قصة نوره الغامدي بائعة الشاورما

منذ #قصص نجاح

على كورنيش الدمام تهاوت أحلامها لتذوب مع ساندوتشات الشاورما في أفواه زبائنها الذين كانوا يعرفونها ببائعة الشاورما ، إنها ابنة المملكة نوره الغامدي الشابة التي عادت بعد رحلة طويلة من الابتعاث في كندا ، حصلت خلالها على الماجستير في مجال النانو ، هذا التخصص النادر الذي لم يقبله المجتمع رغم أهميته وحداثته . فموت أمها بمرض السرطان كان دافعها لدراسة النانو ، وإيجاد علاج من خلاله لمرضى السرطان ، فبعد دراستها للانجليزية بالخارج وأخذها العديد من الكورسات ، توجهت لذلك التخصص النادر وبعد رحلة طويلة مع العلم والغربة عادت نوره محملة بأحلام كثيرة ، ولكنها ارتطمت على صخرة الواقع ، حيث طرقت باب العديد من الجامعات والمراكز البحثية لكن دون فائدة . فقد تحجج البعض بأن هذا المجال للرجال فقط ، بينما تحجج البعض الأخر بعدم وجود وظائف شاغرة تناسب تخصصها ، وهكذا لم تجد نوره نفسها إلا وهي تطوي شهاداتها الجامعية وتضعها جانباً ، لتخرج بعربة للشاورما على كورنيش الدمام ، وهو الأمر الذي كانت تتقنه بخلاف النانو . والغامدي من مواليد محافظة بيشة وقد ظهرت عليها علامات النبوغ في سن مبكرة ، حيث درست الابتدائية بتفوق ثم انتقلت بعد ذلك للدراسة المتوسطة والثانوية في منطقة الباحة التابعة لمحافظة العقيق ، إلى أن راودها حلم الابتعاث الذي اصطدم بصخرة الواقع . وعن سنوات الغربة تحكي نوره أنها كانت تقضي وقتها في عمل متواصل ، حيث كانت تقضي أغلب يومها في المعمل بعيداً عن ابنتها الوحيدة وزوجها من أجل رسالتها السامية التي أمنت بها ، حيث أنها كنت تقضي بالمنزل ما لا يزيد عن خمس ساعات فقط ، فكانت تخرج من منزلها باكراً وتعود بعد منتصف الليل ، وقد كان دعم زوجها لها هو خير معين لها في تلك الرحلة الصعبة التي أخذت منها سنوات . لذا بعد عودتها وعدم قدرتها على العمل في مجالها لجأت لإعطاء دروس في اللغة الانجليزية ، بالإضافة لطهي الشاورما على كورنيش الدمام ، وهو الأمر الذي عارضه زوجها في البداية لأنه كان يعرف أن زوجته تستحق الصعود ، والعمل في تخصصها النادر الذي ألمت به وأحبته .

ولكنه انصاع لرغبتها بل وساندها في فعل ما رأته صائباً ، وكما يقولون رب ضارة نافعة فلولا عمل نوره بعربة الشاورما على كورنيش الدمام ، لما انتشرت قصتها وتفاعل معها ملايين المتابعين ، حيث تحدثت إليها العديد من المواقع الإخبارية والقنوات . الأمر الذي جعل جامعة الامام محمد بن سعود بالرياض تنتصر لها ، وتضمها إلى كادرها الأكاديمي لتصبح واحدة من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة ، بعد أن فقدت الأمل في تحقيق حلمها بالعمل في تقنية النانو ، ولكنها تدابير الله سبحانه وتعالى ورأفته بعباده المجتهدين . فقد ضربت نوره أروع الأمثلة في الكفاح والمثابرة ، اعمالاً بالقول القائل : “حب ما تعمل حتى تعمل ما تحب” ، وها هي الآن استطاعت بعد كفاح وإصرار أن تعمل في وظيفة تناسب تخصصها ، وهو الأمر الذي أسعد الكثيرين من متابعي قصة بائعة الشاورما . فهكذا تعود الأمور لنصابها الطبيعي ويشعر المواطنون في المملكة بأن لكل مجتهد نصيب ، مهما تأخر هذا النصيب أو واجه بعد العقبات ، فالله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملاً ، وتلك القصة انما هي دافع ومحفز لنا ولأبنائنا حتى يجتهدون فيما يرغبون ، ولا يقنطوا من رحمة الله أو ييأسوا من مجيء الفرص ، فبالسعي تتحقق الأمور .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك