ذات مرة خرج أرنوب من البيت في وقت مبكر ، ثم وقف لبرهة بالقرب من الباب ، حيث كان لا يدري أين يذهب ، فلحقت به أمه قائلة : “أرنوب لا تبتعد كثيرًا ؛ لأن الثعلب يسير في الجوار”، لم يلتفت أرنوب إلى أمه ومضى سائرًا على غير هدى ، فوقفت أمه مذهولة تغمغم :”عجبًا ؛ كأن أرنوب لا يسمعني”.رأى سنجوب صديقه أرنوب ، الذي لم يلتفت إليه ، فهمّ سنجوب كي يلحق به ، وهو يصيح قائلًا :”يا أرنوب ؛ تعالى نلعب” ، ولكن أرنوب أشاح بوجهه عنه على غير عادته ، ثم مضى في طريقه ، فتعجب سنجوب قائلًا :”ما الأمر ؛ آه.. لعلها صديقته الجديدة سلحوفة” ، ومن بين العشب صدر صوت خافت ؛ لعله الثعلب ، وتمنى أرنوب أن ينقضّ عليه الثعلب ليخلصه مما هو فيه .خرجت قطاة من بين الأعشاب ، ثم مضت بعيدًا ، وتابع أرنوب سيره دون أن يعرف إلى أين ، حتى وصل إلى البحر دون أن يدري ، ثم قال :”مسكينة سلحوفة ؛ ما ذنبها كي تموت غرقًا ؟” ، ثم تراءت له سلحوفة وهي تجلس بجواره تحت الشجرة ، وكانت الشمس تسطع بلهبها على البحر ، ثم هبّت نسمة عذبة .تحدث أرنوب وهو يتثائب قائلًا :”سلحوفة ؛ غدًا عيد ميلادي ، وأريد أن تهديني” ، فقالت سلحوفة وهي تمزح ” سأهديك القمر إذا أردت ” ، فأغمض أرنوب عينيه اللتين غلبهما النعاس ثم قال :” لا.. لا ؛ أريد لؤلؤة” ، حينها لمعت عينا سلحوفة وهي تقول :”لؤلؤة!” ، فواصل أرنوب مزاحه وهو غارق في النوم :”اذهبي يا سلحوفة إلى أعماق البحار ، وأحضري اللؤلؤة “.راح أرنوب في النوم وحينما استيقظ لم يجد سلحوفة بجواره ، وحينما رأى وقع أقدامها فوق رمال الشاطئ وهي متجهة نحو البحر في خط مستقيم ؛ جحظت عيناه من شدة الفزع ، وهاهو الآن على الشاطئ ، البحر أمامه والشجرة وراءه ، ثم انتفض قلبه ، حيث أنه سمع صوت لن ينساه ينادي عليه :”أرنوب.. أرنوب”.التفت أرنوب ليجدها سلحوفة ، إنها سلحوفة نفسها تأتي باتجاهه من وراء الشجرة ، فصاح مذهولًا لاهثًا :”سلحوفة.. آه” ، ثم أخذ أنفاسه قائلًا :”ظننت أنك غرقت في أعماق البحر” ، فأجابته سلحوفة :”إنني سلحفاة بحرية” ، ثم صمتت طويلًا ، وتحدثت قائلة فيما بعد :”سامحني يا أرنوب بحثت كثيرًا عن لؤلؤة في أعماق البحر من أجلك ، ولكن دون جدوى” ، فقام أرنوب بضمها بذراعيه قائلًا بصوت فرح محمل بالدموع :”أنت لؤلؤتي يا سلحوفة “.القصة للكاتب : طلال حسن