لا تضحك على هذه القصة لأنها ممكن أن تحدث لك ! عندما أيقظوا صديقنا على وجه السرعة ليقولوا له في الهزيع الآخر من الليل : إلحق على الفور .. سيارتك غرقت! .. كان لا بد أن يصاب بتلك الحالة المذهلة من عدم الفهم ، فهو لم يترك سيارته على كورنيش البحر لأنه ليس مقيمًا على البحر أساسًا ، ولا على كورنيش النيل لأنه ببساطة يقيم في أعمق أعماق حي شعبي في وسط المدينة .كيف يحدث ذلك :
تكرار الجملة : إلحق على الفور .. سيارتك غرقت !.. جعله يخرج من حالة عدم الفهم الطارئة ويستدير هارعًا إلى غرفته ليرتدي شيئًا ويسرع لينقذ سيارته من الغرق ، لكنه بعد أن تذكر أنه ركن سيارته الكورية الجديدة في جراج قريب من بيته ليلة أمس !قرر أن يتوقف ليسأل سؤال مهم : كيف تغرق ؟حارس الجراج :
عندما وقف صديقنا مذهول أمام الجراج الذي غمرته المياه ، التي تدفقت نتيجة انفجار ماسورة المياه الرئيسية في المنطقة ، على حين غرة ، كان عامل الجراج يحكي له وهو يبكي ، كيف صحا من النوم ليجد نفسه عائمًا في المياه : كنت أحلم أني دخلت إلى دورة المياه ، لكني كنت أغرق بالفعل !الجيران والنجدة ووثيقة التأمين :
بينما كان ثلاثة من الجيران يتناقشون حول الجهة التي يجب أن نستنجد بها في هذه الحالة : المطافي أم وزارة الري أم المحافظة ؟ لكن جارًا رابعًا حسم النقاش عندما قال أحدهم أنه يعرف ضابطا في أمن الدولة ، الجميع صمتوا عندما رفع صديقنا رأسه إلى السماء وأخذ يصرخ بهستريا : كيف تغرق ..أريد أن أفهم كيف تغرق ؟ولما قال له أحد المارة : وحد الله ، إذا كانت تايتانك غرقت ، سيارتك لن تغرق ، كاد صديقنا أن يفتك به ، ليس لأن المقارنة كانت متعسفة فهو لم يركن سيارته في الأطلنطي ، بل لأن صوت الرجل ذكره بأنه نسي وثيقة التأمين في تابلوه السيارة .الانتحار والإنقاذ :
الذين منعوه من أن يرمي نفسه في بحر الظلمات المندفع في الجراج ، ليغرق الشوارع المحيطة بالمكان لم يعطوه فرصة ليشرح لهم الأمر ، فقد ظنوا أنه قرر أن ينتحر كُفرًا ولذلك وضعوا أيديهم على فمه لكي لا يتفوه بعبارات تخرجه من الملة ، عندما قال أحدهم : وحد الله يا أخي ، وحاذر أن تكفر ، ألست مأمن عليها ؟ فوجئ بصديقنا ينقض عليه ، ثم قام بلعن الجميع ، وترك المكان وهو ينتقض الناس !الحبس للسيطرة على الموقف :
وحدها قوات مكافحة الشغب هي التي تمكنت من السيطرة على صديقنا ، والتحفظ عليه في مكان أمين لحين انتهاء السيد الوزير المحافظ من زيارة موقع الجراج الغارق ، وإبلاغ الأهالي تضامن السيد الرئيس وتبرعه بخيام وبطاطين للناجين !فك الكرب :
بعد أيام من إطلاق سراحه ، وعندما قال صديقنا لموظفي شركة التأمين إن سيارته غرقت طلبوا له زجاجة مياه غازية ونصحوه بأن يقول دعاء فك الكرب عشر مرات ، بعد ثوان كان الجميع قد تحلقوا لمنعوه من قطع شرايينه ببواقي زجاجة المياه الغازية التي كسرها على رأس المدير ! الذي قاله له بصوت أبوي : إن وثيقة التأمين لا تغطي سوى حوادث التصادم وحوادث الحريق والسطو فقط ، وإنه يمكن أن يخدمه لو أتى بشهادة تثبت أن سيارته كانت عبّارة !أموال التأمين ضد الحريق :
بعد أيام تدخل من الأجهزة المعنية ، وقيامها بشفط المياه من الجراج وانتشال السيارات الغارقة بناء على توجيهات السيد الرئيس ، أخذ الجميع يضربون كفًا على كف حزنًا على زينة شباب المنطقة وهم يشاهدونه يرقد ذاهلاً عما حوله إلى جوار عربيته التي لم يفرح بها صارخًا فيها بصوت عالي يقطع القلوب : وحياة اللي بنى البنية الأساسية أول ما تجفي ، سوف أضرم النار فيكي وأقبض أموال التأمين ضد الحريق !