برعت النساء في العديد من المجالات ، مثل الرجال أيضًا ، ولكن مع القليل من تسليط الأضواء عليهن ، إلا أن المجال العلمي شهد العديد من الإسهامات من جانب المرأة ، وفي هذا المجال نروي قصة نجاح ، عالمة الرياضيات الشهيرة ، إيمي نويثر .أماليا إيمي نويثر ، هي عالمة ألمانية الأصل ، خاضت الكثير من المواجهات من أجل تحقيق حلمها ، بأن تدرس الرياضيات ، ومن ثَم تبدأ رحلة لتعليم الطلاب ، مما دفعها لحياة ذاخرة بالإثارة والمغامرات ، خاصة وأن النساء في هذا الوقت ، لم يكن مسموحًا لهن ، أن يخضن مجالات العمل الأكاديمي ، مما دفعها للعمل تحت اسم مستعار لرجل ، وهو هلبرت حتى تتمكن من استكمال حلمها ، لتبرع في النهاية بالعديد من الإسهامات في علوم الفيزياء والجبر ، ولُقّبت بأهم امرأة في تاريخ الرياضيات .حياة إيمي نويثر ونشأتها :
شهد يوم 23 مارس لعام 1882م ، مولد إيمي نويثر أو أماليا كما أسماها والدها ، في مدينة إرلنجن الألمانية ، وكانت إيمي تنحدر من عائلة يهودية الأصل ، حيث كان والدها هو عالم الرياضيات ماكس نويثر ، الذي أضاف الكثير والكثير للهندسة الجبرية ، وكانت إيمي هي أول أبنائه ، فنالت الكثير من رعايته لها ، هي وأشقائها الذين أتوا بعدها .وكانت تتصف أماليا بأنها فتاة ذكية ، ومتفوقة في دراستها للغاية ، حيث شهد لها كافة معلميها بالنبوغ الشديد ، إلى جانب شغفها الواضح في تعلم الطهي ، فكانت لا تنسى كونها أنثى ، فعزفت البيانو وتعلمت وسائل التنظيف والعناية بالمنزل ، مثل غيرها من الفتيات .محاضر للرياضيات بدون أجر :
تلك التربية والنشأة المعتدلة لأماليا ، جعلت منها فتاة طموحة ومتزنة ، حلمت بأن تقوم بتدريس الرياضيات ، وأن تصبح عالمة في هذا المجال مثل والدها ، فبدأت العمل من خلال تدريس اللغتين ، الفرنسية والانجليزية للفتيات بالمدارس ، لفترة من الوقت .كان والدها يعمل محاضرًا في جامعة إرلجن ، فبدأت إماليا أو إيمي كما لقبت نفسها ، في الحضور والاستماع لشرح والدها ، حتى استطاعت إنهاء دراستها ، وبدأت العمل كمحاضر في نفس الجامعة ولكن من الباطن دون أجر ، ذلك أن النساء في هذا الوقت ، لم يكن مسموحًا لهن ، بتولي المناصب الأكاديمية .عالمة رياضيات بجامعة جوتنجن :
اشتهرت جامعة جوتنجن ، بريادتها في بحوث الرياضيات ، وبحلول عام 1915م ، قام كل من فيليكس كلاين وديفيد هيلبرت ، باستدعاء أماليا للتدريس بالجامعة ، عقب أن ذاعت شهرتها ، في هذا المجال بوصفها ، محاضرة بارزة ومتميزة في مجالها ، إلا أن التمييز والعنصرية ضد المرأة ، في تلك الفترة من الظلام الفكري ، قد حالا دون ذلك ، فاضطرت إيمي للعمل تحت اسم رجل ، وهو هلبرت وذلك منذ عام 1915م وحتى عام 1919م ، إلى أن قامت الجامعة بالموافقة ، على تأهيلها للحصول على درجة الأستاذية ، في مجال الرياضيات .برعت إيمي في مجالها ، الذي نال شغفها منذ الصغر ، فأضافت الكثير في علم الجبر التجريدي ، وأصبحت أحد أهم الأعضاء البارزين به ، وأُطلق على طلابها أبناء نويثر ، نظرًا لتميزهم عن غيرهم في هذا المجال تحديدًا .وفاة إيمي نويثر :
انتقلت إيمي بحلول عام 1932م إلى أميركا ، لتتولى منصب بكلية برين ماور ، في ولاية بنسلفانيا ، إلا أن هذا المنصب لم يدم طويلاً ، فعقب مرور ثلاث أعوام ، اضطرت إيمي للخضوع إلى عملية جراحية ، لإزالة كيس عن المبيض ، إلا أنها وبعد مرور أربعة أيام فقط ، من تأثير العملية الجراحية وآلام المرض .وتوفيت في 14 إبريل عام 1935م ، عن عمر ناهز ثلاثة وخمسين عامًا. لتترك خلفها علمًا واسعًا ، أتاح المجال للباحثين في علوم الرياضيات من بعدها ، للاستفادة من الكنوز العلمية التي تركتها .