هي امرأة لا تعرف المستحيل ، لا تعترف بالعجز استطاعت أن تغير حاضرها وماضيها من أجل مستقبلها ، إنها اليمنية جمالة البيضاني ، التي ابتلاها الله بالمرض في صغرها فوقعت أسيرة للشلل ، ولكنه لم يأسر روحها فقط كان جسدها الغض يقبع على كرسٍ متحرك ، وهي بعمر سبع سنوات أما عقلها وروحها فقد نالا ما يستحقان حتى أضحت اليوم امرأة حديدية ترفع شعار التحدي من على كرسي متحرك .ميلادها ونشأتها :
ولدت جمالة صالح عبدالله البيضاني في 12 من فبراير1977م في قرية العيوف التابعة لمحافظة البيضاء ، وقد كانت جمالة فتاة طبيعية عند ولادتها ، نشأت كطفلة مدللة في العائلة تتمتع بشخصية قوية ، وفي عام 1984م تعرضت لحمى شديدة ارتفعت معها درجة حرارتها، وبدأت جمالة تشعر بالصداع المصحوب بالألأم .فقررت أسرتها عرضها على الطبيب الذي أبلغهم أن ما تعاني منه ابنتهم ليس حمى عادية ، بل هي الحمى الشوكية (التهاب السحايا)، وفجأة تطور المرض بسرعة شديدة وتحولت الطفلة المدللة إلى طفلة مقعدة على كرسي متحرك ، بعد ما أصيبت بالشلل ، وبعد محاولات كثيرة ورحلة في عالم الطب تسرب اليأس إلى والداها وفقد الأمل في العلاج .وكانت نظرات الشفقة والعطف هي أكثر ما يؤلم جمالة ، لكنها رغم ذلك قررت العودة لدراستها وهي طفلة لم تتخطى السابعة ، وكانت المعاقة الوحيدة في مدرسة تحتوي على أربعة ألاف طالبة بين جنباتها ، وصمدت جمالة بعد أن قررت مواجهة مصيرها المحتوم ، وبدلًا من السكون على كرسيها المتحرك خرجت تبحث عن المعاقين .وفي عام 1995م استطاعت جمالة أن تنضم لجمعية خاصة بالمعاقين وكانت هي الأنثى الوحيدة بها رغم أنها كانت فقط في الثالثة عشر من عمرها ، وبسبب تفوقها وذكاءها تقدمت بدراسة عن المعاقين لمنظمة أو كسفام البريطانية ، فما كان إلا أن رشحتها المنظمة لتمثيل وطنها اليمن في مؤتمر المرأة العالمي ببكين ، وقد كانت لا تزال في المرحلة الثانوية فقط !وبعدها عملت جمالة كمنسق وطني لحقوق المعاقين في المنظمة السويدية ، كما تم تعينها بالدار البيضاء لتكون أول فتاة معاقة تعمل بدائرة حكومية هناك ، وفي عام 1998م أنشأت جمالة جمعية خاصة برعاية المرأة المعاقة ،وسمتها التحدي بعد أن حصلت على موافقة من الشئون الاجتماعية ، وكانت جمالة تعمل على تأسيس الجمعية في ذلك الوقت ، بالإضافة إلى استكمال دراستها الجامعية .وفي عام 2000م استطاعت ابنة اليمن الصامدة أن تحصل على شهادة تخرجها من علم الاجتماع بجامعة الملكة أروى ، وحينها كان والدها قد فارق الحياة قبل أعوام فانتقلت للعيش مع أسرتها بصنعاء وهنك أسست جمعية التحدي لرعاية المعاقات ، وحينما وصلت للجمعية فتاة معاقة يتيمة لا أهل لها ولا سكن ، شعرت جمالة بأهمية توفير سكن للمعاقات ، وبالفعل قررت إنشاء سكن داخلي للمعاقات .كما أنشأت عيادة طبية ومدرسة للمعاقات ومشغل لتعليم الخياطة، وتضم مدرستها ما يقرب لـ 500 طالبة معاقة ، ونظرًا لجهودها الكثيرة في تطوير حياة المعاقين قامت الشئون الاجتماعية بإسناد العمل في مركز ذوي الاحتياجات الخاصة لرعاية الصم والبكم إلى جمعية التحدي التي أسستها جمالة عام 2003م ويضم هذا المركز 600 طالب .كل هذه الانجازات رشحت جمعية التحدي كأفضل جمعية رائدة في مجالها ، حتى أنه تم ترشيحها عام 2005م للحصول على جائزة الكوندراد الأمريكية ، ولم يتوقف طموح جمالة عند هذا الحد ، فبجانب مشاريعها المتعددة أنشأت مركز للعلاج الطبيعي ، كي تساعد في تأهيل المعاقات جسديًا ، وقد ذاع صيت جمالة البيضاني رائدة التحدي حتى أن مدرب التنمية البشرية الراحل إبراهيم الفقي سمع عنها ، وقرر أن يأتي ليلتقي بها ويسمع قصتها التي غيرت بها واقع المعاقات للأبد .