قصة السلطان الذي ترك السلطة وتفرغ للعبادة

منذ #قصص نجاح

قد لا يصدق البعض منا ، أن هناك من الملوك والحكام من تخلو عن مناصبهم ، وإغراء السلطة ، من أجل التفرغ للعبادة فقط ، عقب فترات طويلة من النضال ، والعمل في خدمة الدولة ، وتحقيق الانتصارات. وتلك هي قصة السلطان مراد الثاني ، المؤسس الثاني للدولة العثمانية .السلطان مراد الثاني :
اعتلى السلطان مراد الثاني ، كرسيه وهو يبلغ من العمر ثمانية عشر عامًا فقط ، وكان في هذا الوقت شابًا يافعًا ، ورث السلطة إثر وفاة والده ، السلطان محمد جلبي الأول ، الذي استطاع خلال فترة حكمه ، أن يعيد للدولة مكانتها ، بعد فترة طويلة من التشرذم والتفتت ، وكان له موقف أن أطلق سراح عدو له ، بعدما نكث بوعده معه مرتين متتاليتين .كان لمراد مهمة أخرى ، تختلف عما قدمه والده للدولة ، حيث رغب في إعادة ال ممالك التي فقدها ، بعدما أغار عليها تيمورلانك ، وقتل بايزيد يلدرم آنذاك ، وخلال فترة حكمه ، استطاع السلطان مراد أن يكون محاربًا نشطًا وقائدًا ذكيًا ، استطاع بحنكته أن يجمع بالفعل شتات دولته ، طيلة خمس وعشرين عامًا متصلة ، خاض خلالها الكثير من الحروب والمعارك من أجل دولته .ولكن عندما حدثت الطامة الكبرى ، ترك السلطان مراد الحياة كلها ، وقرر الانعزال في مانيسا بعيدًا عن إرهاق الدنيا ، وقرر الاختلاء بنفسه في العبادة فقط ، حيث توفى نجله الأول وولي العهد ، ابنه الشاب علاء الدين أوغلو ، لينقل السلطان مراد السلطة إلى ابنه الأصغر ، فاتح سلطان محمد خان ثاني ، الشهير باسم محمد الفاتح .السلطان محمد الفاتح :
كان محمد الفاتح في هذا الوقت ، يبلغ من العمر اثني عشر عامًا فقط ، ولم يكن لديه أية دراية بإدارة أمور السلطة والحكم ، على الرغم من أن والده السلطان مراد ، كان من السلاطين المحنكين ، وذوي الخبرة الواسعة في إدارة شؤون البلاد .وتم تقديم المساعدة له من قبل الخبراء ، إلا أنه على الرغم من كل ذلك ، تحالف عدد من الجيوش الأوروبية من أجل إسقاط الدولة العثمانية ، ومنها جيوش ألمانيا وبولونيا ، وفرنسا والمجر والبندقيّة ، وكل هؤلاء كانوا تحت إدارة السلطة البابوية ، التي دعمتهم للتخلص من الدولة العثمانية كلها .في تلك الفترة الحرجة ، كان لابد من الاستعانة بخبرات السلطان مراد ، فقام كبار رجال الدولة بإرسال رسالة إليه ، في مكان عزلته برفقة حمزة بك ، وإسحاق باشا وطالبوه في رسالتهم ، بالعودة مرة أخرى ليقود الجيوش العثمانية ، ضد الهجوم الأوربي عليهم ، إلا أن السلطان مراد كان قد أحب حياة العزلة ، بعيدًا عن السلطة والحروب وشؤونها كافة .في تلك الفترة وتحديدًا بعدما تلقى السلطان مراد ، رسالة ابنه السلطان محمد الفاتح ، وبالطبع مع ارتياحه البالغ بتلك الحياة المنعزلة ، أرسل إلى ابنه ردًا بأن الدفاع عن الدولة ، واجب من واجبات السلطان أي ابنه محمد ، فلما تلقى محمد الفاتح رسالة والده ، أجابه بأنه إذا كان هو السلطان ، فإنه يأمره بالعودة ، والدفاع عن الدولة ، وإن كان السلطان مراد هو من يحكم ، فليعد مدافعًا عن دولته .عودة السلطان مراد مرغمًا :
لم يجد السلطان مراد بُدًا ، من العودة وتقبل أوامر ابنه ، وبدأ فورًا في تجهيز الجيش ، ولاقى أعدائه ببسالة شديدة ، وانتصر في معركته ضدهم انتصارًا كاسحًا ،  ليعود بعدها إلى أدرنة ، ولكن رجال الدولة طالبوه بالعودة فلم يعد ، ولم يعزل ابنه عن السلطة ، ومع شدة الإلحاح عاد السلطان مراد مرة أخرى إلى السلطة ، ولكنه لم يطق أن يتحمل مسؤلية الدولة ، لأكثر من خمسة أشهر ، فاعتزل الحياة مرة أخرى ، وعاد إلى زهده وعبادته بعد أن ولى الحكم ، لابنه السلطان اليافع .في هذه المرة ثار الجند ضد السلطان الجديد ، إذا كان من العادة أن تخرج الجنود خلف السلطان ، وهذا الأمر لم يكن متوفرًا بيد السلطان محمد ، فقام الجنود بإحداث تخريبات في الدولة ، اضطر بسببها السلطان مراد ، العودة إلى السلطة لخمسة أعوام أخرى ، ليعتزل بعدها السلطنة مجددًا ، ولكن هذه المرة إلى الأبد ، بعدما تركها مرتين من قبل .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك