يعد الخليفة عبدالملك بن مروان ، واحداً من أهم الخلفاء ، في تاريخ الدولة الأموية ، حيث امتدت فترة توليه الحكم ، ما بين عامي 65هـ وحتى عام 86هـ ، وقيل أن الخلافة الأموية قد شهدت وعاصرت ، الكثير من الازدهار في عهد الخليفة ، عبدالملك بن مروان ، حيث تقدمت وارتقت الدولة بشكل ملحوظ ، فانتشرت الثقافة والعلوم. وكانت عاصمة الدولة الأموية آنذاك ، العاصمة دمشق والتي نالت في هذا الوقت ، سلاح العلم والثقافة والمعرفة ، فكانت هي المنارة الأكثر تفوقاً ، بكاقة العلوم الإنسانية ، حيث أتاها طلاب العلم من كافة أنحاء المعمورة . وجدير بالذكر ، أن الخليفة عبدالملك بن مروان ، كان قد تولى الخلافة ، عقب مقتل والده مروان بن الحكم ، والذي يعد ثاني مؤسسي الدولة الأموية الإسلامية ، حيث شهدت الدولة في عهده الكثير من التقدم . وكان الخليفة عبدالملك بن مروان ، قد ولد ونشأ في المدينة المنورة ، وتعلم فيها على يد كبار شيوخها ، العلوم الشرعية والأمور الفقهية ، إلى أن انتقل إلى العاصمة دمشق ، استكمالاً لما بدأه من دراسة ، فتتلمذ على أيدي شيوخ وكبار علماء دمشق ، فتشكلت بذلك شخصيته ، بالكيفية المستنيرة القيادية التي ظهر عليها ، فيما بعد . تولى عبدالملك بن مروان الخلافة : تولى عبدالملك بن مروان ، مقاليد الحكم عقب وفاة والده ، في عام 65 هـ ، ولم تكن تلك الفترة باليسيرة من الأساس ، فقد شهدت الكثير من النزاعات السياسية ، بين طرفي الخلافة ، حيث قسمت الخلافة آنذاك ، بين خلافتين في مصر وبلاد الشام ، وكانت تلك تقع تحت حكم الخلافة الأموية ، بينما الطرف الآخر كانت بالعراق والحجاز ، وكانت تقع تحت حكم عبدالله بن الزبير . ظلت الخلافة على قسمتها ، إلى أن تولى الحجاج بن يوسف الثقفي ، قيادة الجيش بأمر من عبدالملك بن مروان ، فقام بالتخلص من خصوم الدولة الأموية ، وقد كان الحجاج قد عرف بدمويته الشديدة ، وولائه للدولة الأموية عموماً .
وعلى الرغم من تلك النزاعات ، والمعارك الجانبية ، إلا أنها لم تشغل عبدالملك بن مروان ، عن إقامة دولة متقدمة ومزدهرة ، إلى جانب الكثير من الفتوحات في فترة خلافته ، فحقق النصر للإسلام في كل من ، بلاد المغرب وأنطاكية و أرمينيا ، وعمورة ومدعش ، كما استطاع بن مروان ، أن يتخطى الكثير من الأزمات والنزاعات ، التي كان من الممكن ، أن تتسبب في انهيار الدولة الأموية آنذاك ، إلا أنه كان يتمتع بشخصية قيادية رفيعة المستوى ، جعلته يتمكن من تخطي كل تلك العقبات . وفاة الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان: كان الخليفة الأموي ، عبدالملك بن مروان ، قد توفى في 15 من شهر شوال ، عام 86هـ بالعاصمة دمشق ، والتي كانت تمثل عاصمة للدولة الأموية آنذاك . وكان الخليفة بن مروان ، يبلغ من العمر حين وافته المنية ، حوالي ستين عاماً ، وقيل أنه حينما أتته سكرات الموت ، طلب ممن حوله أن يحملونه للأعلى ، ففعلوا فاستنشق الهواء ، وقال (يا دنيا ما أطيبك إن طويلك لقصير و إن كثيرك لحقير و إن كنا بك لفي غرور) ، ثم احتضر حتى بكى ولده ، الوليد بن عبدالملك ، وكان ولده الوحيد ، حتى اشتد بكائه فطلب منه والده ، أن يظل رجلاً شجاعاً قوياً ، ذا بأس شديد ، وصاحب كلمة حق ، وألا يسمح بالتفرقة بين المسلمين ، وأوصاه بأن تظل الدولة الأموية منارة للعلم والثقافة والقوة ، كما هي .