لقد وعد الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بدخول جنات النعيم ، وقد تحدث الرسول الكريم صلّ الله عليه وسلم عن الجنة وعن مدى جمالها الذي لا يمكن لبشر على وجه البسيطة أن يتخيله ، ذات مرة اجتمع الرسول صلّ الله عليه وسلم بالصحابة بعد أداء فريضة صلاة العصر .قام الصحابة بعد صلاة العصر بتسبيح المولى عزوجل وحمده تعالى على نعمه التي لا تعد ولا تحصى ، ثم كبرّوا ودعوا الله تعالى أن يمنحهم العافية في الدنيا ويُدخلهم الجنة في الآخرة ، وبعد أن انتهوا من هذه الحالة الإيمانية وجدوا رسول الله صلّ الله عليه وسلم يبتسم إليهم وكأنه يبعث الطمأنينة والسكينة في نفوسهم .انتظر الصحابة ما قد يخبرهم به رسول الله ليبشرهم البشرى التي بدأها بابتسامته الجميلة عليه أفضل الصلاة والسلام ، فقاموا بمبادلته الابتسامة ثم قال : أراكم تسألون الله الجنة ؛ أفتعلمون ما فيها ؟ ، فأجاب الصحابة أن الله ورسوله أعلم ، فأخبرهم رسول الله صلّ الله عليه وسلم أن الله تعالى قد قال :”أعددتُ لعبادي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر”.ثم طلب الرسول صلّ الله عليه وسلم من الصحابة بعد ذلك أن يقرؤوا إن شاءوا الآية الكريمة التي يقول فيها الله تعالى : “فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ “.ثم سأل الصحابة عن أول مَن سيدخلون الجنة ، فأجابهم الرسول صلّ الله عليه وسلم واصفًا إياهم في قوله” أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر” ، فتابع الصحابة أسئلتهم قائلين : ثم مَن يا رسول الله ؟ ، فأجابهم الرسول الكريم بقوله : “والذين على إثره كأشد كوكب إضاءة” ، طلب الصحابة من رسول الله أن يصف لهم هؤلاء القوم وهؤلاء القوم في قولهم : فما صفات هؤلاء وهؤلاء ؟قام الرسول صلّ الله عليه وسلم بالإجابة غلى سؤال الصحابة في قوله الذي يذكر فيه صفات أهل الجنة :” قلوبهم تملؤها المحبة ، وكأنهم على قلب رجل واحد ، لا اختلاف بينهم ولا تباغض ، لا يبصقون فيه ، ولا يتمخّطون ، ولا يتغوّطون ، آنيتُهم فيها الذهب ، أمشاطُهم من الذهب والفضّة ، يتبخرون بعود الصندل ، وعرَقـُهم المسك الزكيّ الرائحة ، ولكل منهم زوجتان يُرى مُخّ سوقهما من وراء اللحم من الحُسن ، يسبحون الله بُكرة وعشيّاً “.احتاج الصحابة أن يزدادوا اطمئنانًا فقاموا بسؤال رسول الله صلّ الله عليه وسلم عن أعداد هؤلاء أصحاب الجنة من خلال سؤالهم القائل : أهم كُثر يا رسول الله ؟ ، وهنا أجابهم الرسول قائلًا : سبع مئة ألف ؛ لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم ؛ فأبواب الجنة عريضة تضمهم جميعًا ، يدخلون بغير حساب .وفي ذلك الوقت قام أحد الصحابة ويُدعى عكاشة بن مِحصن بسؤال رسول الله صلّ الله عليه وسلم أن يدعو له أن يكون ضمن هؤلاء الذين وصفهم رسول الله من أهل الجنة ؛ فأجابه رسول الله أنه منهم ، فحمد عكاشة الله حمدًا كثيرًا على هذه البشرى التي فاقت كل الحدود .طلب الصحابة من رسول الله صلّ الله عليه وسلم أن يزيدهم توضيح في حديثه عن الجنة ، فقال الرسول الكريم : “إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلالها مئة عام لا يقطعها ، واقرؤوا أن شئتم (وظل ممدود) ، ولقاب قوس أحدكم في الجنة خير مما طلعت عليه الشمس أو غربت ، وإن موضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها”.وهنا سأل الصحابة عن منازل المؤمنين في الجنة قائلين : وهل منازل المؤمنين فيها متساوية ؟ ، فأجاب هم رسول الله صلّ الله عليه وسلم بقوله : لا والذي نفسي بيده ؛ إنها منازل رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين ، حينها قام الصحابة بالتضرع بالدعاء إلى المولى عز وجل في قولهم : ربنا ؛ آمنا بك إيمانًا يزداد بك يقينًا ، وصدقّنا رسولك الكريم ، فاكتبنا في أهل الفردوس الأعلى ، وارزقنا الغرف في عليين .