يمر الإنسان باختبارات دائمة في هذه الحياة ، منا من يزداد صلابة عند الفشل ويكرر المحاولة ، ومنا من يستسلم وييأس في دوامة من الحزن العميق وكره الذات ، وقد يصل الأمر أحيانًا للوم الآخرين أو إلصاق التهم بهم .ولكن أي صلابة تلك التي كانت لدى الطبيب الروسي ليونيد روجوزوف ، حينما قرر أن يخوض أصعب اختبار في عمره ، إنه اختبار الحياة أو الموت أعيش أو لا أعيش ، فهل تتخيل أن هذا الطبيب قد أجري لنفسه عملية جراحية لمدة ساعتين متواصلتين ! ؟ نعم فأثناء مشاركة الطبيب الروسي ليونيد روجوزوف في إحدى الرحلات الاستكشافية عام ١٩٦١م مع مجموعة من خبراء الأرصاد الجوية بالقطب الجنوبي .تعرض لألمٍ حادٍ بالبطن واكتشف أنه يعاني من انفجار بالزائدة الدودية ، الأمر الذي كان يعني الموت المحقق ، في ظل غياب الأجهزة الطبية وابتعاد البعثة عن حيز العمران ، واستحالة نقل الطبيب لمكان أخر .فلم يكن لديه أي خيار سوى إجراء تلك الجراحة ، أو الاستسلام للموت المحقق حيث ظل الطبيب الروسي طريحًا للفراش لمدة تربو عن الأربع وعشرين ساعة ، لم تفلح فيها تناول المضادات الحيوية أو العقاقير ، ومع الوقت ازدادت الأمور تعقيدًا .فاتخذ الطبيب قراره باستئصال الزائدة الدودية لنفسه ، رغم أنه لم يكن يملك الأدوات الملائمة لذلك في تلك المنطقة النائية التي يعسكرون بها ، والتي تبعد مئات الكيلومترات عن المدنيين .فاضطر روجوزوف حينها لإجراء تلك الجراحة الدقيقة بنفسه ، من خلال بعض الأدوات غير الطبية ، والتي حصل عليها من فريق الاستكشاف المصاحب له ، والبالغ عدده حينها اثنى عشر رجلًا ، وقد كانت الأدوات عبارة عن مفك ومرآة ، كما استعان ببعض رفاقه في حمل المرآة له ، حتى يستطيع أن يرى نفسه أثناء الجراحة .وقد استغرقت هذه الجراحة قرابة الساعتين ، حيث قام بحقن بطنه بالمخدر الموضوعي وفتح فتحة عرضها ١٠ سم ، استطاع من خلال استئصال الزائدة ، والغريب أنه قد تعرض للإغماء عدة مرات أثناء الجراحة ، ولكن تمكن الفريق المصاحب له من افاقته بإتباع بعض التعليمات التي أعطاها لهم.وهكذا استطاع الطبيب الموهوب ، الذي كان يبلغ حينها سبعة وعشرين عامًا إنهاء تلك الجراحة القاسية ، والتي تعد من أغرب العمليات الجراحية في العالم ، وما زالت الآلات التي استخدمها الطبيب روجوزوف في تلك العملية معروضه حتى الآن في أحد المتاحف الشهيرة بسان بطرسبورج ، والملفت للنظر حقًا هو قيام الطبيب الروسي بعمله على أكمل وجه بعدها ، واستمراره في الرحلة الاستكشافية وحتى حين عودته ، أبقى على الأمر سرًا .وكان كلما سأله عنه أحد يقول أنه عمل مثل أي عمل أخر ، ولكن منذ بضع سنوات نشر ابنه قصته في صحيفة الديلي ميل البريطانية ، ونشرت مع القصة صورة موثقة للحدث ، يجري فيها الطبيب أغرب عملية جراحية لنفسه .