قصة السفاح تشانغ يونغ مينغ

منذ #قصص بوليسية

وقعت أحداث تلك الجريمة البشعة ، في قرية نانمين الصينية ، وهي قرية نائية وهادئة وفقيرة بعض الشيء ، لا يعرف سكانها المحليون سوى العمل طوال ساعات النهار ، ثم العودة للمنزل بالمساء والخلود للنوم ، ليس لديهم ما يفعلوه من جلوس وأحاديث أو اختلاط ببعضهم البعض ، فأغلب من يقطنون تلك القرية ، لا يعرفون جيرانهم كما يفعل البعض في قرى أخرى ، فهم مثل خلية النحل يعملون طوال النهار ، وليس لديهم الوقت للالتفات إلى شيء آخر .كذلك هيئة الشرطة لديهم ، تعاني من نفس هذا الكسل والنوم في كثير من شئون سكان القرية ، فكان البعض من حين لآخر يبلغون عن حالات اختفاء ، ولكنهم لا يعودون لمتابعة ما تم إجراؤه واتخاذه ، من قرارات بشأن بلاغهم عن أحد ذويهم ، لدرجة أن البلاغات لديهم كانت مكومة فوق بعضها ، تغطيها الأتربة نظرًا لأنها لا تمسها يد ، وكان هذا هو السبب لمولد المجرم والسفاح تشانغ يونغ عام 1956م ، حيث ترعرع داخل تلك القرية النائية ، ثم تحول بين رحابها إلى سفاح شرس .كان تشانغ في شبابه شديد العصبية والانفعال والتهور أيضًا ، وكان ما يستخدم العنف دائمًا ، للتخلص من مضايقات البعض حتى أنه في إحدى المشاجرات ، مع ابن عمه قام باستلال سكين صدئ ، وهم بنحر عنق ابن عمه ، لولا تدخل والد تشانغ وعمه لحماية الفتى ، وتم طرد تشانغ من المنزل .انطلق تشانغ حرًا بعد طرده ، ليقطن بالغابة القريبة داخل القرية ، ويبدأ مرحلة جديدة من الإجرام ، شهدها أهالي القرية النائية ، حيث بدأ تشانغ في اختطاف البعض من خصومه ، ويقوم بتقطيعهم وتشريحهم على مرأى ومسمع من السكان ، ولم يكن أحدهم يستطيع أن يبلغ الشرطة ، حتى لا يعاقبه تشانغ على فعلته .في إحدى المرات وبينما كان تشانغ يمدد جثة مراهق أمامه ، قام أحد الأشخاص بالاتصال بالشرطة التي لم تكن ترغب في اعتقال تشانغ من الأساس ، حتى لا تتفتح الأعين في العاصمة بكين ، حول الفساد الذي نخر في منظومة تلك القرية النائية ، ولكنهم ذهبوا إلى المكان وتم القبض على تشانغ متلبسًا بجريمته ، وتمت محاكمته وحُكم عليه بالإعدام .لم تمض عدة أشهر ، حتى تم التلاعب بأدلة القضية وملفها ، وتحول الحكم من الإعدام إلى السجن مدى الحياة ، وفوجيء بعدها بعدة أعوام ، سكان القرية بأن تشانغ قد أطلق سراحه ! ومنحته الحكومة منزلاً وقطعة أرض ، حتى يتم دمجه في المجتمع ويصبح موطنًا صالحًا .كان تشانغ طوال تلك الفترة ، لا يخرج من منزله سوى للعمل في الأرض ، ويعود منها إلى المنزل ، ولا يتحدث لأي شخص قط ، وكان فقط يذهب إلى السوق ليبيع بعض اللحوم المجففة ، والتي هي لحوم النعام ، التي لا يعرف عنها سكان القرية الفقراء شيئًا ، سوى أنها لذيذة الطعم ويستطيعون شرائها بثمن معتدل .في هذه الفترة حدثت الكثير من التغيرات في المجتمع الصيني ، وشهدت تحولات جذرية حولت الصين من مجتمع خامل ، إلى عملاق اقتصادي وصناعي قوي ، وتم إنشاء العديد من المدارس والجامعات بالقرب من قرية نانمين ، وتوافد عليها الطلاب في كل حدب وصوب ، وكانت في تلك الفترة يتم إبلاغ الشرطة ، بشأن حالة اختفاء لأحد الطلاب .كانت حالات الاختفاء بين المراهقين ، في سن من 16 إلى 22 عامًا ، ولكن الشرطة لم تأبه لما يحدث ، بل هددوا ذوي الضحايا بأنهم إذا تحدثوا بشأن هذا الأمر ، فإنهم سوف ينالون عقابًا وخيمًا ، وبرروا ما يحدث بأنها حالات فرار من الفقر المدقع ، الذي تعيش فيه القرية .وفي أحد الأيام كان شابًا يسير بالقرب من منزل تشانغ ، فباغته الأخير من الخلف ليحاول خنقه بحزام جلدي ، ولكن صراخ الشاب المتواصل خلال فترة راحة المزارعين ، جمع أهل القرية على إثره ، ليلحقوا بالشاب ، والذين ما أن رآهم تشانغ حتى ادعى أنه كان يمازح الشاب ، ولكن أهل القرية أبلغوا الشرطة ، وتم إلقاء القبض على تشانغ ، ليطلق سراحه خلال ساعات حيث قال ضابط المخفر ، بأن تشانغ كان يمزح وأن سكان القرية متسرعون !وعقب أسبوع من هذا الحادث ، اختفى هذا الشاب تمامًا ولم يعثر له أحد على أثر ، وتزايدت لحوم النعام بالسوق ، وظل الأهالي في حالة قلق وترقب وهم لا يعرفون مصير أبنائهم المختفون ، إلى أن اختفى فتى يدعى هاو يان ، وهو من أسرة ميسورة حيث ودع رفاقه على أمل اللقاء بهم في اليوم التالي ، ولكنه اختفى فجأة .كانت عائلة الشاب ميسورة الحال ، فلم تستطيع الشرطة تبرير الأمر بالاختفاء من أجل المال ، ولكن الأمر انقلب رأسًا على عقب ، حيث أبلغت عائلة الشاب الصحف في بكين ، لتنطلق الأقلام تكتب قصة الشاب هاو يان ، وتنطلق ألسنة الأهالي المكلومة على أبناهم ، بعد صمت طويل ، مما دفع وزارة الأمن العام في بكين إلى إرسال فريق للتحقيقات إلى القرية النائية .وتم خلال تلك التحقيقات التعرف على حوادث من الماضي ، وذكر السكان ماضي تشانغ وتم على إثرها ، فصل رئيس الشرطة و12 من مساعديه بتهمة التقاعس عن أداء مهمتهم ، تم تمشيط المنطقة ، وأحيط منزل تشانغ بالشريط الأصفر المميز لرجال الشرطة ، وبدأ رجال الشرطة يخرجون أكياسًا ممتلئة باللحوم من منزل تشانغ ، وتداول أهل القرية ، أحاديث جانبية بشأن ماهية تلك اللحوم وعلاقتها بأبنائهم المختفين ، مما أثار حالة عامة من الذعر بينهم .عثرت الشرطة على الكثير من اللحوم البشرية ، والعظام وبعض متعلقات الضحايا المختطفين بالقرب من منزل تشانغ ، وغيرهم ممن اختفوا بعيدًا عن المنزل أيضًا ، وظلت تحاول تكتم الأمر حتى لا تنطلق حالة من الهلع بين السكان .ولكن تم نشر تفاصيل القضية بعد ذلك ، وأن رجال الشرطة قد استطاعوا القبض على أحد آكلي لحوم البشر ، في قرية نانمين وتم الحكم عليه بالإعدام ، على الرغم من أنه لم يعتذر لأهالي الضحايا أو يقر بجرائمه .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك