأتي إلينا عشرين مريضًا بدرجة ملازم أول ؛ حينها شعر رئيس البلدية بصوت صرير عظام فمه ؛ فظهرت الدموع في عينيه رغمًا عنه ؛ كما فاحت منه رائحة العرق ؛ وحينما انتهى الطبيب أعطاه قطعة من القطن ليضعها موضع الألم ؛ ثم مدّ يده بمنديل نظيف قائلًا : جفف دموعك .بينما كان الطبيب يغسل يده على الحوض ؛ همّ رئيس البلدية بالرحيل قائلًا : سأدفع الحساب ؛ فقال الطبيب : لك أم للبلدية ؟ ؛ فأجاب رئيس البلدية دون أن ينظر إلى الطبيب : كله من نفس الحقيبة .القصة مترجمة عن اللغة الإسبانية
بعنوان : UN DÍA DE ÉSTOS