كان كمال ريس يشتهر بلقب أسطورة البحار ، والذي حاز عليه طيلة فترة قيادته للبحرية العثمانية ، حيث أنه كان يهوى مجال الإبحار والملاحة منذ صغره ، وقد وُلد كمال ريس في شبه جزيرة جاليبولي بتركيا خلال عام 1451م تقريبًا ، وأصبح قائدًا بحريًا في الأسطول العثماني نتيجة لبراعته في القيادة البحرية .قائد الأسطول العثماني :
وقع الاختيار على كمال الريس ليصبح قائدًا للأسطول العثماني ، حيث أنه أثبت تفوقه في صد التقدم الإسباني الزاحف على الإمارات العثمانية ، وقام السلطان بايزيد الثاني بتكليفه بمهمة الدفاع عن أراضي الأمير أبي عبدالله محمد الثاني عشر الذي كان يحكم غرناطة وهي آخر معاقل المسلمين في بلاد الأندلس .لقد أدرك كمال الريس مدى صعوبة تلك المهمة ، فحاول الحد من التقدم الإسباني ولكن محاولاته لم تنجح بسبب وجود خور داخلي في غرناطة ، فأصبح مقتنعًا أن مهمته الأساسية هي إنقاذ المسلمين الأندلسيين ، وهو ما جعله يقوم بنقل المسلمين من إسبانيا إلى الولايات العثمانية ، كما كان يقوم بنقل الحجيج عبر البحر كي يحميهم من القراصنة الإسبان والإيطاليين .وقد تلقى قائد الأسطول البحري كمال ريس أمرًا من السلطان بايزيد الثاني بتطوير سلاح البحرية ؛ وذلك بسبب قوة الهجمات الأوروبية القادمة من جانب البحر ، وهو ما جعله يقوم بتطويره من خلال الإشراف على بناء بواخر كبيرة تستطيع أن تحمل نحو 700 جندي ، كما يمكن إعدادها بمعدات إضافية للحروب .وقام كمال ريس بقيادة أسطوله في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي ؛ وذلك في الفترة ما بين 1495م وحتى 1510م ، وقد تمكن من جعله بحرًا إسلاميًا لا يوجد به مكان لأي بحار صليبي ، وورد في التاريخ أن كمال ريس هو أول بحار يقوم باستخدام المدافع على متن السفن خلال عام 1499م ، وكان ذلك حينما التقى بأسطول جمهورية البندقية ، حيث داهمهم بالسلاح الأخطر آنذاك ؛ والذي كان يعمل على إعداده طيلة فترات حروبه السابقة .وقد تمكن كمال ريس من سحق أسطول البندقية نتيجة لاستخدامه المدافع الحارقة في معركته معهم ، فكان هذا النصر بداية سيطرة حقيقية لأسطول ريس على سواحل البحر الأبيض المتوسط ، حيث تمكن من الاستيلاء على أغلب إمارات البندقية ، كما حصل على كثير من الموانئ البحرية التابعة للإيطاليين والتي ضمها إلى العثمانيين ، وبذلك استمر كمال ريس في سيادته للبحر الأيوني دون منازع طيلة فترة قيادته للأسطول العثماني .ونتيجة لفضل كمال ريس في هزيمة جمهورية البندقية ؛ قام السلطان بايزيد الثاني بمنحه عشرة من سفن البندقية المأسورة كهدية على ما قدمه من إنجازات بحرية ، وهكذا ظل ريس يجوب البحار وهو يفرض سلطته على الأوروبيين وفرسان القديس يوحنا ، كما فرض سيطرته على قراصنة البحر الذين كانوا يقومون بمهاجمة قوافل الحجاج والسفن العثمانية حتى أوائل عام 1511م .وفاته :
هبّت عاصفة شديدة في إحدى الرحلات البحرية في البحر الأبيض المتوسط والتي كان يقودها كمال ريس ، وهو ما أدى إلى تحطم 27 سفينة تابعة للأسطول البحري العثماني ، وكانت سفينة القائد كمال ريس واحدة من ضمن السفن التي تحطمت ، الأمر الذي أدى إلى وفاته مع رجاله في تلك الحادثة ، لتنتهي بذلك قصة أسطورة البحار الذي لطالما بثّ الفزع في قلوب الأوروبيين على مدار خمسة عشر عامًا كاملة دون أن يتراجع أو يستسلم ، لذلك استحق عن جدارة أن يحصل على لقب “أسطورة البحار”.