بينما كنت أستقل سيارتي ؛ شعرتُ فجأة بانفجار الإطارات ؛ فحاولتُ بكل قوتي أن أحرك السيارة جانبًا ؛ حتى لا تقف في منتصف الطريق المظلم فتعرقل مرور السيارات على ذلك الطريق السريع ؛ وبالكاد استطعتُ تجنيبها .أصبحت الساعة في ذلك الوقت الثانية عشر منتصف الليل ، وحينما هاتفي صديقتي جيوكوندا كانت الساعة التاسعة بالضبط ، لقد كان صوتها مفزوعًا وهي تقول : ساعدني ؛ هناك محاولة لانتهاك مزرعتي ، ثم انقطع الاتصال ، وقررتُ على وجه السرعة أن أستيقظ من النوم وأذهب إليها بسيارتي ؛ لمساعدة تلك الصديقة البائسة .كنت أعرف الطريق إلى منزلها عن ظهر قلب ؛ حيث قد ذهبتُ إليها عدة مرات ، كانت جيوكوندا امرأة غريبة ؛ لم تحصل على الحب الحقيقي في حياتها ؛ وقد أنهت حياتها مع زوجها بطريقة غريبة ؛ وقالت أنها لا تعلم كيف وافقت على الزواج من ذلك الشخص ، لقد كان ذلك الزوج أصغر منها ؛ وتزوجته عن حب ؛ ولكن لا أعلم لماذا فعلت هذه الأشياء غير المنطقية .توقفتُ في الطريق المُظلم وقد أصابتني الحيرة ؛ حيث لم أجد مَن يساعدني ، وحينما نظرتُ نحوي تذكرتُ أنني على بُعد خمسة كيلو متر من مزرعة جيوكوندا ، كان الظلام كثيفًا والغيوم قد غطت القمر ؛ ولكنني قررتُ أن أسير على قدمي حتى أصل إلى المزرعة .مشيتُ تقريبًا خمسمائة متر ؛ ثم رأيتُ أضواء تنير المكان ، ولا أعرف مصدرها لأنني كنت أمشي بالقرب من الأعشاب على جانب الطريق ؛ وفجأة ظهرت سيارتان تضطهد إحداهما الأخرى ؛ حتى قامت السيارة الأولى بإطلاق النيران على السيارة الثانية حتى حطمتها من الخلف بشكل كامل ؛ ولازالت طلقات النيران مستمرة ، وأصبح الطريق مغطى بالدماء ؛ فشعرتُ بالذعر ؛ مما جعلني أدخل لأختبئ بين الأشجار التي كانت كالدرع الواقي من النيران المنطلقة في الهواء .بعد انتهاء تلك المعركة الدامية ؛ أخذتُ نَفسًا عميقًا ، وخرجتُ لأرى ما حدث على الطريق ، وكانت الساعة في ذلك الوقت الثانية عشر ونصف بعد منتصف الليل ، لم أجد سوى زجاج متناثر فوق بركة من الدماء ؛ وحينها شعرتُ بتلك الدماء تسيل من يدي ؛ ولا أعلم مصدر ذلك الجرح الذي أصابني ؛ هل هو من إحدى فروع الأشجار أم قد أصابتني طلقة من ذلك الرصاص الذي كان منتشر في المكان منذ لحظات .حاولتُ أن أستعيد قوتي لأُكمل مسيرتي نحو الهدف الذي خرجتُ من أجله والذي اقترب بالفعل ، وبعد لحظات سمعتُ صوت صرخات شديدة ؛ فشعرتُ بالخوف ، وخشيتُ الذهاب إلى مصدر صوت تلك الصرخات ؛ ولكنها توقفت بعد وقت قصير ، وحينها دار بخاطري أن صاحب ذلك الصوت لم بجد مَن ينجده فمات ؛ لذلك عمّ الهدوء في كل مكان .بدأ الألم يزداد في جسدي ؛ وشعرتُ بأن قوتي تتلاشى شيئًا فشيئًا ، ولكنني واصلتُ سيري إلى الأمام ، ثم رأيتُ خلال لحظات ضوء يأتي من عدة مركبات وقفت على الطريق .تقدمتُ إلى الأمام ساحبًا ساقي اليمنى ؛ حيث قد أصابني الإرهاق والتعب ؛ ولم يكن بوسعي أن أصرخ لأستغيث بأحد ، لم أكن أعلم ماذا سأفعل في تلك اللحظة ، وسمعتُ صوتًا يقول : لا تُطلق النار .. لا تُطلق النار ؛ أنا صديق تلك السيدة .سقطتُ على الأرض فاقدًا الوعي ؛ وشعرتُ ببعض الأيادي التي حملتني ، وقبل أن أفقد وعيي بشكل كامل ؛ سمعتُ أحدهم يقول : يبدو أن الرجل الذي نبحث عنه مُتهم بقتل السيدة جيوكوندا .