لا يوجد أحد لم يتذوق مشروب السوبيا المحبوب لدى الكبير والصغير ، فالسوبيا موجودة في كل بلدان العالم ولكن في مكة بالتحديد لها طعم ومذاق مختلف ، ويرجع الفضل في هذا الاختلاف لعميد السوبيا وهو سعيد بن علي الخضري .بين أزقة مكة كان هناك رجل يمر يتجول من الشبيكة إلى الحفائر ، وبعدها إلى شارع منصور ومنه إلى الرصيفة والتي استقر بها ، كان هذا الرجل يبيع السوبيا المشروب الأشهر في مكة ، كان المشروب المفضل لدى الأسر كلها في المملكة ، خاصة في شهر رمضان الكريم ، وأشهر صانعيها هو العميد العم سعيد بن علي الخضري .الميلاد وبداية الهواية :
سعيد بن علي محمد خضري هو أحد أبناء المملكة ، ولد في حارة الشبيكة في مكة المكرمة ، تربى في منزل والده ومن هنا بدأت رحلته في تصنيع السوبيا ، فقد كان الأمر منذ الصغر هواية تحولت إلى إبداع ، كان سعيد يحضرها ويجهزها بطريقته الخاصة في محل صغير للغاية ، كانت مساحة هذا المحل لا تتجاوز بضعة أمتار .كانت السوبيا في هذا الوقت مشروب يقتصر على المجتمع السعودي ، وكانت المفضلة على الموائد الرمضانية ، وأكثر ثلاثة أماكن مشهور بصنع السوبيا هي المدينة المنورة ومكة ، في المدينة المنورة كانت عائلة الخشة هي من تجهز وتصنع السوبيا ، أما في مكة فكانت أسرة الحسيني والخضري هم من يحضرون السوبيا .السوبيا في الأساس مشروب طبيعي يصنع منزليًا ، ولكن عائلة الخضري وتحديدًا سعيد قررت أن تتخذ من الأمر عمل له ، وبالفعل بدأ يصنع السوبيا ويوزعها على المواطنين والمقيمين ، وكان في بداية الأمر يوزع المشروب على معارفه ومن يعرفها ويطلبها وبعدها أشتهر كثيرًا ، وبدأ المجتمع المكي كله في التعرف على السوبيا التي يصنعها سعيد الخضري .من هنا اقترنت السوبيا باسم سعيد الخضري وأصبح علامة من علامات المشروبات التي تقدم في مكة ، لم تكن السوبيا لدى سعيد الخضري هي المشروب العادي الذي يتم تحضيره في أي مكان ، بل كانت لها طعم خاص يميزها ، وجودة كبيرة ونكهة مميزة .وهو ما جعل الجميع يقولون أن سوبيا سعيد الخضري لها خلطة سرية جعلته يكتسح كافة المشروبات المحلية ، وتتفوق سوبيا الخضري على كافة المصنعين الآخرين ، وكان سعيد في شهر رمضان يقوم بإعداد كميات كبيرة من السوبيا لكي يلاحق على الطلبات الكثيرة في هذا الشهر .وحرص الخضري على تقديم السوبيا بطريقة مبتكرة فكان يقدمها في البداية في أزيار فخارية ، وكانت هذه الأزيار صغيرة الحجم تصنع خصيصًا بغرض بيعها ، بعد أن تطورت الصناعة قرر الخضري أن يبدل الأزيار الفخارية بالأكياس وبعدها العبوات البلاستيكية .التركيبة :
السوبيا مشروب طبيعي تمامًا لا يوجد فيه أي مواد حافظة وهو عبارة عن ألياف ذائبة ، فالسوبيا عبارة عن سكر الشعير وسكر الزبيب والجلوكوز ومعها نسبة من الحمض الطبيعي ، فهي عبارة عن مركب حيوي كيميائي مكون من الكربوهيدرات والسكريات .وكان أول محل لسعيد الخضري في الشبيكة في عام 1375هـ ، وكان المحل بالقرب من المسجد الحرام أمام مسجد المحجوب ، حيث يقع بين سوق صغير ومدارس الفلاح ، على الرغم من أن البداية كانت محلًا صغيرًا إلا أنه تمكن من أن يحقق شهرة كبيرة ، ويجلب العديد من الزبائن ، لدرجة أن الدوريات أصبحت تتواجد بالقرب من المحل حتى تنظم المرور هناك من كثرة الازدحام .على الرغم من أن السوبيا مشروب رمضاني بامتياز إلا أن جودة منتجات سعيد الحضري تمكنت من أن تثبت نفسها في رمضان وغير رمضان ، وغالبًا ما يتوافد الزبائن على المحل في تمام الثانية ظهرًا ، حيث أن معظم الزبائن هم الموظفين بعد الدوام و أيضًا طلبة المدارس .ويقول سعيد الخضري أن السر في التحضير هو البيئة المعقمة تمامًا ، ومن ثم تسخين المركب حتى الغليان ، حيث تصل درجة الحرارة إلى 100 درجة مئوية ، بعدها يتم التبريد إلى أن يصل المركب إلى درجة التجمد ، وهذا التسخين والتبريد يخلق مشروبًا متجانس ، وبالطبع كافة مكونات هذا المشروب طبيعية 100% وبالتالي فالجميع يحبها ويفضلها .وأكثر الأشياء التي ضايقت الخضري هي محاولات التقليد للصنعة ، ولم يقف التقليد عند حد صنع السوبيا فقط ، بل أن هناك أشخاص يضعون العلامة التجارية الخاصة به على منتجاتهم وهو ما واجهه سعيد بالتجاهل التام ، وكان يرى أنه يكتفي بما رزقه الله ويعتبر أن السوبيا بمثابة خدمة إنسانية وليست مسألة تجارية ، فإن شرب الناس وأعجبهم المذاق سيدعون لك .رغم أن العميد سعيد الخضري توفي إلا أن مهنة تصنيع السوبيا استمرت على يد أبناؤه ، واستكملوا مسيرة النجاح ، وهم من ابتكر العلامة التجارية المميزة لسعيد الخضري ، لوقف محاولات التقليد ، كذالك قاموا بتطوير عمليات التصنيع من خلال التغليف الحراري للمشروب ، وتوسع الأمر وصار تجارة كبيرة واستثمار جيد .