نعرف أن الحرب الأهلية الروسية واحدة من أشد الحروب هولاً على مدار التاريخ ، والتي امتدت منذ عام 1917م وحتى عام 1921م ، وانتهت بانتصار البلاشفة بقيادة فلاديمير لينين وعددًا من الثوار التابعين له ، في مقابل حكومة القيصر نيكولاس الثاني الذي تم أسره ومن ثم إعدامه ، هذا الإعدام الذي حملت كواليسه العديد من الأسرار .المذبحة :
عقب أن هدأت الأمور وتم نقل القيصر وأسرته ، إلى مكان منعزل عن الشعب الذي كان متعاطفًا معهم ، إذا بهم يفاجئون ببعض الجنود ، يهبطون إلى القبو حيث وضع أفراد العائلة ، وقال قائدهم بأن الحكم قد صدر بإعدامهم جميعًا ، وكان برفقتهم طبيب العائلة والخادمة والطباخ والوصيف .فصرخ القيصر في ذهول ليعاجله قائد الحرس برصاصه تسكته للأبد ، ثم تنهمر رصاصات الجنود على زوجته لتسقط وسط دمائهم ، وينتقلوا إلى الفتيات الأربع والأمير إلكسي ، ولكن لم تسقط الفتيات ، بل ارتدت الرصاصات مرة أخرى نحو الجنود ، الذين وقفوا مشدوهين جراء ما حدث ، فانطلق بعضهم يركضون ذعرًا حيث ظنوا بأن هاتي الفتيات البريئات ، قد حمتهن السماء من رصاصاتهم .فأمر القائد باستبدال الجنود فورًا ، والقيام بقتل الفتيات بكعوب البنادق والأسلحة البيضاء ، لتسقطن صريعات الواحدة تلو الأخرى ، ثم يتم تجريد الجثث من الملابس والمجوهرات والمقتنيات الثمينة ، ليتضح للجنود فيما بعد بأن الفتيات قد خبأن المجوهرات الثمينة داخل ملابسهن ، مما صنع حاجزًا مضاد للرصاص أمامهن .ثم حملت الجثث كلها فوق عربة اندفعت بالجثث نحو الغابة ، لدفنهم في ظلم الليل حتى لا ينكشف أمر مقتل العائلة ، ولكن عقب القاء الجثث بالحفرة وإلقاء قنبلة تساعد على ردم الحفرة ، لم تنجح الخطة فتم تحميل الجثث مرة أخرى ، ووضعها بحفرة جديدة في وسط الغابة ، وإلقاء الحمض عليهم من أجل منع رائحة التعفن من التصاعد ، وكذلك عدم التعرف على الجثث إذا ما تم العثور عليهم في أحد الأيام ، وبالفعل أجاد الجنود عملهم وفروا تاركين الجثث خلفهم قابعة داخل الحفرة ، وظلت منسية طوال ثمانين عامًا لا يعلم أحد عنها شيئًا .تكتم البلاشفة على هذا الحادث المأساوي لعائلة القيصر ، إلا أن الأقاويل أخذت في الانتشار عندما اختفى أفراد العائلة كلهم بغتة ، خاصة وأن أغلب طوائف الشعب كانت متعاطفة معهم ، بالإضافة لبعض الحراس أيضًا ، مما اضطر قائد الحرس إلى تبديل حراسه ، بأناس لا يعرفون الرحمة حتى تتم عملية الإعدام ، التي قيل أنها من تدبير راسبوتين الساحر ، ولكن علاقته بالقيصرة نظرًا لقيامه بعلاج ابنها الأمير من مرض الناعورة ، نفى عنه تلك الشكوك التي حامت كلها حول لينين نفسه .آنا آندرسون .. محتالة القرن :
في عام 1919م تم اللحاق بفتاة كادت أن تلقي بنفسها عبر النهر ، ثم إيداعها في مصحة للأمراض العقلية والنفسية ، وهناك رفضت الفتاة التحدث والكلام مع أي شخص ، حتى تقربت منها إحدى النزيلات وبالحديث معها عرفت بأن اسمها آنا .وفي أحد الأيام وأثناء تصفح النزيلة للجرائد ، إذا بقضية عائلة رومانوف تظهر على السطح ، وتشاهد النزيلة صورة للأميرة ماريا التي تم إعدامها ، وبها شبه كبير من آنا ، التي رفضت أن تكون هي الأميرة ماريا ، وأفصحت أنها الأميرة آنستازيا المفقودة ، ولذلك أطلقت على نفسها اسم آنا اختصارًا للاسم .عقب إعلان هذا الأمر ، انقسم الناس إلى مؤيد ومعارض لما أدلت به آنا من أقوال ، وأنها ابنة القيصر ولكن نفى أقوالها كل من أقارب العائلة مثل ابنة عمها ، ومعلم أطفال العائلة المالكة ، وكذلك خالتها التي نفت بأن تكون تلك المرأة ، هي ابنة شقيقتها الراحلة .وكانت آنا قد روت بأنها ، فرت من المذبحة التي حدثت عندما أصيبت ، ووجد الجندي الذي أنقذها أنها قد جرحت فحسب ، فقام بتهريبها عبر الحدود ، لتنطلق لا تعرف أين تذهب ، حتى وجدت نفسها فجأة بلا مأوى أو سند ، فقررت أن تلقي بنفسها إلى النهر ، ولكن تم إنقاذها وإيداعها بالمشفى .قصة غريبة تلك التي روتها آنا ، وكانت المفاجأة هو أن أحد المخبرين الخاصين ، قد فجر بعد ذلك مفاجأة مذهلة وهي ؛ أن آنا تلك لم تكن سوى عاملة بأحد المصانع ، وأثناء ما حدث بالحرب العالمية الثانية من مجازر ، فإن إحدى القنابل كانت قد سقطت على المصنع الذي تعمل به تلك السيدة ، لتفقد وعيها ثم تستفيق لتركض ، عشوائيًا حتى وصلت إلى حافة النهر محاولة إلقاء نفسها ، وهي في حالة ذهول وجنون تام .الدلائل :
لم تكن رواية المحقق الخاص هي الدليل الوحيد فقط على كذب ادعاءات آنا ، بل أيضًا ما حدث بعد ذلك ، أجج الجدل مرة أخرى حولها ، فقد تم العثور على رفات تسعة أشخاص في الحفرة التي دفنت فيها العائلة ، وتبين بالفحص أنها جثة القيصر وزوجته وثلاثة من بناته ، بالإضافة إلى الأربعة أفراد الآخرون الذين أعدموا معهم ، ولكن مع اختفاء رفات أصغر طفلين للقيصر!تلك المعلومة جعلت الجميع يرددون بأن آنا كانت محقة ، وأنها ابنة القيصر المختفية بل وأن من ادعى أنه الأمير إلكسي فيما بعد كان صادقًا أيضًا ، ولكن اختلف الأمر عندما تم الحصول على عينة من الحمض الجيني لعائلة القيصر ، وبعض الأحماض من عائلة زوجته ، وفحص العظام ، التي أثبتت صلة القرابة بين الأب والفتيات ، وكذلك الأم وفتياتها ، ولكن لم يعثروا على جثتي أصغر أفراد العائلة .لم يمض الوقت طويلاً ، حتى عاد البعض إلى شهادات بعض الجنود المنفذين لمذبحة أسرة القيصر ، حيث أقر أحدهم وهو معروف بقسوته وعدم تشبعه من الدماء ، بأن الطفلين الآخرين قد حاولا الفرار فقام هو بقتلهم ودفنهم في مقبرة مختلفة عن المقبرة الجماعية الأولى ، بعد أن قام بإحراق الجثتين في محاولة منه لإخفاء معالمهما ولكنه أدرك أنها سوف تحتاج ، إلى سبع ساعات على الأقل حتى تتحول إلى رماد .وبالعثور على القبر على بعد عدة أمتار من القبر الجماعي ، تبين وجود بعض العظام التي لا يمكنها أن تستكمل جثة شخص ناضج كاملة ، ولكن كان هناك حوضين بفحصهما تبين أنهما حوض لذكر والآخر لأنثى ، ولكن من الفتيات ماريا أم آنستازيا ، هنا تم الحصول على الحمض النووي لآنستازيا وعينة من شقيقها ، لمطابقتها برفات العائلة وأثبتت الفحوص ، أن آنا لم ولن تكن ابنة للقيصر نيكولاس الثاني قط .وبهذا تكون الأسرة قد اجتمعت الآن مرة أخرى ، حيث وقعت جثة الأبوين وثلاثة من الفتيات معًا ، وفي القبر المجاور لهم قبعت جثة الابنة الرابعة والابن الوحيد ، لتكتمل العائلة من جديد ، ولا يهم أين تقبع جثة آنستازيا الآن .