قصة دار من الأدب الياباني

منذ #قصص عالمية

العمى الذي أشير إليه هنا ، لا يعني بالضرورة عمى العينين فحسب ! أمسك الرجل يد امرأته الضريرة ، وقادها صعودا على التل لمشاهدة دار للإيجار ، ما هذا الصوت ؟ إنه زفيف الريح في أجمة خيزران .نبذة عن المؤلف :
قصة من روائع الأدب الياباني ، للأديب الياباني العالمي ، الحاصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1968م ، ياسوناري كاواباتا ، كانت بداية كتاباته أثناء دراسته الجامعية في جامعة طوكيو الإمبراطورية ، ففيها نشر قصته القصيرة الأولى مشهد من جلسة أرواح ، بدأ كواباتا بلفت الانتباه إليه ، بعد تأليفه لعدة قصص قصيرة وهي بلد الثلج ، طيور الكركي الألف ، ويعد ياسوناري كاواباتا هو الأديب الياباني الذي ترجم له أكبر عدد من الأعمال الياباني إلى اللغة العربية ، وتوفي كواباتا في 16 ابريل عام 1972م .بالطبع لقد مرّ وقت طويل ، منذ خرجت من الدار ، ونسيت صوت حفيف وريقات الخيزران ..الدرج في الدار التي نقيم بها الآن ضيق على نحو بالغ الفظاعة ، وعندما انتقلنا إلى هناك لم أستطع في البداية احتمال إزعاج ارتقائه .في دار جديدة :
أما الآن وقد بدأت أشعر لتوي بأنني قد اعتدته ، تقول لي إننا بسبيلنا إلى البحث عن دار جديدة مجددًا ، المرأة الضريرة يتعين عليها أن تعرف كل ركن ومنعطف في دارها ، وهي تألفها كما تألف جسمها ، وبالنسبة للشخص المبصر ، فإن الدار تعد ميتة ، ولكنها بالنسبة للشخص الضرير ، إنها تضخ بالحياة ، إنها نبض ، الآن هل سيتعين عليّ الارتطام بكل الأركان والتعثر ، في العتبة مجددًا في دار جديدة .الدار والألمان :
ترك الرجل يد امرأته ، وفتح البوابة المطلية باللون الأبيض ، قالت : إنها توحي بالعتمة ، كما لو أن الأشجار قد ألقت بظلالها في الحديقة ، والشتاء سيكون باردًا من الآن فصاعدًا ، إنها دار على الطراز الغربي ، لها جدران ونوافذ كئيبة ، ولابد أن بعض الألمان كانوا يقنطون هناك فلافتة الاسم تحمل اسم (ليدرمان) .الحديقة :
ولكن الرجل عندما فتح الباب الخارجي ، ارتد راجعًا ، كأنما فوجئ بضوء باهر ، هذا رائع! إنه مبهر للغاية ، لربما يكون الليل سائدًا في الحديقة ، لكن داخل الدار يكون شبيهًا بوقت الظهيرة ، كان ورق الحائط المخطط باللونين الأصفر والقرمزي براق اللون ، كالأجواخ البيضاء والأرجوانية التي تعرض في الاحتفالات ، وتوهجت الستائر كثيفة الحمرة ، كأنوار كهربائية ملونه .بيانو في الدار :
هاهنا أريكة ومدفأة ومائدة ومقاعد ومكتب ومصباح تزييني ، كل الأثاث ها هنا ، تلمسني ذلك ! أوشك أن يسقطها أرضًا ، وهو يجعلها تجلس على الأريكة ، لوحت بيدها كمتزلج على الجليد يعاني من الارتباك ، وارتدت متقافزة كنابض ، هناك بيانو أيضًا .لحن بسيط :
أمسك بيدها ، واجتذبها فأوقفها على قدميها ، جلست قبالة البيانو بجوار المدفأة ، وبنشاط لمست المفاتيح ، كأنها شيء مخيف ، أصغ ! إنه يعمل ، بدأت في عزف لحن بسيط ، ربما كان لحن أغنية تعلمته عندما كانت فتاة صغيرة ، وكان لا يزال بمقدورها أن ترى .الحزن والعمى :
مضى إلى المكتب ، حيث جثم قمطر كبير ، وإلى جوار المكتب ، اكتشف غرفة نوم بفراش مزدوج ، هاهنا مجددا كان هناك ورق حائط مخطط بلونين القرمزي والأبيض .. وهذه المرة كانت هناك بطانية خشنة ملفوفة حول حشية للرقاد ملئت قشا ، وثب عليها ، فأحس بها لينة ومتقافزة ، وبدأ عزف زوجته يتردد مفعما بمرح أكبر، لكنه استطاع كذلك سماعها تضحك كأنها طفلة ، عندما كانت تخطيء بين الحين والآخر في عزف نغمة .. يا للحزن الذي يواكبه العمى !دار :
تعالى هاهنا وتلمسي هذا الفراش الكبير! كان ذلك أمرا مخيفا ، ولكن المرأة سارت بحدة ، عبر الدار الغريبة ، كامرأة مبصرة حتى غرفة النوم ، تعانقا ، وجعلها تتقافز ، كعفريت عليه ، وهما يقتعدان الفراش ، بدأت المرأة في الصفير برقة ، وكانا قد نسيا الوقت ، أين يقع هذا المكان ؟ طيب ..حقًا أين يقع؟ كائنا ما كان موقعه ، فإنه لم يعد دارك بعد ..كم سيكون جميلا أن تكون هناك أماكن عديدة هكذا !

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك