دبر الحجاج مكيدة محكمة لكلثوم وأخبر بها الخليفة عبد الملك بن مروان ، حتى أن الخليفة لم يستمع لدفاع كلثوم ابن الأغر وقرر ضرب عنقه بالسيف ، وتم حبسه إلي أن ينفذ فيه الحكم وعندما علمت أم
كلثوم ابن الأغر
أن الحجاج هو من سينفذ حكم الإعدام بابنها .
وهي تعلم مدى العداء بينهما أدركت أن ابنها هالك لا محالة ، فذهبت أمه إلى الخليفة عبد الملك بن مروان وكانت تبلغ من العمر حينها أكثر من مائة عام ، وظلت تستعطفه وتستجديه بأن يصفح عن ابنها ، وبعد كل هذا لم يرضى الخليفة أن يردها خالية الوفاض .
وفي نفس الوقت كان يريد أن ينفذ الحكم فتجلى له حل ذكي ، وهو أن يكتب الحجاج يعدم في ورقة وأن يكتب في ورقة أخرى لا يعدم ، ويضع كل ورقة بيد ويختار كلثوم ابن الأغر إحدى الورقتين ، وإما أن ينجو أو يعدم ، وهنا كان القرار بين يدي الحجاج .
كن كلثومًا ولا تكن حجاجًا :
حينما علم كلثوم بن الأغر بأمر الخليفة أدرك أنه هالك لا محالة ، لأن الحجاج كان سيكتب يعدم في كلتا الورقتين لشدة كرهه له ، وحينما جاء يوم تنفيذ الحكم كتب الحجاج بالفعل في الورقتين (يعدم) ، وكان الحجاج حينها على يقين بمقتل كلثوم بن الأغر .
فلما حضر الخليفة عبد الملك ابن مروان وضع الحجاج الورقتين أمام كلثوم بن الأغر ، وطلب منه أن يختار إحدى الورقتين وهنا ابتسم كلثوم للحجاج ثم أخذ إحدى الورقتين ولم يقم بفتحها ولكنه قام ببلعها ، فتعجب الخليفة لما فعله كلثوم وقال له لما فعلت هذا وبلعت الورقة نحن لا نعلم ما كان بها ؟
فقال كلثوم يا مولاي لقد ابتلعت ورقة ونحن لا نعلم ما بها ، ولكن هناك ورقة أخرى مكتوب ما بها وبالتأكيد تلك الورقة تحوي على القرار المخالف للورقة التي بلعتها ، فلننظر ما كتب بها ، وهنا أخذ الخليفة الورقة الأخرى من الحجاج فوجد مكتوب بها (يعدم) ، فأعلن الخليفة أن كلثوم اختار ألا يعدم وابتلعها ، وغضب الحجاج غضبًا شديدًا لذكاء كلثوم بن الأغر ، فلقد استطاع بدهائه أن يدرك مكيدة الحجاج .
وبعد تلك الواقعة استطاع كلثوم بن الأغر أن يشرح للخليفة ما صنعه الحجاج ، وأن ما حدث كان مدبرًا من الحجاج وانتشرت حينها مقولة
كن كلثومًا ولا تكن حجاجًا
، فالذكاء وسرعة البديهة نعمة عظيمة من الله عز وجل ينعم بها الله على بعض البشر ، ولكن المهم هو استخدامها في الخير لا في الشر .