ليس كل ما هو جميل المظهر ، جيد الطبع أو النوايا ، قد تراودنا العديد من الصور القبيحة أو السيئة عندما نعلم أن شخص ما ، قد تم تصنيفه بأنه مجرم أو سفاح أو حتى سارق ، ظنًا منا بأن الطبع السيئ يظهره المولى عزوجل ، على وجه صاحبه .ولكن ، لكل قاعدة شواذ ، وليس كل ما يظهر بأنه جيد أو بريء ، يكن كذلك ، ولعل في قصتنا التالية ، عددًا من المواعظ والدلالات ، بأنه ليس كل جميلُ طيب .البداية ..
وُلد تيودور باندي ، في أسرة صغيرة مكونة من أم وجدين لأمه ، ولم يتم التعرف على والد تيد الغامض ، فبسؤال أمه كانت قد أشارت لعدد من الأفراد قد يكونوا آباء لابنها ، ولعل هذا الأمر قد أثار حنق عائلتها بشكل صارخ ، فهي تنتمي لعائلة متدينة ويعرفهم الجميع بالبلدة ، مما جعل والديها يتبنون الطفل درءً للكثير من الأقاويل حول الأم .ولكن على الجانب الآخر ، صرح البعض بأن تيد قد يكون ابنًا للجد! فالرجل كان معروفًا عنه بأنه مضطرب السلوك ، وعنيف للغاية ، وقد تكون الأم أخفت الأمر خوفًا من والدها ؛ الوالد الحقيقي للطفل .نشأ تيد بين أفراد أسرته ، وهو يظن بأن والدته هي شقيقته الكبرى ، وأن جديه هما والديه الحقيقيين ، ثم تزوجت الأم من شخص يُدعى روبرت باندي ، وقد وافق على منح تيد اسمه وتبنيه ، ولكن الطفل لم يكن يرحب بروبرت كثيرًا ، وكانت علاقتهما متوترة ، فالطفل يكن احترامًا لجده –ظنًا منه أنه والده الحقيقي- ، في حين يرى روبرت ، إنسانًا خاويًا ، بلا طموح أو قوة شخصية .تكشّف الحقائق ..
كبر تيدي ، ووصل إلى المدرسة الثانوية التي تخرج منها سريعًا ، نظرًا لذكائه الشديد ، والذي لاحظه كل من تعامل معه وعمله ، ثم ارتاد تيد الجامعة ودرس اللغة الصينية ، ولكنه تركها ليتحق بحملة انتخابية لأحد الرؤساء ، مما دفع حبيبته لتركه نظرًا لعدم التزامه بالدراسة ، أو وفائه بعهوده معها ، فكانت أولى صدمات تيدي ، تلا ذلك ، معرفته بحقيقة نسبه ، وأن والده هو جده بالفعل ، وأنه جاء للحياة نتيجة علاقة آثمة بين أمه وجده ، مما أجج مشاعر الحقد والكراهية لأمه ، وكافة السيدات والنساء.عاد تيدي للدراسة مرة أخرى ، ليدرس القانون ، فقد كان طموحًا للغاية ، ويريد أن يحصل على أعلى المناصب الساسية بالدولة ، فدرس القانون وتخرج من الجامعة حاصلاً على شهادته من كلية الحقوق ، ثم انضم لحملة جديدة لأحد الرؤساء ، تقربًا من الوسط السياسي الذي يحلم به ، ولكنه كان فاشلاً في الجانب العاطفي ، نظرًا لعنفه الشديد دائمًا ، وممارساته الجنسية المريضة.أحداث مريبة ..
في أحد الأيام استيقظت فتاة على صوت جرس المنبه الخاصة بزميلتها ، ونهضت لتوقظها ولكنها فوجئت بأنها ليست موجودة ، وفي المساء اتصل مديرها بالعمل ليسأل عن سبب غيابها ، ثم اتصل والديها للاطمئنان ، فارتابت الزميلة وأبلغت الشرطة .جاء رجال الشرطة وفحصوا المكان ، الذي بدا هادئًا إلا أنهم كانوا قد لمحوا بقعة دماء صغيرة ، على الفراش ويبدو أنها حديثة أيضًا ، فاتجهت شكوكهم لعملية اختطاف أو ربما قتل ، ولكن هذا الأمر لم يتوقف عند تلك الفتاة فقط .توالت حالات الاختفاء للفتيات ، في أعمار بين ثمانية عشر عامًا واثنان وعشرون ، منهن من ذهبت لحفل جماعي بمركب سياحي ، وانقطعت آثارها ، وأخرى ذهبت لحضور فيلم سينمائي ثم اختفت ، وأخرى في نفس الظروف ، وتوالت الحالات وتعددت ، مما أثار قلق رجال الشرطة ، بأنهم أمام مجرم وقاتل متسلسل .وأفاد عددًا من شهود العيان ، بأن الفتيات قد شوهدت مع أحد الأشخاص ، يربط يده اليمنى ويطلب منهن المساعده في إنزال مركبه إلى المياه ، وأن بعضهن قد رفضن المساعدة عندما أشار الشخص إلى أنه يرغب في اصطحابهن بعيدًا قليلاً عن المركب .ثم توافدت روايات الشهود ، وأدلى العديد من الأشخاص بشهادات حول مواصفات تيدي ، فنشرتها الشرطة ، الأمر الذي صدم زميلتين لتيدي بالعمل ، واتصلتا للإبلاغ عنه ، ولكن لم تهتم الشرطة نظرًا للعديد من البلاغات الكيدية ، والكاذبة التي وصلت إليهم يوميًا.السقوط ..
في أحد الأيام وعقب توالي حالات الاختفاء ، بما فيهم ابنة رئيس تيدي في العمل ، حيث كان في هذا الوقت يعمل في قسم الخدمات بالشرطة ، وكان ضمن الفرق المهتمة بحالات الاختفاء ! أبلغت إحدى الفتيات عن رجل ما ، ادعى أنه رجل أمن ويرغب في اقتيادها للشرطة من أجل تسجيل محضرًا .حيث حاول أحد الأشخاص سرقة سيارتها ، وعندما سارت معه قليلاً قيد يديها ، ولكن أفلتت إحداهما فاستطاعت تخليص نفسها والهرب ، ولم تجد الشرطة سوى قطرات دماء تخص تيدي ولكن لم يتم التعرف على هويته.أعقب ذلك ، جريمة قتل لإحدى الفتيات والعثور على جثتها عارية ومدفونة في الثلج بعد شهر من اختفائها ، ولكن لم تستطع الشرطة آنذاك ربط الأحداث بعضها ، إلى أن وقع تيدي في قبضة رجال الشرطة ، عندما طلب منه أحد الشرطيين التوقف ولكنه أبى ، فتعاملت الشرطة معه وبتفتيش السيارة ، عُثر على قناع وأصفاد ، وملابس تشبه ما تم الإبلاغ عنه من قبل في القضايا السابقة ، ولكن القضية الوحيدة التي اكتملت أركانها كانت قضية فتاة التزلج ، والتي أدين فيها تيد بالاختطاف ، والاغتصاب والقتل وحكم عليه به بخمسة عشر عامًا.جرائم أخرى!
تم القبض على تيدي واحتجازه ، ولكنه رفض تولي محام الدفاع عنه ، وطلب أن يدافع عن نفسه ، وذهب إلى مكتبة السجن من أجل تجهيز المرافعة ، وكلنه خطط للهرب في غفلة من الحراس ، وعقب فراره تمت ملاحقته والقبض عليه .إلا أنه وبعد عدة أشهر تمكن من الهرب مرة أخرى ، وقبع إلى جوار دار الفتيات بجامعة فلوريدا ، متعطشًا لمزيد من الضحايا ، وبالفعل ، قام تيدي بالتهجم على الفتيات وقتل فتاتين ، وتسبب في إصابة أخريات بجروح نافذة وخطرة ، وقتل ثلاثة نساء أخريات ، كانت أحداهم قد تسببت في جرح غائر بعنقه ، وفي تلك المرة خلّف تيدي وراءه بعضًا من سائله المنوي ، وشعيراته ، وكانت آخر ضحاياه فتاة ذات اثني عشر عامًا فقط ، وُجدت بقاياها متعفنة إلى جوار النهر.وقع تيدي مرة أخرى في قبضة رجال الشرطة ، ونالت محاكماته شهرة واسعة آنذاك حيث نقلها التليفزيون الأمريكي! وأصبح السفاح الوسيم حديث الساعة ، حيث قام بالدفاع عن نفسه ثلاث مرات متتالية ، ولكنه نال حكمًا قويًا بالإعدام في ثلاث قضايا بالكرسي الكهربائي.وتم تنفيذ حكم الإعدام في عام 1989م ، ثم أشعلت النيران في جثته ، وتم نثر رماده في مكان مجهول ، الأمر الذي أطلق الاحتفالات في أرجاء أمريكا ، عقب التخلص من كابوس باندي المزعج .