أثارت الفتاة الفرنسية مريم بوجيتو Maryam Pougetoux حالة من الجدل الواسع على الساحتين السياسية والاجتماعية ؛ لظهورها في إحدى البرامج التليفزيونية وهي ترتدي حجاب إسلامي يغطي رأسها ورقبتها ولا يظهر منها سوى وجهها ، الأمر الذي قوبل بانتقادات كبيرة وجهت كلها للفتاة ذات الـ 19 عامًا ، والتي تشغل منصب رئيس الإتحاد الوطني للطلبة بجامعة السوربون .قبل أيام قليلة لم تكن مريم معروفة سوى في الأوساط الطلابية بحكم موقعها كرئيسة للإتحاد ، ولكن ما إن ظهرت على قناة إم 6 الفرنسية في 12 مايو الماضي لتتحدث عن معارضة نقابتها الطلابية للإصلاح الجامعي الذي اقترحته الحكومة ، حتى أثارت الجدل الشديد ليس بسبب ما قالته في البرنامج ولكن بسبب حجابها الإسلامي الذي ظهرت به في جرأة وثقة شديدتين .فصار مظهر الطالبة الفرنسية مضغة تلوكها الألسنة خاصة بعدما أعرب وزير الداخلية الفرنسي جيرار كولومب عن صدمته من رؤية فتاة فرنسية ترتدي الحجاب وتظهر على شاشة التليفزيون الفرنسي ، حيث صرح بذلك في مقابلة تليفزيونية أجرته معه قناة بي إف إم الفرنسية في الـ 19 من مايو الجاري .وقال فيها : “لدي شكوك ، أظن أن بعض الشباب قد يميلون للاقتناع بنظريات تنظيم الدولة ، لا بد من حوار ثقافي موسع لكي نصل إلى إسلام عصري يتصدى للإسلام الرجعي” ، وقد ظهر من حديث الوزير أنه يلصق بالفتاة فكرة الترويج للأفكار المتطرفة فوضعها بهذا بين المطرقة والسندان لتنهال عليها الانتقادات اللاذعة والاتهامات الجزافية ، ولم يكن وزير الداخلية هو الوزير الفرنسي الوحيد الذي تحدث عن ارتداء مريم للحجاب .حيث أن وزيرة الدولة المنوطة بالمساواة بين الرجال والنساء في فرنسا مارلين شيابا قد انتقدت الأمر وأعربت عن استيائها منه واصفه ما فعلته مريم بوجيتو بالإسلام السياسي ، حيث صرحت قائلة : “نقابة الاتحاد الوطني لطلبة فرنسا من المفروض أن تكون نقابة تقدمية ومدافعة عن حقوق المرأة في حين أن الحجاب يعد دليلًا على سيطرة الدين”.أحدثت هذه التصريحات بلبلة كبيرة جعلت رواد مواقع التواصل الاجتماعي يرون في حجابها هذا رسائل سياسية بدلًا من الدينية ، فاستهزأ البعض بشكلها وربط البعض الأخر حجابها بقضايا مؤرقة كتنظيم الدولة الإسلامية والتطرف الديني ووصل الأمر للسباب والإهانات عبر صفحات التواصل ، كما أن بعضهم نشر اسمها ورقم هاتفها على الإنترنت في محاولة للتشهير بها .وعلى النقيض من هؤلاء كان هناك فوج أخر من لاواد مواقع التواصل الاجتماعي دافعو عن الفتاة المسلمة ، وشجعوها على التمسك بمبادئها وهويتها وأطلقوا دعوه لدعم مريم تحت اسم SoutienAMaryam لمحاربة الاسلاموفوبيا ودعم الفتاة المسلمة ضد سيل الانتقادات التي نزلت عليها دون أي داعي .أثرت مريم بوجيتو الصمت في البداية أمام كل هذا الجدل واللغط الحادث بفرنسا ، ولكنها تحدثت للإعلام يوم الأحد 20 مايو الجاري حيث أدلت بدلوها إلى موقع بوزفيد الإخباري ودافعت عن حقها في ارتداء الحجاب .أما فيما يخص ردها على تصريح وزير الداخلية الفرنسي جيرار كولومب ، فقد عبرت عن رأيها بكل جرأة قائلة : من المقرف أن يوجه وزير الداخلية خطابا مماثلا يتضمن كل هذا القدر من العنف، خاصة أن ارتدائي للحجاب لا يتسم بأي بعد سياسي فهذا إيماني ، أجد نفسي اليوم مضطرة لتبرير اختياري رغم أنني لست مجبرة على ذلك”.أما عن ردها على الوزيرة مارلين شيابًا : “إن الأمر لا يتعلق بذلك أبدًا إنهم يفسرون الأمور من منظور يختلف حتى عن رؤيتي الخاصة ، لا بد من توضيح ذلك فمفهوم الإسلام السياسي قد يتضمن عدة أشياء حتى تلك التي تفتقد للمعنى ، ومن المؤسف أن تفسر نواياي بشكل مغاير لم يكن حجابي أبدا في خدمة التوظيف السياسي”.ونددت بوجيتو بكل ما حدث قائلة : حين أدافع عن الطالبات والطلبة لا أتساءل عن لون بشرتهم أو ميولهم الجنسية أو فلسفتهم في الحياة. أدافع عن كل النساء اللواتي يرتدين الحجاب أو لا، المسلمات أو غيرهن” ، لترسل بذلك رسالة إلى المجتمع الفرنسي وغيره من المجتمعات العنصرية مفادها أن الإسلام هوية لا تعرف التفرقة ولا العنصرية التي يعرفونها هم .وأعربت بوجيتو عن أملها في أن ترى الناس أكثر تقبلًا لرؤية امرأة فرنسية مسلمة محجبة وطالبة ناشطة في خدمة أبناء المجتمع ، وقد أعلنت نقابة الإتحاد الوطني لطلبة فرنسا دعمها لرئيسة الإتحاد مريم بوجيتو ، مما جعلها تصرح بعزمها على البقاء في النقابة وعدم تركها بعد كل المضايقات التي لاقتها ، بل قررت مجابهة كل ذلك والإصرار على الصمود في وجه كل الانتقادات التي وصفتها بعدم الجدوى .