يحكي أن رجلًا فقيرًا اسمه شعبان كان يعيش في قرية تجاور الجبل ، وكان الرجل يخرج كل يوم للبحث عن الملح بين الصخور والكهوف والوديان ، وكلما وجد كمية من الملح ينقلها في كيس علي كتفيه ويبيعها إلي أهل القرية ، ولم يكن عنده أولاد ينفق عليهم فقط هو وزوجته ، وذات يوم عاد يحمل كيس ملح إلي بيته ، ووضعه في ركن من الغرفة التي يعيش فيها مع زوجته .وبدأت زوجته تعد الطعام ولكنها اكتشفت أن الملح في البيت قد انتهي ، فقالت لزوجها الملح انتهي سأملأ علبة الملح من الكيس ، وحين كانت تملآ العلبة شاهدت في الكيس بين حبات الملح شيئًا يبرق ، تناولته وأسرعت لزوجها قائلة : انظر يا شعبان كأنة فص ماس ، تطلع الزوج إلي الحجر اللامع وقال : إذا كانت هذه ماسة حقيقية فإنها ستكون كنزًا ثمينًا رزقنا الله به وسنصبح أغنياء.في تلك اللحظة طرق الباب طارق وتردد شعبان ، ثم أخفي الماسة في جيبه وفتح الباب ، فوجد امرأة عجوز يبدو عليها المرض والتعب قالت العجوز : أعطوني مما أعطاكم الله ، وأسرع شعبان يقول ليس عند ، لكنه لم يكمل وقاطعته زوجته وأمسكت بذراعه ، وتذكرت الزوجة الطيبة أن الله رزقهم كنزًا منذ لحظات ، وتحير شعبان كيف يعطيها من الماسة التي لا يمكن تجزئتها ، ولكن زوجته أنقذته من الحيرة ، وقالت للعجوز تفضلي يا خالة لقد أعطانا الله خيرًا لكننا لا نعرف كيف نعطيك الآن منه .وفجأة فردت المرأة العجوز ظهرها وزالت كثير من تجاعيد وجهها ، وابتسمت ثم قالت أنا التي وضعت الحجر الثمين في كيس الملح ، وما دمتم قد أبديتم استعدادكما لأن يشارككما الآخرون فيما أعطاكم الله ، فسيرزقكما الله بالمولود الذي تشتاقان إليه ، وقبل أن ينطق شعبان وزوجته بكلمة كانت المرأة قد اختفت !وتحقق كلام العجوز الغريبة ورزق شعبان وزوجته ببنتًا جميلة وأسمياها فيروز ، وكلما كبرت زاد جمالها وذكائها ، ظل شعبان يعمل كما هو في جمع الملح من الجبل ، ولكنه كان يجد مشقة كبيرة في أن يجد الملح .فقالت له فيروز وقد أصبحت فتاة باهرة الجمال ، أود أن اخرج معك يا أبي للبحث عن الملح ، فأشفق عليها أبيها من المشقة وقال لها : ستتعبين وتلفحك الشمس ، ولكنها أصرت وهكذا خرجت فيروز معه ، وفي هذا اليوم وجد شقًا مملوء بالملح بعكس الأيام السابقة لم يجد الكثير.وبدأ رحلة العودة إلى المنزل مع ابنته ، وفيما هو راجع شاهد فجأة رجلًا يسير وبجواره كلب ضخم ، وصاح الرجل في شعبان : قف يا رجل أنت والبنت التي معك ، فتوقف شعبان وابنته وتقدم الغريب منهم رافعًا سيفه ، وقال لشعبان : عليك أن تختار أن تزوج ابنتك لي وإما أن تزوجها لهذا الكلب ، فاندهش شعبان وقال له : هل من المعقول أن أزوج ابنتي لكلب !! ، قال الغريب انه ليس كلب انه أمير وأنا تابعه.قال شعبان : وإذا وافقت علي زواجها من الكلب ، ثم أردت أن أراها فأين وكيف أراها ؟ وما إن قال شعبان تلك الجملة حتى تحول الكلب إلى أمير وسيم رشيق ، وقال الأمير لشعبان : أنت إذًا لا تعترض علي زواجي من ابنتك ، قال شعبان إنها ابنتي الوحيدة ، وستحزن أمها كثيرًا إذا ابتعدت عنها ، فقال الأمير : إذا لم أتزوج ابنتك سأصبح حيوانًا مرة أخري .هنا تقدمت فيروز ووقفت بين الأمير وأبوها وقالت في إشفاق : انه يتحدث في رقة وصدق يا أبي وحرام أن نتركه يعود إلى الصورة التي شاهدناه عليها ، قال الأب إذً أنتي توافقين علي الزواج منه ، وأحنت فيروز وجهها في خجل فقال شعبان وأنا أيضًا موافق.وفي تلك اللحظة انشق الجبل ودخلوا فيه مع الأمير ، ووجد شعبان وابنته انفسهم في مدينة كبيرة مبنية من البلور ، وتم الزفاف في احتفال كبير وقال شعبان للأمير كيف استطيع أن أري ابنتي عندما أود زيارتها ، فأعطاه الأمير جريدة النخل ، وقال له : عندما تحب أن تري ابنتك اضرب الأرض عن يمينك بهذه الجريدة.وعاد شعبان إلى زوجته فسألته عن ابنته ، وعن تأخيره فحكي لها القصة وضرب بالجريدة كما قال له الأمير ، وأخذ زوجته إلى ابنته العروس وفرحت فيروز وأمها فرحًا شديدًا ، وقالت فيروز لأمها انه ونعم الزوج ، وبعد فترة ذهب الأب لابنته لزيارتها ، فقالت فيروز لأبوها : يجب أن تعيشوا معي في هذا الثراء والنعيم ، وقالت لأبوها : اذهب لزوجي واطلب منه أن يعطيك الجحش الصغير ، فتعجب أبوها وقال لها : ماذا افعل بجحش صغير ؟ فقالت له لن تندم.فذهب للأمير وبالفعل أعطاه الجحش الصغير ، وقال له الأمير : هذا الجحش عندما تقول له اسمعنا صوتك الجميل تنزل منه قطع ذهب ، وكان علي شعبان ديونًا لصاحب فندق القرية فذهب عنده .وأخذ الجحش معه وتعجب صاحب الفندق أن شعبان يريد أن يحتفظ بالجحش معه في الغرفة ، فتلصص عليه وعرف أن الجحش سحري ويخرج منه ذهبًا ، فأحضر جحشًا مماثلًا ، واستبدله عندما كان شعبان نائمًا.وعندما استيقظ شعبان ذهب إلى زوجته وأخبرها بالجحش السحري ، ولكن الجحش لم يخرج منه اي ذهب فعرف أنه سرق منه ، فذهب مرة أخرى إلى ابنته فيروز وحكي لها ، فقالت له : اذهب للأمير زوجي وقل له أن يعطيك ماكينة الطحين .وبالفعل أخذها من الأمير فقد كانت سحرية تنتج كل ما يشتهيه من طعام كلما أدارها ، وذهب للمرة الثانية إلى الفندق وفعل صاحب الفندق به مثل المرة السابقة ، سرقها منه وترك له مثلها ولم يكتشف شعبان السارق أبدًا.فذهب إلى الأمير وأعطاه هذه المرة عصا سحرية تظهر السارق ، وكان شعبان قد شك في صاحب الفندق ، فذهب إلى الفندق وقال له : لقد سرق مني جحش سحري وماكينة طحين سحرية ، ولكن تلك المرة امتلك في هذا الصندوق شيء أعظم وأفضل منهم ، وفي الليل حاول صاحب الفندق سرقة الصندوق الذي به العصا ، ولكن أمر شعبان العصا بأن تضرب السارق.ظلت تضرب صاحب الفندق وقال له شعبان : أخبرني علي مكان الجحش وماكينة الطحين فأخبره صاحب الفندق وأخذهم شعبان إلى البيت ، وقام بعمل وليمة لكل أهل القرية وأعطاهم كلهم ذهبًا ، ولم يستأثر بالكنز وحده فهو وزوجته كانوا دائمًا يحبوا أن يشاركوا الخير الذي يمن الله عليهم مع الناس ، وبهذا شعبان وزوجته يعلمونا متعة العطاء.