يُروى أنه اتفق لغنيٍ أنه توجه ذات ليلة إلى ضيعة له ، فانتهز خدمه الذين ضاقوا ذرعًا من سوء معاملته ، فرصة غيابه ، واحتالوا في فتح خزانته ، وسلبوا ما فيها من الحلي والنقود ، واقتسموه بينهم ، وأعادوا الخزانة إلى حالتها .تهديد بالحبس والقتل :
فلما عاد وفتحها وجدها خالية ، فأخذ يفكر في الفاعل فلم يجد سوى الخدم ، فأراد استمالتهم لإعادة المال فلم يفلح ، فهددهم بالحبس والقتل ، فلم يجد من يعترف ، فرفع أمره إلى القضاء وليس لديه من شاهد ، فلم تثبت عليهم الجناية .ناصح أمين :
ولما شكا حاله إلى أحد إخوانه العقلاء ، قال له : حقًا لقد أساء إليك هؤلاء الخدم الجهال ، ولكن الأجهل منهم هو الذي يخزن ماله ، ويحرم نفسه وعياله .. ولقد أصاب من قال :قد كتب الله على الحريـــــص .. أن يترك الأموال للصوص ..سوء عاقبة البخل :
ويروى أنه قال الحسن البصري : لم أر أشقى بماله من البخيل ، لأنه مهتم بالدنيا بجمعه ، غير آمن الدنيا من همه ، ولا ناجٍ في الآخرة من إثمه ، عيشه في الدنيا عيش الفقراء ، وحسابه في الآخرة حساب الأغنياء .زيارة الحسن لعبد الله الأهتم :
ويحكى أنه : دخل الحسن رضيّ الله عنه على عبدالله بن الأهتم يعوده في مرضه ، فرآه يصعد ببصره ويصوبه إلى صندوق في زاوية بيته ، ثم التفت إليه وقال : يا أبا سعيد ، ما تقول في مائة ألف في هذا الصندوق ، لم أؤد عنها زكاة ولم أصل منها رحمًا ؟قال رضيّ الله عنه : ثكلتك أمك ، ولمن كنت تجمعها ؟! قال : لصروف الزمان ، وطوارئ الحدثان ، وجفوة السلطان ، ومكاثرة العشيرة ، ثم مات فشهد الحسن رضيّ الله عنه جنازته .وصية للوارث :
فلما فرغ من دفنه ، ضرب بيده على القبر ، وقال إلى وارثه : أيها الوارث لا تخدعن كما خدع صاحبك بالأمس ، أتاك هذا المال حلالاً ، فلا يكونن عليك وبالاً ، أتاك عفوًا صفوًا .. فمن كان جموعًا منوعًا ، من باطل جمعه ومن حق منعه ، قطع به لجج البحار ، ومفاوز القفاز ، لم تكدح لك فيه يمين ، ولم يعرق لك فيه جبين .إن يوم القيامة ذو حسرات ، وإن من أعظم الحسرات غدًا أن ترى مالك في ميزان غيرك ، فيا لها من عثرة لا تقال ، وتوبة لا تنال ، ولله در من قال :وما ضــــاع مال ورث الحمد أهله … ولكن أموال البخــــــيل تضيعآيات من كتاب الله عن ذم البخل في الإسلام :
قد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ، بسم الله الرحمن الرحيم : الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا .. صدق الله العظيم .. الآية 37 من سورة النساء .قد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ، بسم الله الرحمن الرحيم : وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُور (29) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30) وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31). صدق الله العظيم .. الآية 29 ، 30 ، 31 من سورة الإسراء .