قصة الطلب

منذ #قصص بوليسية



طالب القاضي والمُدعي العام بمحاكمة ذلك الجاني الذي ارتكب جريمته ؛ كان عاطلًا ، مُنهك البدن ، مُفتقر إلى الرحمة والتعاطف من عائلته وجيرانه ، لم يكن لديه طريق يدخله إلا طريق السرقة لكي يستطيع أن يُكمل حياته ؛ وربما لقلة خبرته وحيلته معًا وصل به سوء الحال إلى قتل الضحية

كان الجاني يشعر بأنه مُدان من الجميع حتى من قبل أن يرتكب جريمته ؛ وهذا ما أخبر به القاضي الذي جلس مُنصتًا إلى حجته التي أدت به إلى ارتكاب الجريمة كأنه يستمع إلى حديث مُسلي ؛ ثم نظر إليه المُدعي العام نظرة حادة سائلًا بصوت قوي : لماذا لم تبحث عن وظيفة؟

فأجابه الجاني مُنكسرًا : لم يقبل أي شخص أن يساعدني على أن أحصل على عمل كي أعيش ؛ لأنهم لا يريدون أن يساعدونني على الحصول على مساهمتي داخل الشركة التي قمت بها مع تلك المجموعة التي خدعتني ؛ رفضوا أن أحصل عليها وأتقاعد بعيدًا عنهم

ابتسم القاضي بسخرية ثم سأله : لماذا لا يريدون أن يساهموا في تقاعدك ؟ ؛ فأجاب الجاني : سيدي القاضي هم يقولون أن ذلك غير شرعي وغير قانوني أن أحصل على التقاعد ؛ ولكن نتيجة لذلك كانت تلك الجماعات المشتركة تسيء إدارة أموال ؛ هم فقط منحوني الكثير من الخسائر الفادحة ؛ لقد عمل هؤلاء في الاستثمار بالأعمال التجارية المحفوفة بالمخاطر ؛ وحينما يحصدون العديد من المكاسب تكون لهم ؛ ولكن الخسائر تكون من أجلي أنا ؛ لذلك فضلّتُ أن أحصل على مساهمتي بيدي

كانت هذه هي الأسباب يا سيدي ؛ بالإضافة إلى أنه كان يجب منع تلك الجرائم التي تحدث كل يوم ؛ لقد قال الوزير في يوم آخر أنكم المسئولون عن إيقاف تلك الجريمة ومنعها من الوقوع حتى أشار إلى الأبواب الدائرية ؛ ثم قال بصوت حزين أتوسل إليكم أن تُحاكمونني وأن تمنعوا الجريمة التي على وشك الحدوث

كان الجاني يطلب من المحكمة أن تمنع حدوث جريمة أخرى بإلحاح شديد وبشكل مُثير للفزع مما هو آت ، ثم أكمل حديثه قائلًا بحماس : أستطيع أن أتماثل للمحاكمة في بيتي ؛ إذا كانت تكلفة بقاء أحد المتهمين داخل السجن تتكلف 1500 دولار ؛ كما أستطيع أن أتكفل بنصف المبلغ ؛ وهذا كل ما أملكه

توقف المتهم عن الكلام لبضع لحظات ؛ ثم استطرد قائلًا بنبرة عتاب واضحة : على كل الأحوال لقد أخبرنا وزير الشئون الداخلية للبلاد أنكم المسئولون الأساسيين عن الحفاظ على البلاد ومنع حدوث الجريمة

نظرت هيئة المحكمة إلي الجاني نظرة ثاقبة ؛ بينما حاول أن يتماسك ؛ ثم أكمل حديثه قائلًا : حقًا أنتم المسئولون الأوائل عن وقوع أي جريمة ؛ كما أنني متأكد من أنكم كان باستطاعتكم أن تمنحونني الوظيفة التي أستطيع من خلالها أن أوظف مساهمتي الخاصة في عمل مُربح وهي في يدي

كانت حالة من الصمت تعصف بأرجاء المحكمة التي تخلو من أي همس إلا من صوت الجاني الذي كان يعلو ليهز أركان المكان وكأنه كان يستغيث ؛ أو كأنه كان يعلن غضبه واعتراضه على تلك النتيجة المُخزية التي وصل إليها

نظر مُجددًا إلى هيئة المحكمة ؛ ثم واصل عتابه ولومه قائلًا بصوت يشقه الشجن : لقد تركت مساهمتي في أيدٍ غير أمينة وغير كفؤ ؛ وصلوا بي إلى الخسارة والفقر والوقوع في الخطأ الذي جاء بي إلى هنا

كان يستمع الحاضرون باهتمام لكلمات الجاني المؤثرة ؛ الذي توقف برهة ليلتقط أنفاسه بصعوبة ثم قال : سيدي القاضي

سيدي المُدعي العام

أيها الحضور الكرام

باختصار شديد لي طلب عند سيادتكم وهو أن تقيموا محاكمتي الآن

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك