قال ديننا الحنيف ، عن لسان رسول الله الكريم ، صل الله عليه وسلم ، أن المؤمن للمؤمن ، كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا ، لذا يجب علينا أن نتمسك ببعضنا البعض ، ونمثل لبعضنا سندًا وقوة ، فالاتحاد قوة ولهذا كانت الأمة الإسلامية ، أقوى من غيرها لفترات طويلة .في الغابة الجميلة ذات الأشجار العالية ، كان يعيش كل من البطة والأرنب والمعزة ، وكانوا يلتقون كل فترة في يوم محدد ، من كل أسبوع بين الأشجار الظليلة ، والورود والأزهار ذات الألوان المبهجة ، ولهذا كان هؤلاء الأصدقاء المتحابين دائمًا ، يلتقون ليطمئنوا على أحوال بعضهم البعض ، فيُسروا لفرحة أحدهم ، ويحزنوا لحزن آخر .وفي أحد الأيام عقب لقائهم ، قال الأرنب لصديقيه الآخرين ، أنهم يجب أن يلتقوا كل يوم ، وليس مرة واحدة كل أسبوع ، فهو يعلم أن المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص ، ويجب عليهم أن يشدوا من أزر بعض ، فسألته المعزة بدهشة بالغة ، عما يقصد حيث لم تفهم معنى الحديث الشريف .فأجابها الأرنب مبتسمًا قائلاً ؛ إنني أقصد يا صديقتي الوفية ، أننا يجب أن نعيش سويًا ، نبني بيتًا بمجهودنا جميعًا ، نعيش بداخله في الغابة الواسعة ، ونحرث أرضًا تجاوره ، لنأكل منها ونستفيد جميعًا من هذا العمل ، فالله تعالى أمرنا ، بأن نتعاون على البر والتقوى ، وألا نتعاون على الإثم والعدوان ، وأن تخطيطنا للعمل سويًا ، والحياة معًا حتى نعتني ببعضنا البعض ، لهو عمل فريد به الكثير من البر .هنا صاحت البطة وهي في غاية السرور ، أن هذا الاقتراح أمر رائع ، وسوف يجعلهم جميعًا سعداء ، بينما صاحت المعزة معترضة ، أن هذا الأمر لا يعد كونه سوى طمع ، فهي تملك حليبًا طيبًا ، ولحمًا طريًا وشعرًا ناعمًا ، ولكن البطة استقبلت حديثها بصدر رحب ، وقالت لا يا عزيزتي أحسني الظن بنا ، فأنا أيضًا أملك بيضًا ولحمًا شهيًا ، هنا قال الأرنب وأنا سريع الخطى ، وشجاع للغاية ويمكنني أن أحرسكما ، ويا عزيزتي المعزة ، لا يجب عليك أن تظنين السوء بإخوتك ، فنحن جميعًا إخوة متحابون ، وقد أوصانا ديننا بألا نظن بأحد منا السوء ، فقد قال المولى عز وجل ، يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن إن بعض الظن إثم .عقب مرور بضعة أيام ، بدأ الأرنب والبطة في بناء كوخ خشبي لهم جميعًا ، بينما ذهبت المعزة لتعيش داخل كوخ صغير وحدها ، فتبيت في كوخها ليلاً ، وتذهب لترعى وتحرث الأرض ، في النهار ، وكانت المعزة تشعر بالوحدة الشديدة ، عقب ابتعاد صديقيها ، فلم تجد من تتحدث معه ، ولا تجد من يروي لها القصص الشيقة ، كما اعتادت منهما تحديدًا .وفي أحد الأيام ، أتى الثعلب الماكر إلى كوخ المعزة ، وهو يمني نفسه بالتهامها وأكل لحمها الشهي ، وطرق الباب متخفيًا في هيئة صديقها الأرنب ، ولما سألت من بالباب ، أجابها أنه صديقها الأرنب الوفي ، وقد جاء يسأل عن حالها ، ويمنحها بعضًا من الفواكه الطرية اللذيذة ، ولكن المعزة نظرت من خلف الباب .فوجدت أقدام الثعلب فصرخت مستنجدة ، أن ينقذها أحدهم من الثعلب الماكر ، هنا سمع صديقيها استغاثتها الشديدة ، فانطلقا نحو الكوخ الذي تمكث بداخله ، واللذان ما إن رآهما الثعلب ، حتى فر هاربًا ، فقد شاهد شقيقين أكثر من مجرد صديقين ، قد همّا بقتله من أجل شقيقتهما ، هنا خرجت المعزة باكية ، واعتذرت منهما على سوء ظنها ، وذهبت برفقتهما لتعيش معهما في الكوخ الجماعي ، فذهبوا جميعًا نحو الكوخ الكبير ، وهم سعداء .