قصة قفص حيوانات مفترسة

منذ #قصص منوعة

ذات صباح مشمس جميل هرب أسد وضبع من حديقة حيوانات باريس ، حيث تركت أبواب قفصيهما دون أن توصد بعناية ، كان الأسد والضبع قد التهما وجبة شهية مشبعة فأخذا يتمشيان تحت أشعة الشمس الدافئة داخل الحديقة ، ثم فجأة قال الأسد للضبع لقد خطرت لي فكرة لطالما أردت أن أزور قفص البشر لأتفرج عليهم مثلما يقفون أمامي مثل البلهاء حتى لو بدوت أبلهًا .خشى الضبع في البداية ثم سرعان ما استجاب لرغبة الأسد وخرجا من الحديقة وفي تلك اللحظة بدأت باريس تصحو وأخذت تطلق زئيرًا صاخبًا تسمر له الضبع منصتًا بخوف ، وارتفعت جلبة المدينة جلبة مبهمة يختلط فيها ضجيج الشوارع وأصوات ضحكاتنا ونحيبنا لتبدو مثل عويل فزع وحشرجات موت .قال الضبع في فزع لابد أنهم يذبحون بعضهم في قفصهم ، هل ترى أنه من الحكمة أن نجازف ونذهب إلى هناك ؟! ، فقال له الأسد لا تقلق لن يأكلونا وسارا بهدوء بمحاذاة المنازل ، حتى وصلا إلى ساحة واسعة يجتمع بها جمع غفير من الناس ، وفي الوسط منصة حمراء تتجه إليها أنظارهم في بهجة ونهم .فقال الأسد لابد أنهم سيقدمون وجبة شهية للجميع ، ثم أتت عربة وسحبوا رجلًا من داخلها وألقوه على المنصة وقطعوا رأسه والناس يهتفون ، اعتقد الأسد أنهم يهتفون من الجوع ، ولكنهم وضعوا الجثة في العربة وانصرفوا ، قال الضبع أي حيوانات متوحشة هذه إنهم يقتلون بلا جوع ، دعنا نخرج من هذا الحشد بسرعة .غادرا الساحة واتجها إلى قلب المدينة وشاهدا منزلًا صغيرًا يدخل إليه الناس كمن يدخل إلى حفل لحق الأسد والضبع بالحشد فوجدا جثثًا مخترقة بالجروح وممددة على بلاطات عريضة ، قال الضبع أترى إنهم لا يقتلون من أجل أن يأكلوا ، انظر كيف يتركون الطعام يفسد .خرجا مجددًا إلى الشارع فوجدوا قطع لحم معلقة بخطاطيف والدماء تسيل في خيوط رقيقة ، وكان الضبع قد أكل حتى التخمة فصاح وهو يشيح برأسه هذا مقزز رؤية كل هذه اللحوم تبعث على الغثيان .بعد مسافة بسيطة قال الضبع للأسد هل لاحظت هذه الأبواب الغليظة إن البشر ينصبون الحديد بين بعضهم حتى لا يلتهمون بعضهم البعض ، وفي هذه اللحظة عبرت عربة فدهست طفلًا فنضح الدم ملطخًا وجه الأسد ، الذي صاح هذا مقززًا إنها تمطر دماء في هذا القفص ، قال الضبع إنهم ابتكروا هذه الآلات لكي يحصلوا على أكبر قدر من الدم  .أراد الأسد أن يزور كل جزء في المدينة وكان الضبع مضطرًا للحاق به لأنه لم يجرؤ أن يخطو خطوة وحيدًا ، وحين عبرا أما البورصة سمعا صيحات شرسة تتصاعد من هذا العرين فلم يجرؤا أن يدخلا ، وقد انتصب وبر الضبع من شدة الخوف ، وقال محاولًا جر الأسد لابد أن هنا مسرح المجزرة العامة الجارية .ابتعد الأسد دون أن يجادل فقد بدأ الخوف يتملكه ، وفي طريقهما للعودة ، بدأت ضوضاء غريبة تتصاعد وأقفلت المتاجر واجتاحت مجموعات من المسلحين الشوارع وحل صمت ثقيل بالشوارع ، ما هي إلا دقائق واندلع إطلاق النار ودوي المدافع ، وسالت الدماء وتساقط الموتى في النهر ، فيما كان الجرحى يصرخون ، انشق قفص البشر إلى معسكرين وأخذت تلك الحيوانات تلهو بذبح بعضها البعض .حين رأى الأسد ما حدث صاح بالضبع يا إلهي أنقذنا من هذه المعركة ، نلت عقابي لانسياقي وراء رغبتي الحمقاء ، هيا بنا إن عظامي ترتعد من الرعب علينا أن نرحل بأسرع ما يمكننا ، وحين وصلا إلى حديقة الحيوانات تبادلا التهاني بحرارة على عودتهما سالمين .قال الأسد لن أعاود الخروج من قفصي لأتنزه في قفص البشر ، فلا سلام سوى هنا في قعر هذا القفص المتحضر ، بينما راح الضبع يتفقد قضبان القفص الواحد تلو الآخر ليرى إن كانت تكفي لحمايتهم من ضراوة البشر .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك