كلمة الحرية ليست وليدة العصر الحالي أو العصور السابقة القريبة ، ولكنها دائمة بدوام وجود الإنسان على تلك الأرض ، هذا الشعار الذي طالما أرق الملوك وحاشيتهم على مدار أزمان ضاربة بعمق التاريخ لنصرة قهر الفقراء وتسلط الكهنة شعار الحرية متى ظهر لأول مرة في التاريخ الإنساني .كانت كلمة أماجي هي أول مفهوم ظهر لكلمة الحرية في التاريخ الإنساني ، في الشمال الغربي من ملتقى نهري الفرات ودجلة بجنوب العراق كانت مدينة لكش التي قام الساموريون ببنائها ثم قام فاستوطنها في حوالي عام 2360 قبل الميلاد بذلك كانوا أقدم الشعوب التي بنت أول حضارة في التاريخ .كانت هذه المدينة تخضع للحاكم السوماري لوغال أندا والذي تم تنصيبه من قبل كهنة المعبد ذو المكانة العالية والنفوذ العالي ، كان لوغال ظالمًا لشعبه ويدعم الأغنياء في التسلط على الفقراء مما أدى لزيادة نفوذ الحاشية الظالمة وذاق الشعب الفقر والاستغلال ، وبعد ستة سنوات من عهده حدث انقلاب من قبل القائد أوروكاجينا وبعد وصوله للحكم أعلن أنه وصل للحكم بمساعدة الفقراء والكهنة .ثم بدأ أوروكاجينا سلسلة من القرارات الكاسحة والتي تضمنت حقوق أصحاب الملكية وسلسلة من الإصلاحات الإدارية والمدنية وكذلك الأخلاقية والقضائية والاجتماعية وانهى تدخل السلطة في الطلاق وصادر العقارات التي كان لوغال قد استولى عليها ووضعها تحت اختصاص المعابد وأقال الفاسدين وأقال العديد من الموظفين وطرد المتشرين من الكهنة ووضع عدد من القيود على المبالغ التي يحصل عليها الكهنة في الشعائر الدينية .وأعلن العفو العام عن كل المواطنين وألغى ديون العبودية وقال أن كل تلك الإجراءات من قبل الكهنة وتم تدوين جميع الإصلاحات بعناية شديدة على مخاريط عُرفت باسم مخاريط الحرية ، وكانت هذه هي الوثيقة الأولى في التاريخ التي حددت الحقوق القانونية للشعب وتم ذكر مفهوم الحرية باسم أماجي ومعناها الحرفي العودة للأم ، وكان المصطلح مستخدم منذ وقت مبكر في بلاد النهرين للإشارة لتحرر الشخص من الدين .فقد استخدم الملوك الضرائب لإدانة الشعب ليكي يعلمون لديهم حتى يتم تسديد الدين ، وإعفاء الشخص من الدين معناه أنه أصبح بإمكانه العودة إلى منزله وتحرره ، لذلك كان أوروكاجينا كان قائدًا لثورة شعبية ضد ملاك الأراضي والأثرياء ، ثم حاول التركيز على الإصلاحات الداخلية وأهمل الحروب الخارجية مع ذلك قضى معظم وقته في صد الهجمات على المدينة ، ولكن عمد الغزاة على تجويع المدينة وقطع الإمدادات لها ، حتى انتصر الأوميين على لوكش وأسقطوها ودخل لوغال زاغتيسي المدينة لكي ينتقم من كل الهزائم المخزية التي تلقها من شعب لوكش فنهب المعابد .ثم نجا أوروكاجينا من سقوط العاصمة وانتقل لمدينة مجاورة تسمى جيرسو وتم اسقاط مساحة كبيرة من مملكته ولحق بيه لوغال زاغيسي وحاصر المدينة وبعد فترة أختفى أوروكاجينا تمامًا من التاريخ ، من الممكن أنه انتحر خوفُا من الأسر أو ربما قُتل فالاحتمالات كثيرة جدًا ..