اختصّ الله سبحانه وتعالى عباداً له بالنّبوّة والرّسالة، كما اختصّ آخرين بأن أتاهم الحكمة، فالحكمة هي البصيرة ونفاذ الرّأي وخلاصة تجارب الإنسان في الحياة، وبلا شكّ فإنّ الحكمة هي نور لا يؤتيه الله تعالى إلاّ للطّائعين المخبتين من عباده الذين لزموا كلمة التّقوى وسلكوا طريق الإيمان.
وصف الله سبحانه وتعالى من أوتي الحكمة من عباده بأنّه قد أوتي خيراً كثيراً، ذلك أنّ الحكمة تدلّ الإنسان على الخير دائماً وتبعده عن طريق الشّرّ والضّلال، كما أنّ الحكمة تسدّد رأي الإنسان وتنوّر بصيرته وتقوّم منهجه في الحياة باستمرار.
قد ذكر الله تعالى في كتابه اسم حكيمٍ من الحكماء ووليّ من الأولياء وهو لقمان الحكيم، وقد سمّيت سورةٌ في القرآن باسمه، فمن هو لقمان الحكيم ؟ وما هي أبرز وصاياه ؟
لقمان الحكيم
لم يصح في الأثر عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام الكثير عن شخصيّة لقمان الحكيم، ومعظم الرّوايات التي تحدّثت عنه هي رواياتٌ إسرائيليّة تذكر لقمان كواحدٍ من الحكماء الذين كان لهم رأي مسدّد وبصيرةٌ نافذة اكتسبها من بعد طول صمتٍ وتفكّر.
كما قيل أنّ لقمان هو ابن أخت أو ابن خالة أيوب عليه السّلام، وقد كان من بلاد النّوبة وتحديداً من أسوان في مصر، وقد عاصر لقمان نبيّ الله داود عليه السّلام، وقيل أنّه خيّر في الخلافة قبل داود، كما قيل أنّه خيّر في النّبوة فآثر البقاء عبداً من عباد الله تعالى.
وصايا لقمان الحكيم
توجّه لقمان الحكيم بالوصيّة إلى أعزّ النّاس إليه وأقربهم منه رحماً ودماً وهو ابنه، ولقد كانت وصيّته له منطلقة من الخشية عليه، وهذا ديدن الصّالحين، قال تعالى في وصف المؤمنين:
قالوا إنّا كنّا قبلُ في أهلنا مشفقين )، ومن بين الوصايا التي وصّى لقمان بها ابنه ما يلي:
اجتناب الشّرك بالله تعالى، فالشّرك بالله هو ظلمٌ عظيم وضلالٌ مبين، وهو أعظم الذّنوب وأكبر الكبائر والموبقات، والشّرك لا يغفر لصاحبه بينما يغفر له ما دون ذلك من المعاصي والذّنوب.
الوصيّة بالوالدين خيراً، فبرّ الوالدين هو من أحبّ الأعمال إلى الله تعالى.
الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، فهذا ممّا يرضي الله تعالى عن العباد، كما يقي الله جل وعلا الأمّة من العذاب والسّخط الإلهي حينما تتواصى بالمعروف والخير وتتناهى عن الفحشاء والمنكر، وقد جاء ذلك في قوله تعالى: "وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ".
التّواضع، فالتّواضع هو خلقٌ رفيع، ومن مظاهره القصد في المشي والبعد عن الخيلاء، وغضّ الصّوت وتجنّب رفعه.