ولد هيركوليز موليجان في مقاطعة لندنديري بأيرلندا في الـ 25 من سبتمبر عام 1740 م ، وهاجر إلى المستعمرات الأمريكية عندما كان عمره ست سنوات فقط ، حيث ترك والديه هيو وسارة وطنهما أملاً في تحسين حياة عائلتهما في المستعمرات بأميركا ، واستقروا معًا في مدينة نيويورك وأصبح هيو المالك الفعلي لشركة محاسبة ناجحة .كان هرقل طالبًا بكلية كينجز بجامعة كولومبيا الآن ، وعندما جاء شاب آخر يسمي ألكساندر هاميلتون متأخرًا في منطقة الكاريبي وطرق بابه ، أصبحا أصدقاء وشكّل الاثنان صداقة وطيدة تحولت إلى نشاط سياسي خلال سنوات قليلة .موليجان هو المفكر هو الخياط هو الجندي هو الجاسوس :
عاش هاميلتون مع موليجان لفترة خلال الدراسة ، وكان لديهما العديد من المناقشات السياسية كل يوم في وقت متأخر من الليل ، وموليجان من أوائل أعضاء أبناء الحرية ويعود الفضل إليه في إقناع هاملتون بأن يكون بعيدًا عن موقفه من حزب المحافظين ، وتحويله إلى صاحب دور وطني وكونه أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة .وسرعان ما توصل هاميلتون الذي كان في الأصل من مؤيدي السيادة البريطانية على المستعمرات الثلاثة عشر ، إلى استنتاج مفاده أن المستعمرين يجب أن يكونوا قادرين على حكم أنفسهم ، حيث انضم هاملتون وموليجان معًا إلى أبناء الحرية ، وهي جمعية سرية من الوطنيين التي تم تشكيلها لحماية حقوق المستعمرين ، وبعد تخرجه عمل موليجان لفترة قصيرة ككاتب في أعمال المحاسبة مع والده هيو .لكنه سرعان ما تفرغ للعمل كخياط وهذا وفقًا للمخابرات المركزية حيث قالت فيما بعد : ” يلبي موليجان احتياجات المجتمع في نيويورك ، كما أنه يخدم رجال الأعمال البريطانيين الأثرياء وضباط الجيش البريطاني ، وقد وظف العديد من الخياطين لكنه فضل أن يرحب بزبائنه بنفسه ، مع أخذ القياسات المعتادة وبناء علاقة بين عملائه حيث ازدهرت أعماله ، وأقام سمعة قوية مع رجال الطبقة العليا ومع الضباط البريطانيين “.وبفضل وصوله القريب إلى الضباط البريطانيين ، تمكن موليجان من إنجاز أمرين مهمين للغاية في وقت قصير للغاية : أولًا في عام 1773 م تزوج من الآنسة إليزابيث ساندرز في نيويورك وهذا أمر غير عادي لأن عروس موليجان كانت ابنة أدميرال تشارلز الذي كان قائدًا في البحرية الملكية قبل وفاته ، هذا أعطى موليجان الفرصة للوصول إلى بعض الأفراد رفيعي المستوى بالدولة .بالإضافة إلى زواجه ، سمح دور موليجان كخياط له بالحضور خلال العديد من المحادثات بين الضباط البريطانيين ، وبشكل عام كان الخياط يشبه إلى حد كبير الخادم ، وكان يعتبر غير مرئي لذا كان عملاءه متورطين في التحدث أمامه بحرية تامة .كان موليجان أيضًا متحدثًا سلسًا وعندما كان يحضر ضباط ورجال أعمال بريطانيون إلى متجره ، كان يرضيهم بانتظام بكلمات الإعجاب والمدح ، وسرعان ما توصل إلى كيفية قياس تحركات القوات بناءً على أوقات الاستلام ؛ إذا قال العديد من الضباط إنهم سيعودون لزي موحد في اليوم نفسه ، فسيتمكن موليجان من تحديد مواعيد الأنشطة القادمة .وفي كثير من الأحيان كان يرسل صديقه كاتو إلى معسكر الجنرال جورج واشنطن في نيو جيرسي ، مع الكثير من المعلومات ، وفي عام 1777 م كان صديقه هاملتون يعمل كمساعد بمعسكر لواشنطن ، وكان متورطًا بشكل كبير في العمليات الإستخباراتية ، وأدرك هاملتون أن موليجان كان في وضع مثالي لجمع المعلومات ، حيث وافق موليجان على الفور تقريبًا في المساعدة في القضية الوطنية .إنقاذ الجنرال واشنطن :
يعود الفضل إلى موليجان في إنقاذ حياة جورج واشنطن ليس مرة واحدة ، بل في مناسبتين منفصلتين وكانت المرة الأولى عام 1779م ، عندما كشف مؤامرة للقبض على الجنرال بول مارتن حيث قال بفوكس نيوز : في وقت متأخر من المساء ، اتصل ضابط بريطاني في متجر موليجان لشراء معطف علي وجه السرعة ، حيث كان يحتاجه بعد ساعة واحدة فقط .وبعد أن سأله موليجان لماذا في ساعة متأخرة ، وأيضًا سأله لماذا السرعة ؟ أوضح الرجل أنه سيغادر على الفور في مهمة ، وأخذ يتفاخر قائلًا : بعد يوم آخر سيكون لدينا هذا الجنرال المتمرد في أيدينا ويقصد بذلك جورج واشنطن ، وبمجرد أن غادر الضابط أرسل موليجان خادمه لتقديم المشورة والعون لواشنطن .كان واشنطن يخطط للقاء بعض ضباطه ويبدو أن البريطانيين علموا بموقع الاجتماع ، وكانوا يهدفون إلى نصب فخ وبفضل تحذير موليجان ، غير واشنطن خططه وتجنب الإمساك به ، وبعد ذلك بعامين وبالتحديد في عام 1781م ، تم إحباط خطة أخرى بمساعدة شقيق موليجان وهو هيوج ، الذي أدار شركة استيراد وتصدير ناجحة قامت بقدر كبير من التجارة مع الجيش البريطاني .وعندما طلبوا منه كمية كبيرة من الأقمشة واللبس للجنود ، سأل هيوج مسئول المخازن لماذا توجد هناك حاجة لتلك الكمية الكبيرة ؟ فكشف الرجل عن أنه قد تم إرسال عدة مئات من الجنود إلى كونيتيكت ، لاعتراض أو قتل واشنطن وبالطبع مرر هيوج هذه المعلومات إلى شقيقه ، والذي نقلها بدوره إلى الجيش مما سمح لواشنطن بتغيير خططه ، ووضع فخاخ أمام للقوات البريطانية .بالإضافة إلى هذه الأجزاء الحاسمة من المعلومات ، أمضى موليجان سنوات الثورة الأمريكية في جمع تفاصيل حول حركة القوات وسلاسل التوريد وغيرها ، كل ذلك انتقل إلى موظفي المخابرات في واشنطن بفضله ، لم يكن موليجان وصديقه كاتو فوق الشبهة دائمًا ، ففي مرحلة ما تم القبض على كاتو وضربه في طريق عودته من معسكر واشنطن .وتم إلقاء القبض على موليجان نفسه عدة مرات ، وعلى وجه الخصوص في أعقاب انشقاق بينيدكت أرنولد عن الجيش البريطاني ، حينها إضطر موليجان وأعضاء آخرون من عصابة تسمي كاولر إلى تعليق أنشطتهم السرية لفترة من الوقت ، ومع ذلك لم يتمكن البريطانيون أبدًا من العثور على أدلة دامغة على تورط أي من رجاله في التجسس .بعد الثورة :
بعد نهاية الحرب وجد موليجان نفسه في بعض الأحيان في مشاكل لا تنقطع مع جيرانه ، حيث كان دوره في الارتياح إلى الضباط البريطانيين مقنعًا بشكل لا يصدق ، وشك كثيرون أنه كان في الواقع من المتعاطفين مع المحافظين ، ولتقليل خطر تعرضه للضرب جاء جنود واشنطن بنفسهم إلى متجر موليجان كزبائن بعد موكب يوم الإخلاء .وأمروا بخزانة مدنية كاملة للاحتفال بنهاية خدمته العسكرية ، مما أعاد ثقة الشعب الأمريكي فيه كواحدٍ منهم ، ثم ازدهر بعدها كواحد من الخياطين الناجحين في نيويورك ، حيث كان لديه وزوجته ثمانية أطفال وعمل موليجان حتى سن 80 وتوفي في عام 1825م بعد أن قدم الكثير لأمريكا .