تطلق هذه الكلمة على الشخص راجح العقل ذو الحجة المنطقية والرأي السديد ، الذي يُسمع في قومِه ، ويُعمل بما يقول ، وقد اشتهر الحكماء كثيرًا بين العرب ؛ رجالاً كانوا أو نساءً ، وعن إطلاق هذه الكلمة قصة فعلية حدثت في عهد الروم .قصة المثل :
حينما مات بعض الخلفاء ، وانشغل المسلمين بعضهم البعض ، اجتمعت الروم بأحقادها ، وأطماعها ، وتشاورا في الأمر ؛ وأجمعوا أنها فرصة الدهر للوثب على المسلمين ، والنيل منهم ، وقد استقر رأيهم على ذلك .وكان منهم رجلًا من ذوي العلم والمعرفة ، مشهود له الفطنة ورجاحة العقل تغيب عن حضور مجلسهم ، فقالوا من الصواب عرض الأمر عليه ، والإتيان برأيه ، فإن كان صوابا اتبعوه ، وإن كان غير ذلك ما سمعوه .وبالفعل ذهبوا إليه مجتمعين ، وأخبروه عن رأيهم ، وعزمهم في الإغارة على بلاد المسلمين ، فقال : لا أرى في هذا صواب ، ولما سألوه عن علة رأيه ، قال لهم : غدًا أخبركم .ولما أصبحوا أتوا إليه مرة ثانية ، وطلبوا منه أن يعلل رأيه ، فقال : سمعا وطاعة ، وأمر بإحضار كلبين عظيمين ، كان قد أعدهما ، ثم حرض بينهم ، وحرض كل منهما على الأخر ، فتواثبا واقتتلا حتى سالت دماؤهما ، وفي تلك اللحظة فتح باب من بيته ، وأرسل عليهما ذئبًا كبيرًا ، فلما أبصراه تركا ما كانا فيه ، وتألفت قلوبهما ، ووثبوا عليه سويًا ، فقتلاه ، ولما رأى الجمع هذا المنظر ، فهموا غاية الرجل ، وقالوا حكيم .العبرة من المثل :
يُضرب هذا المثل في الشخص الذي يحسن التفكير والتدبير في الأمور ، وكلمة حكيم هي نوع من الإشادة بالشخص العاقل الذي يزن الأمور قبل فعلها ، ويضعها في نصابها الطبيعي ، فكم من شخص أهوج لا يحسن التصرف أفسد أمورا كثيرة ، لذا يجب علينا التريث والتفكير الجيد ؛ حتى نتصف بالحكمة ، ورجاحة العقل .