الإسلام شأنه مثل معظم الأديان يحرم الكذب لأنه يؤدي إلى الضلال وبالتالي إلى النار ، ويعاقب الله سبحانه وتعالى الكاذب في الدنيا بعواقب شديدة ومخزية ، ولهذا أنزل الله العديد من الآيات البينات التي تنفر من الكذب وتحث على الصدق كقوله تعالى : { إن الله لا يهدى من هو مسرف كذاب} {سورة غافر، الآية 28}وهذه مجموعة من القصص التي تبين عاقبة الكذب ، ومدى سوء ما يحدث لصاحبه ، فالله سبحانه وتعالى عادل في حكمه يجازي الصادقين ويعاقب الكاذبين وشاهدي الزور على أفعالهم .القصة الأولى : الصدق أنجى
يُحكى أنه في زمن بعيد كان يعيش حاكم ظالم في مملكة يعيش أهلها في بؤس وشقاء ، كان يفرض عليهم الضرائب الباهظة ويجبرهم على العمل لفترات طويلة دون راحة أو كلل ، اعتاد الشعب على هذه الحياة القاسية ولكن حينما قدم أحد الغرباء وعاش بالبلدة ، فطن لظلم الحاكم وما يفعله ، فأخذ يقلب عليه العامة حتى يرفضون ظلمه ويعترضون على ما يفعله بهم من أجل أن يحظى بالمال والسلطة لنفسه .سمع الحاكم بأمر ذلك الغريب الذي يحاول إثارة البلاد وتقليب الشعب عليه ، فأمر الحراس بمطاردته والقبض عليه ومن ثم إعدامه حتى يكون موته عبرة وعظة لكل أهل المملكة ومن تسول له نفسه بالثورة على الحاكم الظالم ، وبالفعل بدأ الحراس في تفتيش المملكة ومطاردة ذلك الغريب فلما سمع بذلك هرب منهم .وبينما هو يجري في طريقه بحثًا عن مكان يختبئ به مر برجل عجوز ، فقال له : يا عم خبئني بالله عليك فحراس الملك يريدون قتلي ، فقال له العجوز : اختبئ هنا يا بني تحت هذا القش الموجود بالجوار ، تعجب الغريب من قول العجوز فالمكان مكشوف ولن يستغرق الحراس وقتًا حتى يكتشفون أمر وجوده هناك .ولكنه استمع لنصيحة الغريب لأنهم كانوا قريبون منه للغاية ، وبينما هو مختبئ تحت القش سمع صوت حراس الملك وهم يتحدثون مع الشيخ العجوز ، ويقولون له : أنت أيها الرجل أخبرنا هل رأيت شابًا غريبًا يجري من هنا الآن ؟ فقال العجوز : نعم رأيته فسأله الحراس عن مكان وجوده .فقال لهم العجوز : إنه هنا تحت هذا القش فظن الحراس أن العجوز يسخر منهم وتركوه وهم يسبونه وأخذوا يبحثون عن الشاب في مكان أخر ، بعدها خرج الشاب من مخبأه وهو في غيظ شديد مما فعله العجوز وتعجب كيف يخفيه عنده ثم يفتش مكان وجوده بسهولة ، وأخذ يعاتبه على ما فعل ، فقال له العجوز : يا بني لو كان الكذب ينجي فالصدق أنجى .القصة الثانية : هنيئًا لمن صدق
يُحكى أن رجلان أحدهما يدعى جورج والأخر يدعى مينا تاها في الصحراء ، وظلا يمشيان وقتًا طويلًا حتى لمحا مسجدًا يلقي بظلاله في الأطراف ، فاتفقا على الذهاب إلى هناك وطلب الماء والطعام فقال جورج سأخبرهم أن اسمي محمد لكي يقدموا لي ما لذ وطاب من الطعام والشراب ، أما مينا فرفض الكذب وقال : أما أنا فسأخبرهم باسمي الحقيقي مينا وليكن ما يكون .وصل الرجلان إلى المسجد فرحب بهما الشيخ وسألهما عن اسمهما ووجهتهما ، فقال جورج أنا أدعى محمد وقال مينا : وأنا أدعى مينا تهنا في الصحراء ونبغي بعض الطعام والشراب كي نسد رمقنا ، فابتسم الشيخ المسلم وأمر بالطعام لمينا ثم نظر إلى محمد وقال له : بالطبع يا محمد أنت صائم فنحن في شهر رمضان الفضيل .القصة الثالثة : العصفور الكذاب
فوق شجرة من أشجار الغابة الكثيفة كان يعيش العصفور الصغير في العش مع والديه ، وكانوا كل يوم يخرجون لإحضار الطعام لصغيرهم العصفور ويتركونه في العش حتى يعودان ، وكانت الأم كل يوم تنبه على صغيرها ألا يترك العش مهما حدث خوفًا عليه من الأذى أو الصيد ، وفي يوم من الأيام فكر العصفور الصغير وقال لنفسه : إن والداي يبقيان خارج العش لفترات طويلة ، فلما لا أخرج وألعب ثم أعود إلى العش دون أن يلحظان .وبالفعل خرج العصفور الصغير للعب وحينما عاد سأله والده هل خرجت اليوم يا عصفور ، كذب العصفور و قال : لا لم أخرج قط فأنا مازلت الصغير فاطمئن الولدان على صغيرهما العصفور وفي اليوم التالي خرج العصفور مرة أخرى بحثًا عن بعض المتعة والمرح دون أن يخبر والديه بذلك ، وبينما هو يلعب خرج عليه طائر مفترس يحاول أن يأكله ، أخذ العصفور يبكي ويصرخ طالبًا النجدة .فتجمعت من حوله العصافير وحاولت مساعدته بينما ذهبت بعض العصافير لإخبار والديه ، ولكنهما لم يصدقا كلام العصافير لأنهما كان يعرفان أن ابنهما لا يخرج من العش ولا يكذب أبدًا ، وحينما عاد العصفوران الكبيران إلى العش فوجئا بطفلهما الصغير وهو جريح ، فتعجبا من ذلك وأدركا أن العصافير لم تكن تكذب ولكن طفلهما العصفور هو الذي كان يكذب .فقالت العصفورة الأم : أرأيت ما حدث لك بسبب كذبك يا عصفور لو كنت أخبرتنا بالحقيقة لما كان ذلك الحادث وقع لك ، أنه درس لك ينبغي أن تتعلمه ولا تنساه فالصدق دائمًا ينجي صاحبه بينما الكذب يقوده للهلاك .