قصة العالم في بيضة

---

الآن أصبح عندي عالم كامل في بيضة ، هذا هو السطر الذي توقفت عنده مروة في الرسالة التي جاءتها من ابن عمها ياسر ، الذي يقيم مع والده في أمريكا ، وفي ردها على رسالته كان واضحاً ، أن مروة مستغربة من حديث ابن عمها عن ذلك العالم في بيضة  هل كان يمزح ؟ وإذا كان لا يمزح ، فكيف يكون العالم في بيضة ؟ وإذا كان ذلك حقيقياً فليثبت لها صدق كلامه بصورة أو بشريط فيديو

قبل مرور شهر :
لم يمر شهر واحد حتى أرسل ياسر خطاباً جديداً ، وضح فيه أنه تلقى رسالة مروة ، وأدهشها هذه المرة أكثر ، بأنه كتب لها : لن أرسل لك أية صور أو شريط فيديو ، بل سأرسل لك ذلك العالم في بيضة ، تضايقت مروة من ياسر ، إذ تصورته يسخر منها ، وقررت ألا ترد عليه ، بل قررت أن تقاطعه ، ولا تكتب له أية رسالة حتى كتب لها مائة رسالة

بعد مرور أسبوع :
لكنه بعد أسبوع واحد ، بعث إليها برسالة أكثر إدهاشاً ، كانت الرسالة طرداً ، به صندوق خشبي صغير ، بجوانبه فتحات صغيرة تمرر الضوء ، وبداخله بيضة من زجاج نقي ، وبها ماء ، تسبح فيه ثلاثة من القريدس الأحمر شديدة الصغر ، وعشبة بحرية صغيرة ، تنمو في الماء وطرفها يطفو على سطحه

البيضة الزجاجية :
قال ياسر في رسالته لمروة ، إن هذه البيضة محكمة الإغلاق ، وهي نموذج لبيئة أرضية مصغرة ، ففيها مياه بحر ، وحيوان وهو القريدس ، ونبات وهو العشب البحري ، وهذه البيئة تضمن استمرار حياة العشب والقريدس حتى خمس سنوات ، وبمجرد تركها تتعرض للضوء ست ساعات كل يوم

حيرة مروة والبحث :
وضعت مروة البيضة الزجاجية بحرص إلى جوار النافذة ، وأخذت تتأملها في ضوء النهار ، وهي تتساءل في تعجب ، كيف تستمر فيها الحياة لخمس سنوات كاملة ، بمجرد تعريضها للضوء ، ودون أي تدخل من الانسان ، ولأن السؤال ظل يحير مروة كثيراً ، فقد بحثت على الانترنت ، وفي أكثر من كتاب حتى توصلت للإجابة

العالم في بيضة :
هذه البيضة الزجاجية وما فيها طورتها وكالة الفضاء الأميركية ناسا ، لأغراض بحثية ، وكان رواد الفضاء يحملونها معهم في رحلاتهم خارج الغلاف الجوي لكوكبنا ، لمعرفة تأثيرات الفضاء على المكونات الحية التي تعيش في بيئة الأرض ، والآن يجري انتاج هذه البيضة لأغراض تجارية ، فيتعلم منها التلاميذ ، كيف تتكامل حلقات النظام البيئي على كوكبنا

وصف البيضة :
طول البيضة ثلاثة عشر سنتيمتراً ، وعرضها عشرة سنتيمترات ، واسمها التجاري ، بيضة المحيط الحيوي ، وثمنها حوالي تسعين جنيهاً استرلينياً ، فهي لاتزال غالية السعر ، وسر استمرار الحياة فيها ، هو استمرار الحياة على كوكبنا ، فالأعشاب البحرية هي طحالب ، أي نباتات بسيطة ، وبها شيء يمتص الضوء ، ويحوله مع الماء إلى غذاء ، تنمو به الأعشاب ، وتنتج الأكسجين ، الذي يذب بعضه في الماء ، ويطفو بعضه على السطح ، وهكذا يجد القريدس غذاؤه من فتات الطحالب ، ويتنفس باستخلاص الأكسجين الذائب في الماء ، وتستمر دورة الحياة