الواعظ والشيخ والداعية الذي سخر كل شيء لخدمة نشر العلم والدعوة إلى الله وخاصة في المنطقة الجنوبية ، ساهم في إحداث نهضة تعليمية كبرى في جنوب المملكة هو الشيخ عبدالله بن محمد بن حمد بن محمد بن عثمان القرعاوي ، ولد الشيخ في 11 من ذي الحجة لعام 1315هـ الموافق 13 مايو لعام 1897م نشأ يتيم الأب في منطقة عنيزة بالقصيم تولى رعايته عمه عبدالعزيز بن حمد القرعاوي ، أما عن نسبه القرعاء فلأن جده سكن القرعاء من قرى القصيم الشمالية .عمل في بداية حياته بالتجارة مع عمه عبدالعزيز ولم يتفرع لطلب العلم إلا بعدما كبر بالعمر ، التحق بمدرسة عنيزة والتي تعلم فيها القراءة والكتابة ثم سافر للهند بحثًا عن التجارة لما رجع من الهند قدم للرياض وقرأ عند الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبداللطيف آل الشيخ ، وذهب لأحساء ليتعلم على يد الشيخ عبدالعزيز بن بشر ومنها لقطر عند الشيخ محمد بن عبدالعزيز المانع الذي قرأ عليه الحديث .وبعد رحلته رحل إلى بريدة ليتلقى العلم عند الشيخين عبدالله بن سليم وعمر بن سليم ، وترك عمله بالتجارة وانصرف تمامًا لطلب العلم ورحل للهند لدراسة في المدرسة الرحمانية بدلهي وتلقى علوم الحديث من أهل السنة بالمغرب ، واستمر يتلقى العلم حتى مرضت والدته فعاد إلى عنيزة ولكنها توفيت قبل الوصول فعاد للهند لاستكمال الدراسة والتعلم درس اللغة العربية والحديث والفقه والتاريخ والتوحيد والإملاء والإنشاء والخط والحساب عند الشيخ عبدالله بن أمير القرشي الدهلوي وحصل على إجازة كتب الحديث ثم عام 1355هـ رحل لفلسطين ومصر طلبًا للعلم وكذلك الأردن والعراق والكويت ثم رجع لبلدته عنيزة وكان مجودًا للقرآن الكريم وكان يمتع بصوت رخيم وبدأ في الدعوة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .بعدما لازم الشيخ عبدالله القرعاوي الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي المملكة آنذاك طلب الملك عبدالعزيز رحمه الله منه من يتوجه للجنوب ليكون مرشدًا ومعلمًا بأمور الدين فاختاره الشيخ لتلك المهمة وتوجه لجنوب المملكة وأخذ الشيخ معه بضاعة إلى صامطة ونزل بأحد الدكاكين وبدأ بوضع البضاعة وكان أول الأمور التي بدأ بها في الدكان تعليم القرآن الكريم ، والأصول الثلاث والأربعين النووية والفرائض وآداب المشي للصلاة والتجويد ، وتحول الدكان لمدرسة حكومية ثم توجه لفرسان وافتتح مدرسة ثم مزهرة قرية الحكميين وافتتح بها مدرسة ومسجد ثم إلى صامطة لافتتاح مدرسة ثانية .التقي خلال رحلته بكوكبة من العلماء والشيوخ والذين ساهموا معه على نشر العلم وحفظ القرآن الكريم ، تزايدت المدارس والمساجد التي أنشائها ، في العام 1367هـ أمر الملك سعود ولي العهد حينها بإرسال إعانة كبيرة للشيخ ولاقت المدارس السلفية في صامطة كل الاهتمام والدعم من الملك عبدالعزيز خصص لها إعانة سنوية قدرها 36 ألف ريال وأقر رواتب للمدرسين وصرف مكافآت شهرية للطلاب لتشجعهم على العلم والتعلم واستمرت الإعانات لعهد الملك سعود رحمه الله والذي أمر بما يقرب من أربعة ملايين ريال .انتشرت المدارس في عسير وتهامة والليث والقنفدة والباحة وصل عدد مدارس الجنوب نحو 1300 مدرسة ، قسم الشيخ منهج الدراسة لقسمين قسم خاص بالمبتدئين وآخر للمتقدمين وفي كل الأقسام يتم تدريس القرآن الكريم والتوجيد والتوحيد والفقه والحديث ومصطلح الحديث وعلوم السيرة النبوية العطرة والحساب والخط والإملاء والنحو والصرف والبلاغة بالتدريج مع القرآن الكريم وحفظ المتون ، أدت المدارس لنشر العلم وبناء المؤسسات الدينية والتعليمية في المنطقة وفي عام 1380هـ صدر الأمر بضم مدارس الشيخ لوزارة المعارف لتوحيد التعليم في البلاد وواصل تأثير المدارس داخل اليمن .إلى جانب التعليم ونشر الدعوة كان الشيخ يقوم بالمشروعات الخيرية كحفر الآبار في القرى في منطقة جازان وفي بعض قرى الحجاز والمناطق الجبلية والساحلية بالجنوب ويعمل على تركيب الأجهزة لاستخراج المياه بجانب معالجته للأمور العقائدية ودحر البدع والخرافات .وفاته :
مرض الشيخ مرضًا شديدًا في 27 من صفر عام 1389هـ وتم نقل للرياض وأدخل المستشفى المركزي بالشميسي وتوفاه الله تعالى يوم الثلاثاء في الثامن من شهر جمادى الأول عام 1389هـ عن عمر يناهز 74 عامًا ودفن بمقبرة العود بالرياض فرحمه الله رحمه واسعة لما قدمه لبلادنا من خير ..