يحكي أن فتى ذكيًا شجاعًا يدعى الشاطر حسن كان يعيش مع والده التاجر ، وذات يوم عزم الأب على السفر في رحلة طويلة ، فقال لابنه : إذا تأخرت في سفري ، فاجلس فوق هذا البساط ، واطلب منه أن يحملك إلى نخلتين فوق الجبل ، ومرت الأيام وطالت غيبة الوالد ، ولم يبق من النقود التي تركها لابنه شيء ، فأخذ حسن ما تبقى في البيت من بيض وخبز وجلس فوق البساط وقال : أيها البساط احملني إلى النخلتين فوق الجبل.وسرعان ما ارتفع به البساط في الهواء ، وطار حتى استقر عند نخلتين متجاورتين ترتفعان وحدهما فوق الجبل ، فتعجب لما اختار والده هذا المكان ، ولما أمره أن يمكث فيه فظل حائرًا لا يدري ماذا يفعل ، ولما أقبل الليل واشتد البرد تسلق إحدى النخلتين ، ونزع منها بعض السعف الجاف ، وأشعل نارًا صغيرة ليتدفأ بها ثم قرر أن يتعشى ويستريح قليلًا ، وفي الصباح يحاول أن يستكشف المنطقة من حوله .وفجأة شاهد شيئًا يتحرك من بعيد ، أخذ يدقق النظر إليه فتبين له أنه رجل قصير يقترب ناحيته ، وشيئًا فشيئا اتضح شكل الرجل كان أخضر اللون ، أخضر الملابس يمسك في يده عصا خضراء ، وعندما اقترب الرجل الأخضر من حسن حياه وطلب منه أن يجلس معه قرب النار ليتدفأ بها .فرحب به الشاطر حسن وأخذ يعد له الطعام رغم قلة ما معه منه ، فشكر الرجل الأخضر حسن وتناول الطعام وقبل أن ينصرف نصحه ألا ينام على الأرض بل يتسلق إحدى النخلتين وينام على جذعها بين السعف .تعجب الشاطر حسن لهذه النصيحة الغريبة ، وقبل أن يستفسر عنها كان الرجل الأخضر قد ابتعد مسرعًا كأنه الريح ، وغاب عن عينيه ، ولما غلب النوم على الشاطر حسن صعد ليرقد بين السعف فسمع رنين شيء معدني يصدم بالأرض فنزل ليتبين ما هو فإذا ببعض القطع المعدنية من الذهب الخالص ، فرح الشاطر حسن وطلع النخلة مرة أخرى وأخذ يبحث بين السعف فوجد كيس مليء بالذهب .فنزل وتسلق النخلة الأخرى وبحث فيها عله يجد كيسًا أخر وبالفعل أطلق صيحة فرخ عندما وجد كيس أخر ، ولكنه هذه المرة كان مليء بالماس ، وأثناء نزوله من على النخلة رأى بيوتا كثيرة على مرمى البصر ، فقرر الذهاب إلى تلك المدينة وحينما اقترب من أسوارها شاهد تماثيل كثيرة على هيئة بشر ، فسأل امرأة عجوز كانت تجلس بالقرب منها عن سرها ، فقالت له : هؤلاء رجال طلبوا الزواج من الأميرة ابنة السلطان ، ولما غلبتهم في المصارعة حولتهم إلى قطع من الصخر.فأثارت هذه المعلومات غيظ الشاطر حسن وقرر أن يلقن تلك الأميرة المغرورة درسًا لا تنساه ، فركب بساطه السحري وطار لغرفة الأميرة ، وكانت في هذه اللحظة تنظر إلى مرآتها ، وحينما رأته لم تصرخ فقد كانت مشهورة بالجرأة والشجاعة ، وتطلعت إليه في ثبات وهي تقول : إذا كنت قد جئت تخطبني لماذا لم تذهب إلى والدي؟تأمل الشاطر حسن جمال الأميرة وقال : أمر غريب أن تكوني على قدر كبير من الجمال والقسوة في نفس الوقت، فقالت له الأميرة : لقد اشترطت عليهم شرطا وقبلوه باختيارهم ، فهل تعلم هذا الشرط ، قال الشاطر حسن : يقولون أنك تجيدين المصارعة وانك قد تغلبت عليهم جميعًا ، فقالت الأميرة وهي تبتسم : وهل تجيد أنت المصارعة خيرا منهم ، فقال له بثبات : هيا نجرب.وتماسك الفتى الجري مع الفتاة الماكرة وأخذا يتصارعان ، واستطاع الشاطر حسن أن يغلب الأميرة ، فاحمر وجهها من الخل وقالت : لقد تعثرت قدمي في الفراش ، هيا نجرب ثانية ، ولكن أيضا انتصر عليها الشاطر حسن ، فتراجعت الفتاة وهي تنظر له بإعجاب وتقول يبدو أنك ستفوز بخطبتي ولكن ماذا ستقدم لي مهرًا ؟حينها تذكر الشاطر حسن كيسي الذهب والماس ، فأفرغا ما فيهما أمام الأميرة ، ولكنها ضحكت وقالت هذا لا يكفي أريد كل ما معك ، فتعجب الشاطر حسن لأنه أفرغ كل ما في الكيسين ولكن حينما نظر عليهما وجدهما قد امتلئا ثانية ، وهنا أدرك سر الكيسين ويبدو أن الأميرة فهمت من ملامحه أنه لم يكن يدري.فتظاهرت الأميرة بالموافقة وأخذت تقرب الشاطر حسن منها وتتودد إليه وتعزف له أجمل الألحان ، وبعدها أحضرت شراب البرتقال ليشربا معا ، ولكن ما هي إلا دقائق معدودة وباغت النوم الشاطر حسن فقد وضعت له في الشراب مادة جعلته يستسلم لنوم عميق ، ولما أفاق وجد نفسه مرميًا خارج القصر ، وقد تم تجريده من البساط وأكياس الذهب والماس ، ويذلك فقد فرصته في تلقين الأميرة درسًا ، وإزالة اللعنة عن الرجال الذين حولتهم لحجارة.أخذ الشاطر حسن يفكر بغير توقف كيف يستعيد بساطه السحري وكنزه الذي احتالت عليه الأميرة ، ولكنه سرعان ما شعر بالجوع ، فتذكر النخلتين وما عليهما من بلح ، فسار حتى وصل إليهما ووجد البلح الأصفر قد ازداد حجمه بشكل كبير حتى صار يشبه البرتقال ، فتناول تمرة وأكلها فوجد طعمها لذيذ وبعدها استلقى قليلًا تحت الشجرة ، فلما استيقظ شعر بشيء غريب فوق رأسه ، فأخذ يتحسسه فإذا بقرن كبير كأنه قرن بقرة قد نمي في مقدمة جبينه ، فلما يقهم لما حدث هذا ، وجلس حزينًا لا يجرؤ على العودة إلى المدينة حتى لا يراه الناس.وبينما هو جالس وجد الرجل الأخضر أتيا عليه ، فأخذ يخفي جبهته سريعًا بيديه ، فضحك الرجل الأخضر وقال له : لقد علمت أنك بحاجة إلى المساعدة فجئت إليك كي أساعدك ، فلما حكى الشاطر حسن ما حدث له ، قال الرجل الأخضر في النخلة الأخر دوائك ، كل واحد من البلح الأحمر ، وسيختفي القرن من وجهك ، وبالفعل اختفى القرن حينما تناول الشاطر حسن بلح النخلة الأخرى.وهنا جاءت فكرة ذكية لذهن الشاطر حسن ينتقم بها من الأميرة ويعيد بها بساطه السحري ، فلبس زى التجار وأخذ معه البلح ونزل إلى المدينة ووقف أمام القصر وأخذ ينادي على البلح العجيب بصوت عالي حتى انزعجت الأميرة من صوته ، وأرسلت وصيفتها لإسكاته ، فلما ذهبت أعطاه الشاطر حسن بلحه من بلحه العجيب هدية للأميرة ، فلما رأت الأميرة حجم البلحة الغريب وتذوقتها أعجبتها كثيرًا ولما أكلتها استغرقت في النوم.وحينما استيقظت شعرت بشيء غريب فوق رأسها يعيق حركتها أثناء النوم ، فلما نظرت في المرأة وجدت قرنًا يشبه قرن البقرة فأخذت تبكي وتصرخ ، وعلم السلطان بالكارثة التي أحلت بابنته ، وقال في نفسه : هذا جزاء ما فعلت ابنتي بكل من تقدم لخطبتها ، وأعلن في كل أنحاء المدينة أن من سيشفي الأميرة سيتزوجها ويصبح السلطان من بعده.ففشل كل الأطباء في علاجها ، وتقدم الشاطر حسن للسلطان وأكد أنه قادر على شفاء الأميرة لكن بشرطين الشرط الأول : أن تعيد له بساطه السحري وكيسين الجلد التي قد أخذتهما منه ، دهش السلطان من فعلة ابنته ، وأمرها أن ترد ما أخذت فلم تجد الأميرة مفر من ذلك ، فأعادت الأشياء إلى الشاطر حسن.أما الشرط الثاني : أن تزيل الأميرة لعنتها عن الرجال الذين حولتهم إلى حجارة ولا ذنب لهم إلا أنهم تقدموا لخطبتها ، فحاولت الأميرة أن تتهرب من تنفيذ هذا الشرط ، وقالت : هكذا سأفقد قوتي كلها ، فقال لها والدها : وما فائدة تلك القوة التي تستخدمينها في إيذاء الناس ، وبما ستنفعك إن ظللت حبيسة هذا القرن طيلة عمرك ؟هنا أدركت الأميرة بشاعة العقاب الذي حل بها ، وأسرعت تعيد كل من حولتهم إلى حجارة لهيئتهم البشرية ، وفي الحال وضع الشاطر حسن في يد الأميرة بلحة حمراء ملفوفة في ورقة كتب عليها هنا تجدين الشفاء والدواء ، وأخذ بساطه السحري وطار بعيًدا يبحث عن مغامرة جديدة.