كان هناك بائع اسمه سالم يسكن إحدى القرى ، وكان عند سالم عربه صغيرة يجرها حصان ، كان سالم يحمل علي عربته الخضر والفاكهة والحطب وكل ما يحتاج إليه أهل القرية من لوازم المنزل ، ويمر بين البيوت ويبيع للناس ، ظل حصان سالم يعمل هذا العمل كل يوم سنوات طويلة ، وفي الأيام الأخيرة وجد سالم أن حصانه قد أصبح ضعيفًا كبير السن وصار يمشى ببطء ويتعب بسرعة
أدرك سالم أنه لن يستطيع أن يمر بجميع بيوت القرية بحصانه العجوز في يوم واحد ، وأن الناس سينتظرون يومًا أو يومين قبل أن تصلهم الخضر والفاكهة والحطب وسيقل مكسبه ؛ لذلك فكر في أن يشتري حصانًا صغيرًا قويًا ؛ حتى يمشي سريعًا ويمر بجميع البيوت كل يوم ويبيع أكثر ويكسب أكثر ، وبالفعل اشتري سالم حصًانا قويًا صغيرًا ولم يجد مكانًا في البيت يسع الحصانين ؛ لذلك منع سالم الحصان الكبير من دخول البيت ، وتركه في الخارج يذهب إلى أي مكان يحب ، ويبحث لنفسه عن طعاٍم وشرابٍ في الشوارع والحقول
وكان في القرية حاكٍم عادل يحب الناس ويحكم بينهم بالعدل ، وكان يعلق حبلًا خارج قصره فإذا أراد أحٌد مقابلته يشد الحبل فيدق جرس داخل القصر ، ويدعوه للدخول لمقابلته ويستمع لشكواه ويبحث له عن طلبه ويساعده إن استطاع ، وفي ذلك اليوم طلب الحاكم من الحارس أن يشتري حبلًا جديدًا ؛ لأن الحبل أصبح قديمًا وأراد الحارس أن يعرف طول الحبل فأمسك به فانقطع
وشاهد الحارس عربه سالم تمشي من بعيد فأسرع خلفها ، وطلب من سالم حبلًا جديدًا فقال له سالم : ليس عندي حبلًا جديدًا الآن سوف أحضر لك حبٌل غدًا ، وخاف الحارس من أن يأتي أحد إلى الحاكم ، ويحاول أن يجذب الحبل ليدق الجرس فلا يجد الحبل فيغضب منه الحاكم ، جمع الحارس بعض فروع الأغصان والأشجار وعمل منها حبل ، وقال هذا الحبل ينفع لليوم وغدًا أضع الحبل الجديد الذي سأشتريه من سالم
كان الحصان العجوز يشعر بالجوع ويمشي يبحث عن طعام ، واقترب الحصان من قصر الحاكم فوجد الحبل المصنوع من الحشائش ، فأخذ يأكل منه فجذبه فدق الجرس ، ونظر الحاكم فشاهد الحصان فعرفه وقال متعجبًا : هذا حصان سالم ماذا أتى به إلى قصري ؟ أيمكن أن يكون عند هذا الحصان مشكله ؟ ، طلب الحاكم من الحارس أن يدخله إلى الحديقة الواسعة ويسرع إلى سالم ويدعوه لمقابلته في الحال
دخل سالم قصر الحاكم وهو خائف فقال له الحاكم : لماذا طردت حصانك ؟! فقص عليه سالم الحكاية ، تأثر الحاكم وقال لسالم : هل نسيت كيف كان حصانك القديم يخدمك بإخلاص طوال هذه السنوات ؟ وكيف كان يخدم أهل القرية كلهم ؟هل ترضي أن يعاملك الناس بمثل ذلك عندما تكبر وتصبح شيخًا ضعيفًا ؟ إن هذا الحصان المسكين سيبقي في حديقتي يستريح ، ولا يعمل يفعل ما يشاء ويأكل ما يحب ، أما أنت فيجب أن تكون أكثر رحمًة وتحسن إلى من أحسن إليك ؛ حتى يرضي عنك الله ويرحمك ويبارك لك في رزقك !