انتهاك حرمة الموتى ، يمكن أن ينقلب ضدك ، وتشهد بسببه أهوالاً لا تعد ولا تحصى ، ليس ممكنًا فقط بل مؤكدًا أيضًا ، وهذا من خلال تجارب كل من حاولوا أن ينتهكوا حرمة الموتى ، إما عن عمد أو جهل. ولعل ألبرت خاض تلك التجربة ، وعاد ليرويها لنا . ألبرت شاب عشريني حديث التخرج ، من مدارس التعليم الفني ، انطلق برفقة بعض الأصدقاء من أجل العمل ، في منطقة صحراوية ، حيث طلب منهم صاحب العمل ، أن يعملوا على تركيب مولدات للتيار الكهربائي ، وضبط الكهرباء لأكثر من ثلاث عمارات كبيرة ، في عمل قد يستغرق عدة أشهر ، وافق ألبرت وانطلق بصحبة زملائه ، وذهبوا إلى مقر العمل . كان الموقع في الصحراء كما سردنا ، وكان على بعد كيلو مترات قليلة من مقر العمل ، بعض المناطق التي يوجد بها أحجار ذات أشكال غريبة ، قرر ألبرت هو ورفاقه أن يذهبوا لتفقد تلك الأحجار ، وبالفعل انتهوا من عملهم وانطلقوا في رحلة استكشاف للمكان ، من أجل تمضية الوقت . لاحظ الشباب أن الأحجار موضوعة على مسافات قريبة ، وبانتظام شديد ، ولكن من وضعها في تلك المنطقة النائية عن العمران! ظل الشباب يخطون فوق تلك الأحجار وحاولوا إزاحة بعضها ، ولكن دون جدوى ، ثم عادوا إلى حيث أتوا ، وفي طريقهم مروا على محل بقالة لشراء بعض الأغذية وفي أثناء جولة الشراء ، سأل ألبرت صاحب المحل عن تلك الأحجار القريبة ، فامتقع وجه الرجل لبرهة . ثم قال له إنها مقابر ، أصاب الذهول الشباب ومن بينهم البرت وسأله بدهشة: مقابر؟ فأجابه الرجل أن نعم ، إنها مقابر وما يظهر منها من أحجار ، ليس سوى شواهد للقبور ، هنا ذهل الشباب ، فقد كانوا يمشون فوق جثث الموتى دون أن يدروا ، استأذنوا من العجوز ثم عادوا إلى الشقة التي يمكثون بها . أثناء سيرهم بالطريق صوب المنزل ، شاهد الشباب رجلاً يقف بين الأحجار ، التي لم يكونوا يعلموا بالبداية أنها مقابر ، ظهر الرجل من العدم ، ووقف تمثالاً لا حياة به ، توقفوا جميعًا وأخذوا ينظرون لبعضهم البعض ، وفجأة تحرك الرجل حركة سريعة ، اختفى بها خلف أحد الأحجار ، فتوتر الشباب وصاح أحدهم هيا نتناول العشاء ونخلد للنوم ، لسنا بصدد رحلة استجمام ، فصعد الجميع دون أن يتفوهوا بكلمة ، وكأنهم يخشون الحديث في الأمر كله . أثناء جلوسهم لتناول العشاء ، كانت المروحة تدور أمامهم ، وفجأة انقطع التيار الكهربائي ، ليس هذا ما أفزعهم وإنما ، ظلت المروحة تدور وكأن الكهرباء تعمل!! ليس هذا فحسب ، بدأ الشباب يسمعون أصواتًا لتحطيم أشياء ما بالمطبخ ، وفي غرف النوم وهم لا يدرون من الفاعل . صمت الجميع في خوف واضح ، حتى سمعوا صوت خطوات تتحرك بالغرفة ، وتقترب منهم ، فسأل أحدهم بخوف شديد ، هل تحرك أحدكم؟ ظل الجميع صامتون ، حتى ردد أحدهم السؤال مرة أخرى ، فصرخ الجميع واندفعوا جميعًا للخارج .
عاد التيار الكهربائي ، وجد ألبرت صديقة الذي كان يسأله ، يقف بالخارج فسأله متى غادرت الغرفة ؟ فأجابه مجرد أن انقطع التيار الكهربائي ، فنظروا جميعًا لبعضهم ، حتى أتاهم صوت زميلهم من الداخل ، فاستداروا ليجدوا رفيقهم يخرج من الغرفة ، ويسألهم لماذا يقفون بالخارج ، فاستدروا ولم يجدوا من كان يحدثهم منذ قليل ! ذهبوا للعمل في اليوم التالي ، ولم يتفوه أحدهم بكلمة ، وحلم ألبرت أن هناك رجلاً قصير القامة ، وله قرنين فوق رأسه ، يحاول أن يجذبه إليه ، وينظر إليه شذرًا ، وعندما اقترب من ألبرت اتضحت ملامحه ، وفتح فمه صارخًا . عقب مرور ثلاث أيام ، كان الشباب عائدين من منطقة القبور ليلاً ، فبدؤوا يشعرون بأحجار تقذف عليهم ، واستمعوا إلى صوت ، يقول لهم لا تمروا من هنا مرة أخرى ، فاندفع الجميع يركضون خاصة وأنهم لم يكن حولهم أي شخص . هنا رأهم العجوز وسألهم عم ألمّ بهم ، فرووا له ما حدث ، فأخبرهم أن هذا الطريق يجعل الموتى يتأذون ، فالوقوف على شاهد القبر فقط ، يتأذى الميت به ، فما بالك إذا ما كنت تسير فوق قبره ! عاد الشباب وأبلغوا صاحب العمل بما حدث ، وقد اتخذوا قرارهم بالرحيل من المكان ، هنا أوقفهم صاحب العمل بأنه لا عجوز في المكان !! تلك المنطقة النائية لا محل بقالة بها ، ولا عجوز ولا شيء على الإطلاق ، وللتأكد من حديثه ، ذهب الشباب إلى حيث جلسوا مع العجوز ، ولكنه اختفى وتبخر في العدم ، هنا انطلق الشباب عائدون إلى حيث أتوا ، دون التفكير في استكمال العمل في هذا الموقع ، مرة أخرى .