في مفاجأة لا يعلمها إلا القليل أسوق إليكم معلومة قد تبدو غريبة لأول وهلة ، فطبق الباستا الإيطالي الذي تشتهر به المدن الإيطالية ويتربع على عرش المآدب ويوجد في قوائم كل المطاعم هناك ، ليس ايطالياً المنشأ ! فعلى الرغم من أننا نشأنا وتربينا على أن إيطاليا هي المنفذ الذي تعرفنا من خلاله على أطباق المعكرونة الشهيرة بأنواعها ، إلا أن الحقيقة عكس ما يبدو ، حيث تروي بعض المصادر التاريخية أن الرحالة الإيطالي الشهير ماركو بولو هو من أحضر معه الباستا عند عودته من الصين في واحدة من رحلاته حول العالم .
وهذا لا ينفي أن أنواعاً مختلفة من الشعرية ، كانت موجودة بالفعل في القرن الأول الميلادي بمنطقة جنوب إيطاليا وجزيرة صقلية ، لكن ما تبين بعد ذلك من الأحافير المكتشفة هناك والموجودة في المتحف التاريخي بروما أن طريقة عملها لم تكن مشابهة للطريقة المتبعة في وقتنا هذا.
ويرجع أقدم شكل عثر عليه للباستا إلى ما يقرب من سبعة آلاف عام بمنطقة شمال غربي الصين ، وتعد الباستا هي الشبيه الأقرب للنودلز الصيني الحديث ، والجدير بالذكر أن الروايات عن الباستا لم تقف عند ذكر الصين ، حيث تشير بعض الروايات إلى أن العرب هم أول من أدخل هذا الطبق إلى إيطاليا .
فقد ورد في الموسوعة الفرنسية أن هذا النوع من الطعام دخل إلى إيطاليا مع الغزوات التي شنها العرب في القرن الثامن الميلادي ، وبهذا يكون المطبخ العربي أسبق من المطبخ الإيطالي وصاحب الفضل عليه .
لكن يبقى هذا الأمر مجرد قول لا تؤكده عمليات التنقيب التي تمت والأبحاث التي أجريت خلال القرون الماضية ، كما أن هذا الأمر لم يرد ذكره في العديد من المصادر العربية التي دونت وقائع الفتوحات الإسلامية بأوروبا ، لذا هناك احتمالين إن صحت تلك القصة ، فقد يرجع عدم التدوين لانشغال المؤرخين آنذاك بقضايا أهم بكثير من تدوين أمر بسيط كهذا .
أو أنهم لم يكونوا يصطحبون معهم أثناء تلك الحروب فلاسفة وكتاب ليدونوا تلك الأحداث ، وإنما كان الرحالة يفدون إلى تلك البلاد بعد تلك الفتوحات بوقت طويل ، والثانية أن العرب فعلاً هم من أدخلوا هذا النوع من الطعام إلى إيطاليا ، ودونوا ذلك لكن بسبب تعاقب الحروب والإهمال التاريخي اختفت تلك المصادر المكتوبة بالعربية .
لأن المصادر الغربية نفسها تؤكد أن للعرب دور كبير في إدخال هذا الطبق إليهم ، وهذا هو ما يهم أما عن سر تسمية الباستا بهذا الاسم ، فهناك قصة تدعي أن أول من طهته هي امرأة ريفية تدعى “لبيستا” لذا نسب الطبق إليها .
والجدير بالذكر أن ذلك الطبق يحضر بأكثر من طريقة ، وتختلف كل طريقة حسب المنطقة التي يطهى فيها ، فالباستا في إيطاليا تختلف قليلاً عن الباستا التي تطهى في العالم العربي ، حيث يفضل الايطاليين استخدام نبتة الريحان في ذلك الطبق .