إن حدوث الكوارث يؤدي إلى كثير من الخسائر ، وفي كثير من الأحيان يكون هناك العديد من الخسائر البشرية إلى جانب الخسائر المادية ، وهو ما حدث خلال كارثة حريق برج غرينفيل الواقع في لندن ، حيث اندلع الحريق في يونيو من عام 2017م ، وراح ضحيته عشرات الأشخاص ، وقد نشب هذا الحريق نتيجة لاضطرابات في أمور الأمن والسلامة والتي اشتكى منها سكان البرج من قبل .إنه الحريق المروع الذي شارك في عملية إطفائه مئات الأشخاص وعشرات من سيارات الإطفاء ، حيث خلق مأساة إنسانية عظيمة طالت العديد من الأسر ، الذين عاشوا أسوأ اللحظات في حياتهم ، حيث أن الحريق كان شديد القسوة ، وهو ما استدعى إخلاء الأماكن المجاورة للبرج خوفًا من انهيار البرج ، غير أنه لم ينهار ولكن من ظل بداخله قد عانى بشدة .مأساة سكان البرج :
كان يسكن مئات الأشخاص في البرج البالغ طوله أكثر من 64 متر ، وكان أغلب سكانه من المواطنين العرب من جنسيات مختلفة ، فكان يسكنه مواطنون من العراق وسوريا ولبنان والمغرب ومصر ، وهم جميعًا عاشوا لحظات مأساوية ، حيث أن الكثيرين منهم فقدوا حياتهم ، وقد أصيب الكثيرون أيضًا جراء هذا الحادث ، ومن لم يصبه هذا أو ذاك ؛ فإنه عانى معاناة أخرى من أقسى أنواع المعاناة حيث منهم من فقد أسرته بالكامل أو أحد ذويه .أول ضحايا الحريق :
كان الطالب السوري محمد الذي كان يدرس الهندسة المدنية في جامعة ويست هو أول ضحايا هذا الحادث الأليم ، حيث أنه كان يحاول الفرار من ألسنة اللهب مع أخيه عمر ، إلا أنهما افترقا على الدرج ، وذلك لأن محمد عاد إلى شقته في الدور الرابع عشر لأنه لم يتحمل الدخان الكثيف ، بينما واصل عمر نزوله حتى نزل ثم تم نقله إلى المستشفى ضمن المصابين ، ولكن محمد ظل عالقًا في شقته حتى تصاعدت النيران بعد بقائه محاصرًا لمدة ساعتين .قام محمد أثناء حصاره بالاتصال بأصدقائه وبأهله في سوريا ، حيث أنه قد أدرك أنها النهاية ، ثم كتب محمد رسالته الأخيرة في هذه الحياة قائلًا : “الحريق وصل هنا الآن .. وداعًا” ، لينهي محمد قصته في هذا المكان الذي كان يبحث فيه عن الحياة .قصة رانيا والبث المباشر :
كانت رانيا المواطنة المصرية واحدة من ضحايا الحادث ، ولكنها لم تكن وحدها ، بل إن بنتاها كانتا معها حيث فقدن جميعهن الحياة ، ولكن رانيا قبل أن تموت قامت بتصوير الحريق، ثم بثته مباشرة على حسابها الشخصي على الفيس بوك ، حيث كانت تأمل أن يأتي من ينقذهم من تلك الكارثة .كانت رانيا تقطن الطابق الثالث والعشرين ، وهو الطابق الأخير بالبرج ، وحينما اندلع الحريق فر بعض السكان من أجل الاحتماء في شقتها ، وبعد أن بثت المقطع قام أخاها بالاتصال بها ، وقامت رانيا بالرد عليه وهي هادئة ، وآخر ما قالته له أن النيران وصلت شقتها ، ثم انقطع الاتصال مع الأخ ، وماتت رانيا وبنتاها الصغيرتان ، بينما كان زوجها مسافر ليعود يوم الحادث على فاجعة فقدان أسرته .وكانت رانيا قد سافرت إلى بريطانيا قبل ثمان سنوات ، حيث ذهبت من أجل الاعتناء بأختها التي كانت تعيش هناك بعد أن أصابتها وعكة صحية ، ثم أكملت دراستها هناك في مجال القانون ، وتعرفت فيما بعد على زوجها ، وقد استقرت هناك معه وأنجبت منه ابنتين ، وكان زوجها قد سافر قبل الحادث بستة أشهر في إجازة إلى مصر ، ليعود يوم الحادث بعد أن فقد أسرته .لقد كان حادثًا مروعًا أثار الحزن والرعب في العالم أجمع ، حتى من نجا من هذا الحادث خرج متألمًا خاسرًا إما أحد ذويه أو جميعهم ، وقد حملّ الناجون من الحادث مسؤولية هذا الحريق إلى المسئولين عن المبنى الذي تم ترميمه قبل عام واحد من وقوع الحادث ، ولكن فيما يبدو أنه تم استخدام مواد غير آمنه في هذا الترميم .