قصه اللاعب روميلو لوكاكو

منذ #قصص نجاح

خلف الصور اللامعة للاعبي كرة القدم والرياضيين ، دائمًا ما تختبئ صور أخرى أكثر عتمًة وغموضًا ، منها ما يخص الفقر والحاجة ومنها ما يخص الخلافات والصراعات ، ويعد لاعب كرة القدم البلجيكي الشهير لوكاكو واحدًا من هؤلاء الذين أزاحوا الستار عن صورهم في الماضي عندما سرد قصته .وقال أتذكر تمامًا تلك اللحظة التي علمت فيها أننا محطّمين ، لا زال بإمكاني تذكّر أمي أمام باب الثلاجة ، وتلك النظرة في عيونها ، لقد كنت في الـ 6 من عمري وعدت كي أتناول الغداء أثناء استراحة المدرسة ، أمي كانت تضع لنا نفس الطعام كل يوم ، خبز وحليب وعندما تكون طفلًا لا تفكر كثيرًا بهذه الأمور، ولكن كان هذا هو الشيء الوحيد الذي بإمكاننا تحمل تكلفته .ثم في يومٍ ما شاهدت أمي أمام الثلاجة وبيدها حليب كالعادة ، لكن هذه المرة كان بيدها شيء تخلطه معه ، لم أدرك ماذا يحصل في البداية لكن بعد ذلك أحضرت لي وجبتي وهي تبتسم ، وكأن كل شيء على ما يرام لكنني أدركت على الفور ما الذي يجري .لقد كانت تخلط الماء بالحليب فلم يكن الحليب يكفينا لنهاية الأسبوع ، كنّا معدومين لسنا فقراء فحسب ، بل معدومين ، والدي كان لاعب محترف لكنه كان في نهاية مسيرته والأموال قد نفذت ، أول شيء قام ببيعه هو التلفاز ، وكان لسان حاله يقول لا مزيد من كرة القدم .وبعد ذلك تطوّرت الأمور حيث كنت أعود للبيت ، وأجد أضواء ولا كهرباء لمدة أسبوعين أو ثلاثة ، وحتى عندما كنت أذهب للحمام لا مزيد من الماء الساخن ، أمي كانت تقوم بوضع الماء في غلاية وتسخنه لي ، ثم تسكبه على رأسي .لقد مرّت أيام اضطرت أمي فيها لأن تقترض الخبز من المخبز ، كان الفرّانين يعرفونني أنا وأخي ، فكانوا يسمحوا لها بأخذ رغيف من الخبز يوم الاثنين وكانت تسدد ثمنه يوم الجمعة ، كنت أعرف أننا نعاني ، لكن لدرجة أن نخلط الحليب بالماء ؟هنا كل شيء انتهى فتلك كانت حياتنا ، يومها لم أقل لها كلمة واحدة ، لم أرغب بأن أثقل كاهلها فما تمر به كان يكفيها ، أكلت وجبتي ثم أقسمت لله ووعدت نفسي بأن أغير حياتي للأفضل ، وكأن أحدهم غرس أصابعه بداخلي ليوقظني ، ويقول لي هذه الحياة يجب أن تتغير ، فلم يكن بإمكاني تحمّل رؤية والدتي وهي بهذه الحالة .الناس في كرة القدم يتحدثون كثيرًا عن القوة الذهنية ، حسنًا أنا أقوى شاب قد تقابله في حياتك من هذه الناحية ، لأنني كنت أجلس أنا وأمي وأخي الصغير في الظلام وندعي الله ، ونصلي ونفكر لأننا كنا نؤمن وندرك تمامًا أن كل شيء سيتغير عاجلًا أم آجلًا .احتفظت بوعودي لنفس لكني كنت أعود من المدرسة أحيانًا ، وأرى أمي تبكي ، فقلت لها أخيرًا يا أمي هذه الظروف ستتغير، سترين ذلك سألعب في أندرلخت سنكون بخير، ليس عليكِ أن تقلقي بعد اليوم أبدًا ، إن كل مباراة لعبتها كانت أشبه بنهائي ، حتى عندما كنت ألعب في الحديقة أو في الشوارع، كنت أعتبرها نهائيات فقد كنت في السادسة من عمري في ذلك الوقت.”كنت أبدو أطول وأكبر من عمري ، وكان المعلمين وآباء زملائي قد بدئوا بضغطي وإرباكي، فلن أنسى المرة الأولى التي قال لي فيها أحد الكبار : مهلًا ما زال عمرك صغير لا تتعجل ، ولكن عندما أصبحت في العام الحادي عشر من عمري ، كنت ألعب في أحد فرق الشباب ووالد أحد لاعبي الفريق الخصم حاول منعي من دخول الملعب ، حيث قال : كم عمر هذا الطفل ؟ أين هويته ؟ من أي بلد ؟والدي لم يكن هناك يومها، لم يكن يملك سيارة كي يقوم بإيصالي لمبارياتنا خارج الأرض ، وكنت وحيدًا وكان عليّ أن أدافع عن نفسي ، فأتيت ببطاقتي من الحقيبة وأظهرتها لجميع الآباء الحاضرين ، ومرروها على أنفسهم ، لقد أردت أن أصبح أفضل لاعب في تاريخ بلجيكا ، كنت ألعب بغضب وشراكة لأسباب عديدة ، بسبب الفئران في منزلي بسبب والدتي، بسبب عدم قدرتي على مشاهدة دوري الأبطال ، بسبب نظرة الآباء الآخرين لي .وعندما كنت في سن الـ 12، سجلت 76 هدف في 34 مباراة فقط ، لقد سجلت جميع تلك الأهداف وأنا أرتدي حذاء والدي، كنت أرتدي حذاءه وأنا في سن الـ 12عام ، نعم كنّا نتشارك الأحذية نفسها ، وفي أحد الأيام هاتفت جدّي والد أمي من الكونغو ، َوأخبرته أني أبلي جيدًا وبأني سجلت 76 هدف والأندية الكبيرة تنظر إليّ .كان جدي يحب سماع أحاديثي عن كرة القدم وماذا أفعل ، وفي يوم من الأيام قاطعني جدي فجأة وقال : هل يمكنك أن تسدي لي معروفًا ؟ فقلت له بالطبع ما هو؟ فقال لي هل يمكنك أن تعتني بابنتي؟ فأجبت هل تقصد أمي ؟ نعم بالطبع نحن بخير .فقال لي عدني أنك ستعتني بها ، عدني بذلك لأجلي فأجبت وأنا لا أفهم شيئًا حسنًا أعدك بذلك ، وبعد ذلك بـ 5 أيام فقط توفيّ جدي ، وقتها عرفت لماذا أخبرني بأن أعتني بأمي ، أشعر بالحزن كلّما فكرت بذلك ، أتمنى لو أنه عاش 4 سنوات أخرى ، كي يراني ألعب لأندرلخت وليرى أنني استطعت أن أفي بعهدي ، هل تعلم؟ كل شيء سيكون بخير يا جدي.”على أيّة حال، هل تعلموا ما هو المضحك؟ لقد أضعت 10 سنوات من عمري دون أن أشاهد دوري الأبطال ، لم يكن بإمكاننا تحمل نفقات التلفاز ، أتذكر أنه في 2002 كان الطلاب في المدرسة يتحدثون عن نهائي دوري الأبطال ، تلك التسديدة من زيدان أي تسديدة ؟ لا أعل م، لكن كان علي أن أتظاهر بأني شاهدت اللقاء كما هم شاهدوه .هل تعلمون متى شاهدت الهدف ؟ بعد ذلك بـ 3 أسابيع ، كنا في قاعة الحاسوب بالمدرسة ، وأحد الطلاب قام بتحميل فيديو لهدف زيدان ، وفي صغري لم يكن بإمكاني مشاهدة تيري هنري حتى على التلفاز، ولكن الآن أنا بجانبه في كأس العالم وأتعلم منه كل يوم .لقد كان حذائي في عام 2002م مليئًا بالثقوب ، ولكن بعد 12 سنة شاركت في كأس العالم ، والآن شاركت بكأس العالم بروسيا ، حقًا أنا فقط أتمنى لو أن جدّي كان لا زال على قيد الحياة،  لا دوري أبطال ، لا مانشستر يونايتد، لا كأس عالم، لا أريد أن أريه شيئًا من هذا ، أريد فقط أن أريه الحياة التي نحظى بها الآن ، أتمنى لو أن بإمكاني أن أحظى بمكالمة أخرى معه ليرى فقط ما نحن به الآن.هل ترى يا جدي ؟ أخبرتك أن ابنتك ستكون بخير ، لا مزيد من الفئران بالبيت لا مزيد من النوم بجانب الشباك ، لا مزيد من التوتر نحن بخير الآن بخير يا جدي ، وهم الآن ليسوا بحاجة لأن يتفحصوا بطاقتي ، هم يعرفون اسمي بمجرد النظر إليّ ، لوكاكو يلمع الآن في عالم الساحرة المستديرة ، وهو نجم نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي وهدافه الأول ونجم منتخب بلاده بلجيكا ، ولعب بكأس العالم الأخير بروسيا وأحرز أهداف رائعة ولفت أنظار العالم كله ، يا ليتك تراني الآن يا جدي .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك