جاكي شان هو واحد من أكثر النجوم السينمائية شهرة في العالم ، ولطالما أبقى هذا الممثل المحبب في هونغ كونغ الجماهير على حافة مقاعدهم ، مع أعماله المثيرة التي تتحدى الموت والأسلوب الفريد لفنون الدفاع عن النفس الممزوج بالكوميديا ، كالانزلاق أسفل ناطحة سحاب مؤلفة من 21 طابق لصد الأعداء باستخدام مقعد المرحاض . واستمر جاكي شان في إثارة مشاعر الجمهور وسحرها بألاعيبه المبتكرة ، ومع ذلك لم يصل إلى مركزه في قائمة “هوليود” إلا من خلال قدرته على إلقاء الضربات البسيطة ، لقد استلهم إبداعه الدائم وطاقته اللامتناهية في صناعة السينما ، ومن خلال ساعات طويلة من العمل الشاق وكسر كل عظمة في جسمه تقريباً . اكتسب جاكي شان المرونة والدافع الذي قاده في نهاية المطاف إلى النجاح ، هذه قصة حياة جاكي شان، من الممثل الطفل المتعجرف للفنان الدفاعي البهلواني ، الذي يضع حياته باستمرار على الخط لإبقاء أعيننا ثابتة على الشاشة . الحياة المبكرة والتعليم الصعب : ولد جاكي شان في هونغ كونغ في السابع من أبريل عام 1954م ، ووالده هو كونغ تشان كونغ وكان جاكي هو الابن الوحيد للوالدين الفقراء ، وكلاهما لاجئان من الحرب الأهلية الصينية ، عاشت العائلة الصغيرة في منطقة فيكتوريا بيك ، وهي منطقة مرموقة في هونغ كونغ . لكن أسلوب حياتهم كان بعيداً عن الامتياز فكانوا يعيشون في أماكن الخدم ، بينما كان والده يعمل طباخاً وأمه مدبرة منزل للسفير الفرنسي ، وكطفل نشيط بحيوية حصل جاكي على لقب “Pao-Pao” وهذا يعني الشقي ، ولكي يستخدم طاقته كان والد جاكي يوقظه مبكراً ويمارسان الكونغ فو معاً ، يقول جاكي لقد علمني والدي العمل الجاد والممارسة التي يتطلبها هذا الفن القتالي ، وعلمني قيمة القوة والصبر والاحترام . وفي حين بدأت مهاراته القتالية في التبلور كانت مهاراته الأكاديمية سيئة ، لكونه يعاني من عسر القراءة ونتيجة لذلك فقد فشل في عامه الأول في المدرسة الابتدائية ، لكن إمكاناته في الكونغ فو دفعت والده إلى تسجيله في الأكاديمية الصينية ، ويتذكر جاكي تلك اللحظة وهو يسير في قاعات المدرسة المألوفة ، ويمسك بيد والده بشدة . واختفى خوفه بينما كانت عيناه تحدقان بالعشرات من الأطفال ، وهم يقومون باللعب بالسيوف والعصي ، لقد كانت فكرته أنها “ديزني لاند” ولكن سرعان ما ترك يد أبيه واستوعب ثياب سيده الجديد ، يو جيم-يوين ، وسرعان ما بدأ السحر في الظهور وبدأت الألوان الحقيقية للأكاديمية في الوضوح . كان مكاناً تنافسياً بلا رحمة حيث يدوم التدريب من 18 إلى 19 ساعة يومياً ، ولم يكن جاكي تلميذاً جيداً على وجه الخصوص وغالباً ما واجه مشاكل ، وبين فترات تدريبه الصارمة تعرض جاكي للمضايقات من قبل الأطفال الآخرين ، لأنه كان يخاف منهم بشكل واضح ولكن تدخل أخيراً أحد الطلاب لإنقاذه من التعرض للمضايقات . وقام الشاب بتعليم جاكي الدفاع عن النفس وأهمية مساعدة الآخرين ، وعلى مدى 10 سنوات تعلم جاكي فنون القتال والألعاب البهلوانية ، والغناء والتمثيل ولكن بثمنٍ مؤلم حيث كان يقول جاكي : “في كل يوم كنا نتدرب من الفجر حتى منتصف الليل ، وأي شخص يُمسك بأمر ما حتى لو بسيط قد يتعرض للجلد والتجويع ” .جاكي شان يحلم بالنجومية : ومن أجل الحفاظ على وظائفهم غادر والدا جاكي للعمل في السفارة الأمريكية في استراليا ، وتركوا جاكي 7 سنوات وحده في هونغ كونغ للدراسة ، وكشف جاكي لاحقاً أن والده كان جاسوساً وكان عليه أن يختبئ في أستراليا ، ثم تبعته والدته بعد ذلك حتى يتمكنوا من تمويل وجود جاك في مدرسة بيكين الداخلية . وفي سن الثامنة أصبح جاكي جزءاً من “Seven Little Fortunes” ، وهي مجموعة من أطفال الأكاديمية الذين سيقومون باستخدامهم في الأفلام الصينية ، لقد كان متحمساً ولعب جاكي أجزاءه باجتهاد كبير ، وفي واحدة من هذه الأفلام أعجبت الممثلة التايوانية التييتا بجاكي ،والتي كانت تقوم بدور والدته في الفيلم ، وظهر في أفلامها التالية . وعلى الرغم من أن السيدة أخذت كل راتبه ، إلا أن جاكي كان منتشياً وبدأ يحلم بأن يصبح ممثلاً عالمياً مشهوراً ، وفي سن السابعة عشرة تخرج جاكي شان وواصل تجاربه في الأفلام ، وقام ببطوله لأعمال صينية مختلفة ومع فيلم بعد فيلم صار جاكي مع حلم كبير . بعض الأفلام نجحت له والبعض الآخر ليس بنفس القدر ، فقام أحدهم إلى المدير وقال له إنه “عديم الفائدة” ، لكن جاكي شان كان مصمماً على أن يكون الأفضل ، وقد تدرب أكثر من أي شخص حوله بينما كان الجميع ينامون ، كان يمارس حركاته في المرآة حتى الساعة الرابعة صباحاً ، وقال لنفسه: “لا تستسلم ، في يوم من الأيام ستنجح ” . وتدريجيا بدأت جهوده لإظهار الوعد الذي قطعه لنفسه ، وسرعان ما أصبح جاكي شان معروفاً برغبته وقدرته على أداء الأعمال المثيرة التي تتحدى الموت ، والقفزات التي تبدو بلا خوف وتحول إلى علامة بارز في تلك الصناعة ، بالطبع كان جاكي مرعوباً فعلاً قبل كل حيلة خطرة يقوم بها ، لكن لم يكن أي شخص آخر يفعل ذلك في ذلك الوقت لذلك رآها فرصة ليبرز في صناعة السينما . عمله بأفلام النجم بروس لي : في عام 1971م عمل كومبارس في أفلام بروس لي نفسه ، لقد كان جاكي نجماً حيث كان يقف خلف الكاميرا وهو يراقب لي يقدم ضربات سريعة ، وفي نقطة ما ضرب بروس بطريق الخطأ جاكي في الرأس بعصا أثناء التصوير ، ويذكر الممثل الشاب أنه اغتنم الفرصة للتظاهر بأنه كان يعاني من ألم خطير ، في محاولة لإبقاء اهتمام بروس عليه لأطول فترة ممكنة . وفتح هذا الحادث محادثة بين الاثنين ، وأخذ بروس يهتم بجاكي و يعلمه بعض الحركات من تلقاء نفسه ، وفي عام 1973م بعد وفاة بروس لي المأساوية ، عانى جاكي شان من دوره الأول في بطولة ليتل تايجر كانتون . كان إصداراً محدوداً مما أدى إلى ضعف نسبة المشاهدة ، وواجه جاكي صعوبة في العثور على عمل جيد ، ولم يكن أقرب إلى النجومية في هوليوود . لذا أخذ استراحة من التمثيل وذهب للانضمام لوالديه في كانبيرا بأستراليا ، وبينما كان هناك التحق لفترة وجيزة بكلية ديكسون لتعلم اللغة الإنجليزية ، وحصل على وظيفة “صعبة ومملة” في البناء ، وعندما سئل الممثل الهونغ كونغي عن “اسمه الإنجليزي” ، أجاب “جاك” حيث كان هذا اسم الرجل الذي يقف إلى جواره ، وبعد سنوات غيره إلى “جاكي” . ابتكار صناعة السينما في هونج كونج : تم استدعاء جاكي تشان إلى هونغ كونغ ليتألق في فيلم يسمى ” قبضة الغضب الجديدة” وهو في سن الـ 21 ، والفيلم من إخراج لو وي وقد لوحظت أخيراً أعماله المثيرة السابقة ، وهكذا ظهر النجم الناشئ في سلسلة من أفلام الكونغ فو ، لقد كان جاكي بائساً وأجبر على إعادة التفكير في خطته للعمل ، وقرر أنه لا يريد أن يصبح “بروس لي القادم” ، أراد أن يكون أول جاكي شان .
ومع وضع هذا في الاعتبار بحث جاكي عن طريقة ليكون بها مختلف ، فاسترجع نماذج طفولته مثل الكوميديين أمثال تشارلز شابلن وباستر كيتون ، ورأى أنه ربما إذا أخذ الكوميديا وطبقها في مجال الفنون القتالية ، فإن الجمهور قد يود ذلك وقد استفاد من تجربته في القتال في سنواته الأولى ، حيث كان من المتوقع أن يتسبب اللكم في إصابة شخص ما بالذعر والخوف . جلب جاكي سلوكيات واقعية إلى مشاهد مليئة بالحركة ، وجعلها كوميديه ومن خلال القيام بذلك ولَد هذا النوع من كوميديا الكونغ فو ، وقد تحققت أول نجاحات كبيرة له في عام 1970م مع Snake in Eagle’s Shadow ، وسقط له سن في الحركات القتالية ، ولكن بغض النظر عن إصاباته ، كان جاكي ممتناً لأنه منح الحرية الإبداعية على عمله . لقد عمل بلا كلل مع المدراء لإيجاد توازن بين كوميديا تهريجية وفنون عسكرية عنيفة ، ونتج عن هذا المنظور الجديد تجربة منعشة لأفلام الكونغ فو ، والتي سرعان ما أطلقت جاكي شان في دائرة الضوء ، وفي عام 1970م عمل كمخرج الطريق لـ The Fearless Hyena ، وهو نجاح كبير آخر . وانضم إلى شركة إنتاج جديدة مخترقاً عقده السابق مع لو وي ، ولكن وي لم يكن مستعداً لترك جاكي شان وأرسل إليه ليهدده ، وبدأ هذا الفزع من الجريمة المنظمة الصينية في غزو حياة جاكي اليومية ، ومن إطلاق النار عله عند الخروج من طائرة إلى أن يحاصر 20 من أفراد العصابة أثناء وجوده في أحد المطاعم ، فصار جاكي خائفاً على حياته ، ويقول جاكي منذ تلك اللحظة كنت بحاجة لحمل بندقية كل يوم عندما أخرج . نجاحه في هوليود : حتى الآن يعتبر جاكي شان الممثل الأعلى أجراً في هونغ كونغ ، ووصل إلى وضع المشاهير في جميع أنحاء آسيا ، كان “مشهوراً جداً” بحيث لا يمكن لمسه من قبل العصابات ، وسرعان ما استقرّ العداء غير المقصود في الثمانينات من القرن العشرين ، كان نجاح جاكي شان قد أكسبه سيطرة إبداعية كاملة على أفلامه ، لكن آسيا لم تكن الطموح فقط بل أراد جاكي هوليوود . وفي ذلك العام نفسه أرسلته شركة إنتاجه إلى الولايات المتحدة ، لتجربة حظه في فيلم هوليوود ” The Big Brawl” ، ولسوء الحظ لم يفعل أياً من الأفلام التالية التي ظهر فيها هناك ، فلم تكن مهارات جاكي شان الإنجليزية القليلة تتوائم مع أي مكان في الولايات المتحدة . لذا عاد إلى هونغ كونغ وعمل كمخرج و منتج لأفلامه الخاصة ، وأصبح أصغر شخص يعمل كمنسق حيلة ، وفتح مدرسة للوافدين الجدد المتحمسين وقام بتدريبهم بنفسه ، ووضع أساليبه المبتكره الجديدة معياراً جديداً للأفلام الصينية ، التي تنسب حتى يومنا هذا نجاحها الدولي إلى تكتيكات جاكي تشان الرائدة . ولأنه كان مصمماً على حلمه في أن يصبح نجماً دولياً ، عاد إلى الولايات المتحدة بعد أكثر من 10 سنوات ، في وقت لاحق من عام 1995م أصبح دوره في Rumble في Bronx مدخلاً إلى قلوب الجمهور الأمريكي ، وقد كسر كاحله أثناء التصوير ولكن بعد حدث له كسر في الأنف ، والعظام ، والأصابع ، والركبة ، والكتف ، والذقن ، وإخراج الحوض وتكسير الجمجمة ، كان كسر الكاحل لا يبدو مؤلماً بالنسبة له . ومنذ ذلك الحين تألق جاكي شان في سلسلة من الأفلام الرائجة، التي وضعته أخيراً على قمة هوليوود من Rush Hour إلى Kung Fu Panda ، واستمرت أدواره للترفيه عن الجماهير في جميع أنحاء العالم ، وفي منزله في هونغ كونغ استمر في صنع الأفلام التي كان يعرف أن من شأنها أن تسر المعجبين به ، وبطريقته المبتكرة في صناعة الأفلام والتسويق لها ، مهد الطريق أمام عدد لا يحصى من أفلام الحركة الكوميدية الصينية . وعلى مر السنين كانت تنعكس ابتكارات جاكي شان الدءوبة في أفلامه المليئة بالأعمال والمساهمات القيمة ككاتب ، ومنسق حيلة ، وحتى كمغني وبالنظر إلى تدريبه القاسي في مرحلة الطفولة ، وإخفاقات أفلام التي لا حصر لها كان لا يمكن لجاكي شان إلا أن يبتسم . إنه لا يندم على أي من العقبات التي يواجهها ، فقد كانت مصدر إلهام له بطريقة أو بأخرى حتى يفكر بطريقة مختلفة وأن يعمل بجهد أكبر ، وعلى الرغم من أن جاكي شان لم يتعلم القراءة أو الكتابة بشكل كامل ، أو يتقن استخدام الكمبيوتر لم يتوقف أبداً عن حلمه ، وها هو الآن يتحدث بسبع لغات ، ويساهم بملايين الدولارات في القضايا الخيرية ، وهو رجل أعمال مبدع لديه الرغبة في “القيام بشيء جيد كل يوم”. ومع ابتسامته المبهجة ولبسه للجينز البالي ، فإنه يبدو ببساطة ومذاق مشجعي كرة القدم الشغوفين فهو ليس أقل من ساحر ، إنه يشارك كلماته الحكيمة للآخرين باللغة الإنجليزية على أمل أن يلهم أحدهم لمواصلة القتال من أجل أحلامهم ، وعندما سئل كيف يمكن لأي شخص الوصول إلى ما هو عليه الآن ، ابتسم جاكي وهو يقول ببساطة اتبع حلمك ولا تستسلم .