إن التاريخ لا ينسى أبطاله بالطبع ، ويعد الشيخ المناضل ناصر بن دغيثر من أهم رجال مرحلة البناء والتأسيس وبطلًا من أبطال الجزيرة العربية ، في بداية حياته التحق بالجيش العثماني ثم جيش الشريف حسين ثم ترك الخدمة العثمانية ليعمل تاجرًا للجمال والسلاح ، له بطولات مشهودة على أرض المعارك التي دارت بين كل من العرب والفرنسيين في عشرينيات القرن المنصرم .ولد ناصر بن علي ابن دغيثر في العام 1309هـ وعاش عمرًا مديدًا حسب روايات معاصريه ، حتى توفي في المستشفي العسكري بمدينة الرياض في العام 1407هـ ، توفى والده وهو طفل صغير ثم ارتحل للحجاز لأداء مناسك الحج وهو بعمر الأربعة عشر عامًا ، كان يرعى الإبل ويساعد الحجاج مقابل مبلغ بسيط من المال ثم انتقل بعد عام من أداء مناسك الحج للحجاز وسافر للمدينة المنورة ، وهناك عمل عند ابن جوعان من رجال الكويت المقيمين بالمدينة .ثم بعد ذلك عمل في تجارة بيع الأقمشة لدى أحد الأهالي القصيم في المدينة المنورة ، ثم تنقل بأعمال متنوعة حتى يلتحق بالأخير بالجيش العثماني والذي كان يواجه قوى الحلفاء إبان الحرب العالمية الأولى ، ومع ظهور القطار كان يتنقل به بين المدن التركية والسورية ، في هذه الفترة التحق بالجيش النظامي تحت قيادة عبدالله بن فيصل وعمل حارس على الخط الحديدي ومعه 300 هجان وكان شيخهم عبدالله بن دخيل .ثم ترك الخدمة عند العثمانين وعمل بالتجارة فكان يبيع السلاح والإبل ، أثناء عمله كان يجلب السلاح اليوناني والإيطالي بالسفن عن طريق البحر ويسير بها برًا حتى يصل إلى ميناء رابغ لكي يسلمها لشخص أخر .وفي عام 1333هـ مع بوادر الانشقاق بين الشريف حسين والعثمانيين انضم للجند تحت إمرته ، وتوالت الأحداث والحرب مع العثمانيين ، وانساق العرب خلف الوحدة العربية ودخلوا في مواجهة مع الدولة العثمانية ، وقام ابن دغيثر بتعطيل خط السكة الحديدية ، أخذ المفاتيح الخاصة بالتفكيك وقام بتفكيك البراغي الرابطة بين الوصلات الحديدية بالتالي انقطعت خطوط تمويل العثمانيين .ثم ذهب مع 100 فرد من الهجانة وقام بقطع الطريق المؤدي للمدينة المنورة ، حتى يعوق تقدم الجيش العثماني ويقطع عنهم التمويل ، ولكن الأتراك هاجموا جيش الشريف حسين وتم قتل 900 رجل منهم 800 من البدو ، اتجه مع بعض الرجال وسيطروا على العقبة ، كان له دور بطولي مشهود في المعارك العربية أيضًا في فترة الحرب العالمية الثانية ، في المعارك التي دارت بين العرب والفرنسيين .فقد أبلى القائد بلاءًا حسنًا في معركة ميسلون هذه المعركة التي كتب عنها العديد من الكتاب والمؤرخين ، شارك فيها بقيادة قوة عسكرية من نجد عام 1334هـ كان قائد العقيلات بالمعركة وعنده وصوله مع الجيش لأرض سوريا استولى على مدينة حمص ثم حماه وحلب ، ثم أمره فيصل الشريف بالتوجه لدير الزور ومعه الهجانة واستلموها دون قتال من الدولة العثمانية ، وظلوا فيها قرابة الشهرين .ومع نهاية الحرب وتنصيب الملك فيصل بين الحسين ملك على سوريا كلفه الشريف حسين أن يجند الهجانة الذين شاركوا في معركة ميسلون عام 1339هـ ، وبالفعل اختاروا 500 جعل ابن دغيثر على كل مائة هجان منهم ضابط وكان هو القائد العام للجيش .ودارت المعارك بين الجيش النظامي الفرنسي وجيشه كادت المعركة أن تنتهي لصالحهم لولا نفاذ العتاد ، ففكر في حيلة للخلاص ، فأمره جنود بإطلاق الجمال فلما رأوها الفرنسيين أيقنوا أن الجنود فروا فجروا ورائها فتبعهم الجنود وقهروهم ولكن المعركة تحولت بتحليق الطائرات الفرنسية تضرب أهل نجد بالقنابل خشى عليهم من الآسر والإبادة فأمرهم الخروج من الوادي وبعدها علقت صورة ناصر بن دغيثر في ساحة المرجة بدمشق وهو يمتطي جواده ويشهر سيفه وتحتها بطل ميسلون.وبعد الانتهاء من المعركة عاد إلى القصيم ظل بها فترة ثم سافر للمدينة المنورة ، مارس التجارة وعمل كجمال ، وبعد فترة بلغه وزير المالية أمر الملك عبدالعزيز بتعينه قابض للزكاة في الحناكية التابعة لإمارة المدينة المنورة ، مكث فيها فترة ثم انتقل إلى السويرقية ومنها إلى الجوف بأمر من الملك عبدالعزيز رحمة الله ، ثم كلفه المؤسس بتحصيل الرسوم من الحجاج .الوفاة :
بعدما تقدم الشيخ بالعمر تفرغ للحياة الخاصة وتقاعد كان له مجلسًا من وجهاء بلدته يتسامرون ويتناقلون الأخبار وبعدما قارب المائة من عمره شكى الأوجاع تم نقلة للمستشفى العسكري بالرياض ليموت فيها في السادس عشر من ديسمبر في العام 1986م الموافق الخامس عشر من شهر ربيع الثاني لعام 1407هـ .